صهاينة إماميون

صهاينة إماميون

إن منطق التفكير الفلسفي في التاريخ  يجبرنا على المضي إلى عمق الأشياء حتى نستطيع تمييز ما هو سبب الظاهرة،وما هو نتيجتها،خصوصا إذا كنا نتناول بالتحليل والنقد حقيقة جوهر الإمامية بنسختيها الأولى والثانية"=الحوثية"،من حيث انعكاس الصهيونية فيهما،أو بوصف الإمامية الأولى والثانية مأسسة لأفكار وأيدلوجية وحركة الصهيونية العالمية،أو بوصفها انعكاس لها،لا من حيث جوهر الأشياء فحسب،بل ومن حيث وحدة العلاقات والترابط،والتداخل الإستعماري،حد التماهي.

فما حدث في مساندة الإمامة بنسختها الأولى من دعم الحركة الصهيونية،ونقل عشرات الآلاف من"يهود اليمن"إلى فلسطين،إبان احتلالها ونشأة الكيان المسمى اسرائيل،إلى قيام الحوثية بتهجير بعض من يهود اليمن،ونقلهم إلى فلسطين/إسرائيل ايضا،ناهيك عن وقوف اسرائيل إلى جانب الإمامة في حربها على اليمنيين،إبان ثورة٢٦سبتمبر و١٤ اكتوبر،وهذا يحيلنا إلى تناول الظاهرة وفقا لطريقتين:

الأولى: منطق الجواهر،أي الحديث عن الشيئ نفسه،والثانية،منطق العلاقات،أي الحديث عن علاقة الشيئ بأشياء اخرى قرينة-كما يذهب لذلك حسن حنفي رحمه الله-،أي أن التحليل الفلسفي والعلمي مهما كان اتجاهه،يحاول في تناوله للواقع أن يتعالى عن معطياته،ليستخرج المعنى الكامن فيه؛فالمعنى لا يقطن بالضرورة في ظاهر الأشياء،خصوصا عندما يتخذ الظاهر هذا،مسكنا له،فإن ذلك لا يعني أن الظرفية،هي التي تتحكم به/فيه،فتجاوز الظرفية تلك،أو ما يسميه برتراند راسل"بحذف الأنوي الظرفي"،هو مفتاح كل دراسة فلسفية،وعلمية متعلقة بالظاهرة وبالفعل.

ف"الفلسفة بالحقيقة"حسب الفارابي،هي التي تحاول الإجابة نظريا عن مسائل العصر،ومشاغل الناس.وأن مايربط بين ظاهرتي الإمامة بنسختيها،مع الصهيونية كفكرة وحركة واحتلال،أو منطقيهما"الإمامة والصهيونية"،وبين منطق الظاهرتين،أو ظاهرة الإستعمار ككل،هو بالضبط منطق التجافي السائد بالذات.وهنا تحضر ثلاثة أو اربعة أبعاد اساسية،تمثل جوهر التفكير الإمامي/الصهيوني/الإستعماري:

الأول/البعد الشخصي السلالي:

ويتمثل في نظرة ورؤية تقاسمية،إذ ينظر الإماميون لليهود كبني عم،فاليهود من نسل اسحاق،والسلالة الإمامية من نسل اسماعيل وكلتاهما إلى إبراهيم تنتسب،أو هكذا منطق تفكيرهما ورؤيتهما لأنفسهم،وإن كانت هكذا نظرة مجافية للحقيقة والواقع،أي وهمية على الأحرى والدقة.

والثانية/البعد العنصري،أي ادعاء التفوق والإمتياز،أو ارستقراطية العرق.

الثالثة/البعد الطائفي،فالطائفة ليست علاقة بين الإنسان وربه،فذلك هو الدين أو الإيمان،بل الطائفة علاقة بين الإنسان والتاريخ باسم الله؛فماذا يعني كل هذا؟وكيف نفهم حقيقة الإمامة الصهيونية،أو الصهيونية الإمامية،ونفسر سر العلاقة والغموض ومنطق التجافي بينهم!؟

هذا ما سنركز عليه من خلال الآتي:

 

إن إيمان الإمامة بما تقوله الصهيونية كحركة واستعمار ودولة احتلال،وتزعم بحق اليهود التاريخي في فلسطين،لا يعني أن الإمامة كفكرة صهيونية المنشأ فحسب،بل وأنها تمثل حجر الأساس للإحتلال الصهيوني لفلسطين،أي استعمار خفي غير مرئي،يؤسس لإحتلال أكبر،أو تداخل وتكامل وتخادم الإستعمار الجزئي مع فعل الإحتلال الكلي.

وصولا إلى إحداث شرخ في التلاحم اليهودي العرب/اسلامي،وتبديد الرفض اليهودي للصهيونية كفكرة وحركة واحتلال،وهذا هدف صهيوني في الأساس،إذ أن النظر لليهود على أنهم عرق وليست ديانة،فكرة صيهونية في العمق،فاليهودي كوصف اجتماعي ديني صحيح،ومناقض لتعبير اتنولوجي،أي بمعنى جيني،عرقي،ف(لومبروزو في بحثه الأنثروبولوجي  يقول:أن اليهود جنسيا آريون،أكثر منهم ساميين،أي هم أوربيون تهودوا،أكثر منهم يهودا تأربوا/أو تأوربوا)،وهذا مافعلته الإمامة من خلال نقل اليهود اليمنيين إلى فلسطين وإنشاء الكيان الإسرائيلي.

وهذا مما يعني ضرب فكرة العروبة في الصميم،أي ضرب لهوية وكيانية ومصدرا من مصادر الإجماع،وصولا لضرب واجتثاث كل أيدلوجية "عربية=عروبية" لمقاومة أي مستعمر،مرورا بأقدم وأخطر اعتراف إمامي بإسرائيل ليس كمحتل،بل بوصفه كيان طبيعي من وجهة نظر الإمامة الإولى ومأسسة له عبر ادعاء قومية يهودية،أي كوطن قومي لليهود؛"فالدول تقوم وتنهار،أما القوميات الدينية،أو الأديان القومية،فإنها تنشأ وتبقى"كما يقول حسن حنفي قارئا الصيهونية.

حيث تأخذ وتتمأسس اسرائيل من زاوية شرعية جديدة في المنطقة ذات الدول الدينية.

علاوة على كل ما تقدم فالإمامية بهذا المسلك تعمل على فك ارتباط القضية الفلسطينية ونزعها من بعدها وسياقها العربي/العروبي،إنتماء وهوية،وتحويل كنه الصراع من اساسه بوصفه صراع حدود لا وجود،ووفقا لهكذا حدث في زمانيته ومكانيته،ففقدان الموقع الجغرافي والتاريخي لفلسطين،معناه العمل على  إنهاء كل مقاومة أو تحرر وطني بأشكاله المختلفة،او على الأقل ضربه وإعاقته لنصف قرن على اقل تقدير.

وبهذا تكون الإمامة قد خلقت القاعدة أو الأساس للتناقض وإحالته إلى الأبعاد الحضارية والإستراتيجية بعيدة المدى،أي تحويله إلى استعمار واحتلال مندغمين أو مندمجين معا،استعمار غير مرئي واحتلال قائم وبادي للعيان،مع غموض ايدلوجي يحف بهما ككل.إذ أن تعزيز التظاهرات العنصرية العنفية والجماعية،الإستعمار الجزئي،بالإحتلال الكلي،يندمجان وتصبح شرعية وجود احدهما كفيلة بعضد الثاني والعكس صحيح ايضا،وصولا إلى تمرير العنصرية داخل النسيج المجتمعي لتصبح عادية،أي خلق شكلا من تقبلها العام،تقبل مكوناتها ومستتبعاتها معا.

أي تغييب عنصر التناقض الرئيسي المتمثل بالإستعمار"=الإحتلال"،اضافة إلى إحالة الصراع ونزعه من اصله ك صراع وجودي إلى بعده الاكثر تفتيتية وتجزيئية وإنقسام، وإلباسه صراعا دينيا،أي اسلامي/يهودي،طائفي،شيعي/يهودي/سني،سني/يهودي/شيعي/مسيحي،وهكذا.

بدءا من ربط الهوية بالعرق والسلالة،فالإحتلال الإسرائيلي أضحى يهدف لترسيخ وتعويم الإستعمار السلالي،وتبييضه سياسيا وثقافيا واجتماعيا عبر الطائفية واستدماجها بالصراع،وهو ما سيمنح الشرعية لكل ذلك؛حيث سينتقل بالوطن العربي-أو هكذا يراد له أن يكون-إلى سايكس بيكو جديد،اساسه الطائفة والعرق والإثنية،تقسيم استعماري جديد قائم على إعادة تشكيل القوة ووسائل حيازتها،والدول،والنفوذ والهيمنة،وما انتقال إيران إلى النادي النووي الا تعبيرا واختزالا مكثفا،لمفهوم ارستقراطيات النوع الدولي السلالي الجديد،والتي يجب أن تحكم وتتحكم بالعالم.

وبهذا يكون الوطن العربي مهيئ لقابلية استعمارية تقسيمية جديدة،بعد أن عملت الإمامية على اكساب اسرائيل واكسبتها عوامل قوة ذاتية بالفعل،ناهيك عن غيرها دولا ومنظمات واجهزة مخابرات وشركات...؛فالطائفية أصبحت هي القاسم المشترك لتبيئة الإحتلال الإسرائيلي ،وتنمية الإستعمار الإيراني،والوطن العربي جغرافيا وديمغرافيا،وعروبة هو المادة وروحية الإسلام هما المستهدفان اليوم،وما احتلال وتدمير العراق وتسليمه لإيران الا دليلا ماديا ملموسا،يوضح الصلة بين استعمار إيراني،واحتلال اسرائيلي،وطائفية محمومة تنقض على كل ما تبقى من مصادر القوة والمناعة الذاتية لكل ما هو عربي،انتماءا وهوية ووجودا وقوة!

القائمة البريدية

أشترك معنا في القائمة البريدية لتصلك كل الاخبار التي تنشرها الصحوة نت

تواصل معنا

الجمهورية اليمنية

info@alsahwa-yemen.net

الصحوة نت © 2023 م

الى الأعلى