هبوط العنيد "شعب إب" إلى الدرجة الثانية يفجر غضب الجماهير (تقرير)

هبوط العنيد "شعب إب" إلى الدرجة الثانية يفجر غضب الجماهير (تقرير)

 

تعرضت جماهير فريق اللواء الأخضر والنادي العنيد "شعب إب" لصدمة كبيرة وحزن عميق عندما تم الإعلان عن هبوط الفريق إلى دوري الدرجة الثانية في كرة القدم، مساء الأمس، وذلك بعد هزيمته المدوية أمام فريق شعب حضرموت في المباراة التي أقيمت في ملعب وحدة صنعاء. ولم يكن الغضب والحزن مقتصراً على المدرجات فقط، بل امتد إلى شوارع صنعاء المجاورة، ومنها إلى محافظة إب التي ينتمي إليها النادي العريق، ويحمل اسمها في ميادين كرة القدم ومختلف البطولات الرياضية.

فريق شعب إب نافس كثيرا على الألقاب، وحقق العديد منها خلال العقود الماضية، وصال وجال في ميادين الساحرة المستديرة مقارعا الكبار، وكان خصما عنيدا لهم، غير أن الوضع الذي وصل إليه النادي خلال السنوات القليلة الماضية وتحديدا منذ سيطرة مليشيا الحوثي المحافظة وتدميرها لكل البنى التحتية الرياضية فضلا عن استغلالها موارد الأندية والسيطرة الفعلية عليها، أصاب الحياة الرياضية بمقتل، وكان لفريق شعب إب النصيب الوافر من تلك التبعات الكارثية، إذا أن حال النادي لا يسر منافسيه، ولسان حاله يقول "ارحموا كبير قوم ذل".

جماهير نادي شعب إب التي تعد الأكبر داخل اليمن، وفقا لاستطلاعات رأي، لم يخطر ببالها، بل لم تفكر أن يصل الفريق الأول لكرة القدم لمرحلة الهبوط، بالرغم من المؤشرات التي كانت واضحة للعيان خلال الثلاث السنوات الماضية، إذ إنه نجا العام الماضي من الهبوط بعد خوضه مباراة فاصلة مع شباب الجيل وفوزه بركلات الترجيح آنذاك، غير أن تلك الجماهير رأت في تراجعه آنذاك كبوة جواد تستلزم التصحيح والعودة مجددا وهو ما لم يؤخذ بالحسبان من قبل إدارة النادي التي لا تعرف الرياضة، ولا تربطها أي علاقة معها، سوى الاستحواذ على إمكانات النادي والعبث بإيراداته الكبيرة وترك الفرق الرياضية المختلفة فيه لبركات الحظ وجهود اللاعبين الذين ترك الكثير منهم اللعب، واتجه إلى العمل بحثا عن مصدر رزق يوفر منه لقمة العيش لأسرته بعد أن حرمته إدارة النادي أبسط الحقوق.

 

فوز وحيد ودفاع الشعب الأضعف

تأسس نادي شعب إب بعد عام من قيام ثورة الـ 26 من سبتمبر 1962، وكان ملاذا لرياضي المحافظة الذين انخرطوا في صفوف النادي الذي كان للفقيد الراحل الشيخ عبدالعزيز الحبيشي دورا في تأسيسه مع ثلة من نجوم الرياضة آنذاك، والذين من بينهم الكابتن علي العطاب ود. رشاد البعداني ومحمد الغرباني والكابتن أحمد الضراب وآخرون.

نافس نادي الشعب كثيرا على البطولات خلال العقود الماضية، ووصل منصات التتويج في عديد المرات، وحقق بطولة الدوري قبل الوحدة لمرتين، فيما حقق بطولة الدوري أيضا بعد الوحدة لثلاث مرات في (2002، 2003) و (2003ـ 2004) و(2011 – 2012)، كما حقق بطولة رئيس الجمهورية في 2001ـ 2002، و2002ـ 2003م.

وفي عام ٢٠١٣، فاز شعب إب بكأس السوبر (الذي يجمع بطل الدوري وكأس الرئيس)، على حساب أهلي تعز بركلات الترجيح بعد انتهاء المباراة بالتعادل بهدف لمثله.

وخلال منافسات مرحلة الذهاب في سيئون والإياب في صنعاء للمجموعة الثانية كان فريق شعب إب الأضعف والأسهل من بين فرق المجموعة وهي "وحدة صنعاء وشعب حضرموت واليرموك وفحمان أبين وسلام الغرفة"، إذ لم يحقق الفوز في مرحلتي الذهاب والإياب إلا في مواجهة سلام الغرفة في الجولة الثالثة من إياب دوري الدرجة الأولى، وتحصل على فوز آخر دون مواجهة بعد تغيب فريق وحدة صنعاء في أولى مواجهات مرحلة الذهاب، وتعادل في مواجهتين، وخسر ست مواجهات، وتلقت شباكه  تسعة عشر هدفا كأضعف فريق دفاع، وسجل 13 هدفا طوال مرحلتي الذهاب والإياب.

 

بلا ملاعب

وتعاني أندية أب، وأبرزها ناديا الشعب والاتحاد، من انعدام البنى الرياضية في المحافظة التي ليس فيها ملاعب تتناسب لإقامة مباريات أو التدريب عليها، خصوصا أن الاستاد الرياضي تحتله مليشيا الحوثي منذ سيطرتها على المحافظة منتصف أكتوبر 2014م، ولا يسمح للأندية بالدخول إليه، واحتكرته المليشيا لإقامة أنشطتها الطائفية وفعالياتها المختلفة، فيما ملعب الكبسي هو الآخر تصحر وتحول لملعب ترابي طيني لا يتناسب مع أي نشاط كروي، ما جعل المحافظة تفتقر لملعب رياضي يليق بها وبأنديتها العريقة، فضلا عن سيطرة المليشيا على إدارة الأندية الرياضية والتحكم فيها والسطو على إيراداتها المالية.

 

مطالبات بالرحيل

المطالبة برحيل إدارة النادي التي يترأسها عبدالواحد صلاح المعين من قبل مليشيا الحوثي الإرهابية محافظا لمحافظة إب، كانت المطلب الأبرز لجماهير النادي وأبناء المحافظة التي تمتلك مواهب كروية واعدة، وسبق أن عززت المنتخبات الوطنية بقائمة طويلة من لاعبين مميزين وأصحاب بصمات في الملاعب اليمنية وتاريخ المنتخبات الوطنية.

وعقب الهزيمة أمام نواس حضرموت، صدحت جماهير شعب إب في مدرجات وحدة صنعاء تهتف بغضب للمطالبة برحيل عبدالواحد صلاح ومحاسبته مع بقية أعضاء إدارة النادي، لتواصل الجماهير تظاهراتها من المدرجات إلى الشوارع القريبة من ملعب وحدة صنعاء، وهي تهتف وتردد شعارات معبرة عن مطالبها بمحاسبة "صلاح" وإدارة النادي وإعادة الاعتبار لناديهم الذي قالوا بأنهم لم يجدوا منه إلا الجمهور والاسم فقط، فيما البقية لم يجدوها وهم يشجعون فريقهم أمام شعب حضرموت، وقبلها أمام فرق المجموعة الثانية خلال الأسبوعين الماضيين.

الإعلامي ماجد ياسين كتب عقب هبوط النادي بالقول: بدون تطبيل ولا تظليل.. ولا شماتة ولا إساءة.. أشرف وأفضل شيء تعمله إدارة شعب إب تقديم استقالتها قبل أن يتم إقالتها خاصة بعد هبوط فريق كرة القدم وكذلك فريق كرة السلة إلى الدرجة الثانية بعد أن كان بطلا ومنافسا على الصدارة في القدم والسلة لسنوات عديدة".

 

فساد الإدارة

الناشط الإعلامي إبراهيم عسقين فقد تحدث بالقول: شعب إب قد هبط قبل 3 سنوا مش اليوم.. غالبية المتباكين عليه اليوم، منافقين أو شامتين للأسف.. فلم نسمع لهم صوتاً ولا حساً منذ سنوات بخصوص العنيد في مسألة انتقاد الفساد وانتقاد رخاوة الإدارة وجريان أعضائها وراء مصالحهم الشخصية..".

وأضاف عسقين: "بل إن بعضهم كلما وقع انتقاد ضد ما يحدث في شعب إب، برزوا للدفاع عن أولئك النفر في تلك الإدارة باستماتة عجيبة.. واليوم نراهم يذرفون دموع التماسيح...".

أما كابتن العنيد ونجم المنتخب الوطني سابقا إيهاب النزيلي، فقد تحدث عن أخطاء الإدارة وفسادها حيث قال: "لم يهبط الشعب اليوم بل هبط عندما أوهمتنا إدارة النادي السابقة بالاستثمار.. هبط الشعب عندما تخلت إدارته عن أهم مكتسباته وموارده.. هبط الشعب قبل ثلاث سنوات، وليس اليوم… هبط الشعب؛ لأن إدارة النادي تركت الجهاز الفني السابق دون رقابة واهتمام.. هبط الشعب لأن ديدنهم العشوائية"، غير أن أمل النزيلي لا يزال قائما مردفا: "هبط الشعب كي يعود قوياً.. هبط الشعب كي يتم تجميد النشاط الرياضي والبدء بتعشيب الملعب".

ولم يكتفِ النزيلي بتشخيص الداء الذي يعشعش في ناديه العريق، إذ دعا لاحتجاجات أمام إدارة النادي بهدف انتزاع "استقالة جماعية لمجلس الإدارة الحالي لا تستثني أحداً من الأعضاء"، وتشكيل "لجنة مؤقتة من أبناء النادي إلى حين الدعوة إلى اجتماع الجمعية العمومية واختيار إدارة جديدة للنادي لتتولى اللجنة المؤقتة مهمة تنقيح أعضاء الجمعية العمومية وفق كشوفات آخر اجتماع انتخابي وإضافة الأعضاء الحاليين من لاعبي الألعاب المختلفة".

 

كارثة حلت بالرياضة

الصحفي الرياضي صادق وجيه الدين وصف في صفحته على منصة فيسبوك أن ما جرى للعنيد "كارثة حلت برياضة إب واليمن"، تحدث عن التعيينات التي جرت في إدارة العنيد وإدخال أشخاص لا علاقة لهم بالرياضة من قريب أو من بعيد وعن الدرس الذي لم تتعلمه الإدارة من موسم العام الماضي ونجاة العنيد من الهبوط أمام شباب الجيل.

وقال وجيه الدين "بما أنّ الفأس قد وقع على الرأس، ولم يعد مجديًا البكاء على اللبن المسكوب، فإنه يبقى على الإدارة الشعبوية، إذا ما أرادت أن تحفظ ماء وجهها، أن تُقدِم على خطوة لا بد من إقدامها عليها، وعلى وجه السرعة، بحيث تعلن استقالتها الجماعية الليلة ـ ليلة البارحةـ، قبل صباح غدٍ، مع تضمُّن بيان الاستقالة توكيد إقرارها بتحمُّلها مسؤولية هبوط فريق كرة القدم، وقبله هبوط فريق كرة السلة، وتبدي استعدادها للمثول أمام الجمعية العمومية، وتعبِّر عن اعتذارها الشديد لكل أبناء ناديهم العريق…!".

وأردف: "مؤسف جدًا ومؤلم حد القهر، أن يصل الحال بنادٍ كبير وعريق وجماهيري، بوزن شعب إب وثقله ونفوذه وتاريخه، إلى مرحلة الهبوط بهذا الشكل الحزين…! لا أدري كيف ستكون هذه الليلة سوداوية ثقيلة كئيبة، على محبي الفريق الشعباوي العنيد ومناصريه، المنتشرين في مختلف أرجاء الوطن اليمني الكبير…!".

 

أغنى الأندية

أما الشاب سام الزهيري فعلق: "كفاية تطبيل ومجاملات إدارة شعب إب من رئيس النادي للناطق الرسمي ليس لهم أي علاقة بالرياضة" مضيفا: "اتركوا الخبز لخبازه وحدة صنعاء ما كانوا يحصلون حق الملابس الرياضية وقتها كان شعب إب أغني نادي بالجمهورية، أكيد اليوم ملاحظين الفرق بين الناديين من حيث البنية التحتية والمستويات بكل الألعاب والفرق في الناديين"، وهو الأمر الذي وافقه فيه الشاب إبراهيم عبدالقدوس حيث قال" أغنى فريق بالدرجة الأولى باليمن هو شعب إب وأفقر فريق بالدرجة الأولى هو الاتحاد الذي حل ثالث مجموعته والشعب هبط للدرجة الثانية.

وأكد عبدالقدوس أن "أول شخص يجب أن يغادر هو رئيس النادي عبدالواحد صلاح ويشل بعده الجميع وأبناء النادي سوف يتحملون مسؤولية النادي"، فيما علق الشاب محمد جار الله معصار بالقول: "نصف لاعبي شعب إب راحوا يطلبون الله بالسعودية والنصف الآخر معاهم مترات وزعلانين على الهبوط".

 

بداية حزينة للعام 2024

وأشار سكرتير لجنة الحريات بنقابة الصحفيين اليمنيين أشرف الريفي الذي ينتمي لمحافظة إب، إلى أن العام الجديد بدأ بـ "يوم حزين رياضيا خسرت فيه الرياضة اليمنية عنيدها "شعب إب" الذي هبط للدرجة الثانية كتعبير حقيقي عن أزمة كبيرة يعيشها النادي على كل المستويات".

وقال الريفي "لم أستطع تحمل نظرات الحسرة والخيبة في عيون جمهور شعب إب وهم يشاهدون مستوى متواضعاً لفريق عريق وصاحب بطولات وصولات وجولات في الرياضة اليمنية، وكان إلى وقت قريب منجما للنجوم التي تتلألأ في فضاء المنتخبات الوطنية المتعاقبة".

وتابع: "كان الجميع يبحث عن رصاصة الرحمة التي تقي الفريق الهبوط خصوصا في ظل هذا الوضع غير المستقر الذي تمر به البلاد، وصارت فيه الرياضة هامشية في اهتمامات السلطات المتعددة، ناهيك عن إدارة تقود الفريق من فشل إلى آخر دون تقييم أو تخطيط أو مراجعة".

وأوضح أن فريق "شعب إب من أغنى الأندية اليمنية، لكنه بلا ملعب معشب في الوقت الذي صارت فيه الأكاديميات والمدارس الصغيرة تمتلكها" مشيرا إلى أن "نادي شعب إب بلا استقرار فني فخلال بطولة الخمسة الأسابيع تم تعيين جاهزين فنيين، ناهيك عن عدم استقرار في التشكيلة التي تغيب عنها الرؤية الفنية، حتى إن عدداً من لاعبي الفريق تم استدعاؤهم قبل أيام، حيث كانوا يلعبون في دوريات ريفية في مديريات إب لأنهم يحصلون على مردود مالي أفضل مما يحصلون عليه في النادي".

وأكد العديد من النشطاء وجمهور النادي ومنهم الريفي أنه و"منذ بداية الحرب وإدارة العنيد تتعامل مع الوضع كأمر واقع لا يمكن يتغير ويبدو أنه أعجبها، فلم تعمل على تجاوزه كما فعلت أندية أخرى كالأهلي والوحدة في صنعاء مثلا"،"الإدارة مسؤولية هذا السقوط بدرجة أساسية؛ لأن من مسؤوليتها توفير الاستقرار الإداري والفني وحتى المعيشي للفريق"، مؤكدا أنها "لم تستوعب جرس الإنذار منذ العام الفائت، كما لم تحافظ على أبناء النادي، بل إن بعض اللاعبين الذين شاركوا كانوا إلى قبل أسابيع يلعبون في دوريات ريفية؛ لأنهم يدفعون لهم أفضل من الشعب".

وخلص في تعليقه على تراجع النادي للدرجة الثاني للقول إن الرياضة اليوم صارت "استثماراً وصناعة، ومن خلالها تستطيع أن تصنع بعقلية حرفية ومهنية مجدا كبيرا، وهذا يتحتم إعطاء الخبز لخبازه".

وفي هذا اليوم الحزين على الرياضة اليمنية، والذي انهمرت فيه دموع القهر من مآقي جماهير العنيد بملعب الوحدة بصنعاء لا يكفِ فقط رحيل الإدارة التي ارتفعت أصوات الجماهير المطالبة برحيل رئيس النادي والإدارة التي وصفتها بالفاشلة، بل أيضا لا بد من وقفة محاسبة وتقييم، وفقا للريفي وجماهير العنيد الحزينة.

القائمة البريدية

أشترك معنا في القائمة البريدية لتصلك كل الاخبار التي تنشرها الصحوة نت

تواصل معنا

الجمهورية اليمنية

info@alsahwa-yemen.net

الصحوة نت © 2023 م

الى الأعلى