كان العام 2023 حافلًا بالانتهاكات التي ارتكبتها ميليشيا الحوثي بحق اليمنيين وأرضهم وكرامتهم، فلم تدع الميليشيات مجالًا في الحياة إلا وعبثت به، وجعلت من اليمنيين ضحايا مسرحيةٍ دمويةٍ تُخرجها إيران.
وخلال هذا العام شنت ميليشيا الحوثي حملات اختطاف ومداهمة واسعة، تنوعت أسبابها، إلا أن شهر سبتمبر شهد أبرزها، حيث اعتقلت الميليشيات 1000 مواطن من العاصمة صنعاء ومحافظتي إب وذمار على خلفية الاحتفال بذكرى ثورة 26 سبتمبر ورفع العلم اليمني، كما قامت الميليشيا بتفتيش ومصادرة هواتف المعتقلين وطلب فدية مالية من ذويهم مقابل إطلاق سراحهم.
حملات من الاختطافات التعسفية الواسعة خلال هذا العام طالت المئات من المدنيين، بينهم صحفيون ونشطاء حقوقيون وسياسيون، دون أي مسوغ قانوني، وزجّتهم في سجونها السرية، حيث يتعرضون للتعذيب والتنكيل بشكلٍ وحشي.
انتهاكات طالت المرأة والطفل
تُمعن مليشيا الحوثي في استغلال الأطفال، وتُجندهم بشكلٍ إجباري في صفوفها، مستخدمةً أساليب الترهيب والخداع، ودفعهم إلى جبهات القتال، حيث يتعرضون للقتل والإصابة، بالإضافة إلى الصدمات النفسية التي تُلازمهم مدى الحياة.
ففي تقرير لمنظمة حقوق الإنسان بصنعاء قالت: "أن الميليشيا ارتكبت 11232 انتهاكًا ضد أطفال صنعاء، خلال الفترة من 19 نوفمبر 2022 إلى 19 نوفمبر 2023، تنوعت ما بين القتل والاختطاف والتجنيد، وتخريب المؤسسات الصحية والتعليمية.
كما تُمارس مليشيا الحوثي تمييزًا صارخًا ضد المرأة، وتفرض قيودًا صارمة على حرية حركتها ومشاركتها في الحياة العامة، مُستخدمةً الدين كذريعة لتقييد حقوقها، حيث تعرضت العديد من النساء للاعتقال والتعذيب بسبب مخالفتهن لقواعد المليشيات، أو بسبب نشاطهن الحقوقي والسياسي
و في بيان لرابطة أمهات المختطفين قالت إن 140 امرأة تعرضن للاختطاف و محاكمة خمس نساء معتقلات خارج إطار القانون والانتهاكات المختلفة خلال الفترة الماضية.
وفي 5 ديسمبر اصدرت " ما تسمى المحكمة الجنائية المتخصصة (الخاضعة لسيطرة الحوثي) حكما بإعدام الناشطة فاطمة العرولي (35 عاما) وهي الرئيسة السابقة لمكتب اليمن لـ "اتحاد قيادات المرأة العربية" التابع لـ "جامعة الدول العربية" بتهمة التخابر مع جهات معادية، دون ان تتيح المحكمة للعرولي حق الدفاع عن نفسها او توكيل محامين أو رؤية اي من اقاربها او الاتصال بهم طيلة الثلاثة أعوام من اعتقالها.
الصحفية " شذى الحطامي، لموقع الصحوة نت قالت:" إن الإمامة أكثر من انتهك حرمة المرأة اليمنية على مر التاريخ، وهي جماعة لا تعرف معنى "العار" والعيب الأسود، وإلا لكانت عرفت قدر المرأة وحرمت اهانتها، ومن جهة اخرى تلك الميليشيا الموالية لإيران انما تقصد من خلال اهانتها للمرأة هو إهانة نخوة اليمنيين ورجولتهم واعتزازهم بأنفسهم".
واضافت الحطامي: (من خلال اطلاقهم لقب " الشريفة" على نسائهم وحدهم دون نساء اليمنيين، يظهر بوضوح ماذا تعني بقية النساء اللاتي لسن من سلالتهم، بالنسبة لهم)
منهج مؤدلج ومعلمين خلف القضبان
ومنذُ سيطرة مليشيا الحوثي على العاصمة صنعاء 2014 م قامت بإعتقال المعلمين المليشيات العديد من المعلمين والطلاب من المدارس، واستخدمت بعض المدارس كمراكز عسكرية، مما عرضها للقصف والدمار.
وفي تقرير لنقابة المعلمين قالت أن"1580 معلماً تربوياً قتلوا خلال الفترة من 2014ـ 2021 فيما يقارب 200 ألف معلم ومعلمة، محرومين من رواتبهم طوال تسع سنوات.
كما عبثت مليشيا الحوثي بالمناهج الدراسية، وحوّلتها إلى أداة لنشر أفكارها الطائفية، وفرضت سيطرتها على المؤسسات التعليمية، مما أدى إلى تدهور التعليم بشكلٍ كبير، وطردت المليشيات العديد من المعلمين والطلاب من المدارس واستخدمت بعض المدارس كمراكز عسكرية، مما عرضها للقصف والدمار.
وفي أكتوبر قامت مليشيا الحوثي باعتقال "رئيس نادي المعلمين" زيد الكميم في اغسطس الماضي بسبب مطالبته بصرف رواتب المعلمين المنقطعة منذ تسع سنوات، ورغم تدهور حالته الصحية لاتزال الميليشيا ترفض إطلاق سراحه حتى اللحظة.
حرية الرأي
وفيما يخص حرية الرأي، قالت نقابة الصحفيين اليمنيين، في تقرير نشر على صفحتها في الفيس بوك، بأنها وثقت 40 حالة انتهاك للحريات الإعلامية في اليمن خلال النصف الأول من العام 2023م، من قبل ميليشيا الحوثي.
وتنوعت هذه الانتهاكات بحسب التقرير ما بين حجز الحرية والتهديد والتحريض، والمعاملة القاسية للمعتقلين والمحاكمات التعسفية وإيقاف الرواتب الصحفيين والاعتداءات ومصادرة ممتلكات، وفي التقرير قالت النقابة بان "الصحفيين والاعلاميين في مناطق سيطرة الحوثيين بدون مرتبات منذ العام 2016م، ويعيشون ظروفا اقتصادية غاية في السوء".
وفي السياق يؤكد عادل الاحمدي لموقع "الصحوة نت" أن "عام آخر مليء بالمرارة والمآسي فعلت فيه جماعة الحوثي بالشعب اليمني مالم تفعله اسرائيل بغزة، عام آخر بلا رواتب ولا حقوق ولا حياة كريمة".
وأضاف الأحمدي أنه" لايزال اليمني خائف مذل في بلده، لا جديد في هذا العام سوى المزيد من الألم، الجديد هو محاولة الحوثي اظهار نفسه كبطل مدافع عن عرض الغزاويين وهو من انتهك عرض اهل بلده وشردهم وجعلهم متسولين على ابواب المنظمات، سيمر هذا العام مثل تسعة اعوام مرت من قبل، ولكنها ستظل في ذاكرة اهل اليمن حتى يأتي اوان الحساب".
وشهد شهر سبتمبر واقعتي اعتداء على الدكتور "ابراهيم الكبسي" والاعلامي " مجلي الصمدي" للأسباب نفسها.
من جهته قال الناشط الحقوقي عبد الله الطويلي، إن" هذه الانتهاكات والاعتقالات التعسفية تأتي خارج القانون لأسباب سياسية، وتقوم باعتقال أي مواطن يعبر عن رأيه وفكره بشكل واضح".
انتهاك ممنهج
وفيما يتعلق بالإخفاء القسري قال الطويلي إن "جماعة الحوثي لا تزال تخفي في سجونها أكثر من 1545ضحية وترفض تقديم معلومات عن وضعهم أو السماح بتقديم الحماية القانونية لهم بل وتحرمهم من حقوقهم المقررة لهم قانوناً".
وأضاف الطويلي لـ"الصحو نت أن" من الانتهاكات الممنهجة التي تقوم بها جماعة الحوثي هي إجبار موظفي الدولة والمواطنين في مناطق سيطرتها على حضور دورات طائفية وبشكل دوري كل فترة، ويحرم الذي يمتنع من حضورها من النصف الراتب".
"جماعة الحوثي تجمع اتاوات عينية أو مالية خارج إطار القانون في كل مناسبة طائفيه لهم أو سياسية وبشكل اجباري على التجار والمزارعين وكذلك المواطنين وأصحاب المشاريع الاستثمارية، وما يترتب على ذلك من زيادة الأعباء الاقتصادية على المواطن الضعيف" حسب الحقوقي عبد الله الطويلي.
وتابع الطويلي،" وتستمر جماعة الحوثي في فصل وتصفير رواتب معارضيها السياسيين من أعمالهم الحكومية لأسباب سياسية متعلقة بالحرب".
وشهد العام 2023 وفاة اربعة معتقلين داخل السجون الحوثية وتصفية مهندس في منزله امام زوجته واطفاله، وحول هذا يقول الناشط " يحيى السواري" لموقع لـ "الصحوة نت" أن "حقوق الانسان في اليمن تعيش عهداً أسوداً في ظل حكم جماعة الكهنوت الحوثية وما فعلته هذه الجماعة باليمنيين في تسع سنين لن يمحى من سجلات التاريخ".
عامٌ أسودٌ يمضي، تاركًا خلفه جراحًا غائرةً في قلب اليمن، لكن الأمل يظل حاضرا، فصبر اليمنيين وإرادتهم لن تُكسر، وسيظلون يناضلون حتى تحقيق الحرية والكرامة.