كم هي مقززة، و مداعاة للسخرية تلك التصريحات التي تتداولها العواصم المسكونة بالنزعة الاستعمارية؛ عندما تزعم أنها مع تحقيق تطلعات الشعب الفلسطيني في غزة بعد الحرب، و لكن بدون حماس ..!!
بصرف النظر عن تناقض التصريح الغبي الذي يتقمص العدل في جزئه الأول بتحقيق تطلعات الشعب الفلسطيني، و نهايته تنسف ما تدعيه بالجملة يوم تشترط إبعاد المقاومة.
إن تطلعات الشعب الفلسطيني تتبناها،و تترجمها المقاومة الفلسطينية بكل فصائلها، و إن كانت حماس تأتي في المقدمة.
إن غزة بمن فيها، و الشعب الفلسطيني بأسره طموحه يتمثل بالتحرير، و بات عنوانه: طوفان الأقصى، و كافة الشعب مقاومة، و غباء تلك التصريحات الاستعمارية؛ حين تتحدث عن تحقيق تطلعات الشعب الفلسطيني بعيدا عن حماس، إنما تعني: تحقيق طموحات الشعب الفلسطيني بعيدا عن الشعب الفلسطيني ..!!
ليست أكثر من تصريحات مضـــللة، و مخــادعة، و كاذبـــة، و معادية للشعب الفلسطيني.
تعلم عواصم الاستعمار أن غزة بطوفان الأقصى هي من أعادت القضية الفلسطينية إلى واجهة الأحداث، و ليس أحد غيرها، و تعلم هذه العواصم أن لهذا الطوفان، و هذه المقاومة قيادات هم من قادوا إعادة القضيّة الفلسطينية إلى المكان اللائـق بها، و هو ما - أغاظ تلك الــــــدول- بعد أن كانت تلك العواصم الاستعمارية المتحجرة تريد دفنها.
ثم يتجمع الغباء الاستعماري كتلة واحدة عندما يتجرّأُ بغباء أن يطلب إخراج تلك القيادات التي رسمت البطولة الفذة من قطاع غزة،و أسقط مخططات الاستعمار .
بأي عنجهية تفكر هذه العقلية، و من أي عصر غابر بُعث أصحاب تلك الآراء و التصريحات !؟
مشكلة عواصم الاستعمار، أنها مفتونة بالتسلط، و مسكونة بالكبر والغرور ؛ و أنها لم تستطع بعد؛ أن تتخلى عن تاريخها الاستعماري الدموي الأسود، و تحلم أبدا أن تبقى في موقع التحكم و السيطرة،و الوصاية.
لقد تعزز وعي الشعوب، و تنامت ثقافتها، و ترسخت أهدافها في الحرية، و هو ما لم تستوعبه -بعد- و لم تقتنع به تلك العواصم الاستعمارية، التي ماتزال تعيش وهْمَ عهود الهيمنة الاستعمارية، و عقلية قانون الغـــــاب. و كل ما تفتّقت عنه عبقريتها أنها تقمّصت ادعاء حقوق الانسان تمويها و خداعــا ، و قِناعا تستر به أنياب، و مخالب نفسيتها الاستعمارية.
إن ما يجب أن تفهمه المشاريع الغــــــــابرة، و العقليـــــات الاستعمارية؛ أن غزة لم تعد مجرد مدينة ، أو قطاع ، و إنما صارت مركز ثورة تحمل مشروعا كامل الأركان، و تقدم تجربة واضحة المعالم، ملموسة النتائج، ناجحة التطبيق، و يستحيل أن تبقى تجربة غزاوية فحسب، بل و يستحيل-حتى- أن تبقى تجربة عربية فقط ، أو أن تقتصر تجربتها على شعوب المنطقة، و إنما ستغدو تجربة واسعة الأرجاء، عابرة للحدود، و القارات.
و إن كان أولَ و أَوْلى من يجـب أن يستفـيد منها هم أهلهــا و أشقاؤها، و إن أولى من يجب أن ينميها و يعززها و يدعمها، و يتبنى نشر تجربتها الأقربون، فقد ولّت عصور الظلم، و عهود الاستكانة، كما ولّت و إلى غير رجعة؛ أكذوبة الجيش الذي لا يقهر.
لغزة تجربة، و لها مشروع، و لديها أهداف، و على عواصم الاستعمار أن تعترف أن عصاها قد كُسرت، و مزاعمها في الحقوق و الإنسانية قد تعرت و فضحت، و ليس أمامها إلا أن تعترف، و تسلم بحق الشـــــعوب في الحـــــــرية و الســــلام، و الاستقلال، و تتخلص من نفسياتها الاستعمارية المريضة.