فرضت ميليشيا الحوثي الإرهابية مؤخرا، جرعة جديدة في أسعار المشتقات النفطية في مناطق سيطرتها، رغم تدفق الوقود بسهولة وبشكل يومي إلى موانئ الحديدة غربي البلاد.
الجماعة المدعومة من إيران، بررت الجرعة بتغير سعر الوقود في البرصة العالمية، وهو ذات المبرر التي تتحجج به مليشيا الحوثي مع كل زيادة في أسعار المشتقات النفطية، في ظل امتناعها عن صرف المرتبات وتقديم الخدمات العامة، مع فرض جبايات كبيرة وضرائب تثقل كاهل المواطنين في مناطق سيطرتها، والذي يعيش معظمهم تحت خط الفقر فيما يعيش قيادة المليشيا في حياة من البذخ والغنى الفاحش.
وفي العام 2014 رفضت مليشيا الحوثي الزيادة النسبية التي فرضتها حكومة باسندوة في الوقود لمواجهة عجز الميزانية، فيما هي اليوم تفرض جرع قاتلة على الشعب في كل السلع وفي مقدمتها الوقود، في مفارقة عجيبة تكشف زيف وكذب الشعارات التي رفعتها المليشيا واتخذت منها حجة للسطو المسلح على الدولة ومؤسساتها.
في هذا التقرير، رصد الصحوة نت جوانب لآثار الجرعة الجديدة التي فرضتها المليشيا، وحالة الخوف والقلق التي أصابت قطاع النقل العام في صنعاء وضواحيها، وسخط الأسر التي يمثل النقل لها، مصدرا رئيسيا للدخل منذ صادرة المليشيا مرتبات الموظفين في القطاع العام.
لا خير يأتي من المليشيا
يؤكد رشيد الذي يعمل سائقاً لسيارة أجرة، لـ"الصحوة نت"، أن "الأخبار السارة لا وجود لها في قاموس المواطنين القاطنين في مناطق سيطرة الحوثي.. لقد تعودنا على سماع الأخبار السيئة وتوقع الأخبار الأسوأ.. لا شيء جديدا والخلاص سيأتي من رب العالمين".
وفي رده على سؤال معد التقرير ما هو الخلاص قال رشيد "الخلاص من العناء والغلاء والقلق والجوع والرعب من المستقبل، وكل هذا لن يأتي إلا بالخلاص من جماعة الحوثي".
استفزاز بلا سبب
وقال حسين الذي يعمل سائقا في المواصلات العامة بصنعاء، إن "زيادة سعر البترول في هذه الأوقات بالذات استهتار بالشعب واستفزاز لا مبرر له إطلاقا".
ويضيف: "الناس تموت ومنتظرة إعلان صرف الرواتب وانت جاي ترفع سعر الوقود اتقى الله (...) والله أنك قد فعلت بأمة محمد ما لم يفعله بها حتى الأعداء".
وأكد حسين لـ"الصحوة نت"، أنه "لم نقرر حتى اللحظة رفع سعر المواصلات؛ لأن الناس سوف تقول إن البترول ارتفع 500 بس وكأن هذه الـ500 أمرها بسيط ونحن في الواقع نتعب ونجهد طوال اليوم من أجل هذه الـ500 وأحيانا والله لا نجدها".
وتابع: "ومن جهة أخرى إذا رفعنا الأجرة إلى 150 ريالا مثلا، فلن نجد الراكب والذي يركب باص مسافة 500 متر، وما تحت سيفضل أن يمشي على قدميه، ولن يركب الباص إلا أصحاب المشاوير البعيدة مضطرين، نحن نحس بألم المواطن، ونرحمه ولا نريد أن نحمله فوق طاقته، ولكن من سيرحمنا؟".
نهب من الطرفين
وتحدث "محمد" وهو تاجر للمواد الغذائية قائلا إن "التجار يفضلون التريث حاليا وعدم رفع الأسعار رحمة بالمواطن أولا، وثانياً خوفا من قيام ميليشيا الحوثي بزيادة الضرائب والاستفادة من الزيادة التي فرضوها هم؛ وبذلك ينهبون من الطرفين".
وأوضح لـ"الصحوة نت" أن المليشيا يفرضون الجرعة، ثم يفرضون زيادة ضريبية على التجار الذين رفعوا الأسعار بسبب الجرعة، هذا الأمر لا يحدث في أي مكان في العالم إلا في اليمن فالحكومة في كل الدول هي من تحمي التاجر والمواطن من الاستغلال، أما في اليمن حكومة المليشيا هي من تخطط لاستغلال التاجر والمواطن وتضربهم ببعضهم، بل أحيانا تأمرنا وزارة الصناعة والتجارة برفع الأسعار بدون أي سبب، والمواطن المسكين يدفع الزيادة، وهو يسب ويلعن التجار ونحن ضحية مثله في المركب نفسه".
إمعان في الإذلال
وأكد الخبير الاقتصادي عبدالكريم العواضي، أن هدف المليشيا من الجرعة هو "الإمعان في إذلال الشعب ومضاعفة همومه المعيشية وإثبات السيطرة الكاملة على الشعب الذي كان قبل فترة وجيزة على وشك إشعال انتفاضة من أجل الرواتب".
وأضاف لـ"الصحوة نت"، كأن الحوثي يقول للعالم هل تنتظرون من اليمنيين أن يقوموا بانتفاضة؟ انظروا كيف سأرفع سعر المشتقات النفطية، ولن يجرؤ أحد على التفوه بكلمة، وغير هذا لا أجد تفسيرا لهذه الزيادة؛ لأنه لا مبرر لها، ولو كان هناك مبرر، فهذا ليس الوقت المناسب لفرض جرعة".
وتابع: "لا شك في أن حياة المواطن ستتأثر بهذه الجرعة إذا ليس الآن بعد فترة عندما تباع البضائع المشتراة قبل الزيادة، فسيضطر التجار لدفع أجور أعلى لنقل البضائع الجديدة وبالتأكيد سيفرضون الزيادة على الأسعار، ومن الطبيعي أن أي زيادة بسيطة في سعر المحروقات سيؤدي إلى ارتفاع في أجور النقل؛ وبالتالي زيادة في سعر السلعة، وسيبدأ هذا التأثير بمجرد انتهاء البضائع القديمة واستيراد التجار بضائع جديدة".
ويرى الكثير من اليمنيين بأن الاهتمام بالبيت الداخلي والوضع المعيشي للمواطن أكثر أولوية من الانشغال بالقضايا الأخرى، مشيرين إلى استغلال مليشيا الحوثي الحرب الدائرة في غزة لفرض جرعة المشتقات النفطية، حيث تحاول الجماعة لعب دور خارجي على أنقاض شعب مطحون بالفقر ووطن مثقل بالفساد.