يحكى أن يهوديا تظاهر بالمرض فألقى بنفسه في طريق يربط بين قريتين . فمر به فارس عربي على جواد أصيل. فراح اليهودي يبكي و يشكي و يتأوه، يظهر التمارض، و يطلب من العربي أن يحمله معه على الجواد.
رقّ له العــــــــربي، و أردفه خلفه. و فيما هما يسيران في الطــــريق، قال اليهودي للعــــــربي: ما أســـــرع جوادك هذا؟
رد عليه العربي: نعم، إنه جواد عربي أصيل.
ثم مضيا في طريقهما.
قال اليهودي بعد برهة من الزمن: هذا جواد سريع و أصيل.
رد عليه العربي: قلت لك إنه جواد عربي أصيل. و لاحظ العربي أن اليهودي لم يعد ينسب الجواد لصاحبه، بل جعله مشاعا؛ فمرّرها له.
ثم سارا فترة من الوقت.
فقال اليهودي - و قد بدأ يمارس خسة الطبع و الغدر التي جبلوا عليها، فقال: جوادنا هذا أصيل.
هنا وقف العربي؛ و قال لليهودي: أنزل من ظهر الجواد يا لئيم. ما بقي إلا أن تقول في المرة القادمة: إن جوادي أصيل، و تدعي ملكيته ..!!
الكيان اللقيط اليوم بكل وقاحة العالم و جرم الدهور، يدعي ملكية الأرض و الجواد، و لا يقر للمالك الحقيقي بشيئ، لولا أن العربي الأصيل دمدمها عليه بالطوفان مستعصما بالله، غير متنازل عن حقه، و غير عابئ بمنبطح هنا،أو متخاذل هناك، بل إنه رسم للمفجوعين، و المفزوعين طريقا بيّنا أبلج لكيفية الوصول لانتزاع الحقوق" فاعتبروا يا أولي الأبصار" و لا تخذلوا الطوفان.
و إذا كان الشيئ بالشيئ يذكر؛ فإنه تتسرب سلوكيات دخيلة في بعض المجتمعات؛ فمثلا : ينهض شعب بثورة ضد مستعمر، أو لمقاومة مستبد، أو في وجه مشروع كهنوتي مُدّع لمزاعم خرافية بأحقية إلٓهية في الحكم، و في المقابل يقف الشعب، أو فئـات من المجـــــتمع تؤدي واجب مقاومة ذاك الاستعمار، أو مناهضة الاستبداد، أو رفض الادعاء الخرافي بامتلاك الحق الإلٓهي، و الاستعـلاء بادعــاء الأفضلية العـرقية... و هنا يتوارى البعض، و آخرون في المجتمع يؤيدون المستعمر، أو يتملّقون المستبد، أو يناصرون مدعي أفضلية السلالة.
يستمر الكفاح، فتنتصر الثورة و المقاومة على المستعمر، أو المستبد، أو ادعياء السلالة، حينها يقفز أولئك الذين أيدوا الاستعمار، من المتملقين ، أو المناصرين للباطل، يتقمصون الثوريه، و يدعون أنهم من تصدى و كافح، و أنهم المقاومون ! و ليتهم يقفون عند هذا الادعاء الكاذب، و إنما يتمادى بهم الافتراء حد تخوين المقاومين الصادقين، و التشكيك بمواقف الثوار و المجاهدين، و كيل التهم بشتى صنوفها للأحرار ، حدّ السعي للإيقاع بهم ..!!
تبا لذلك اليهودي الجشع الذي تمسكن، و تمارض ليحمله العربي على جواده شفقة به، فإذا هو يسعى للتملك بالجواد، ليصل بالافتراء للاستيلاء على الجواد، لولا يقظة العربي الذي حسم الأمر قبل أن يصل الافتراء و التزوير إلى غرضه.
هنا يجب الحذر من أن يُزَوّر التاريخ، و تُقلب الحقائق ..!!