فضائح جديدة لمليشيا الحوثيين دوت هذه المرة من العاصمة السورية دمشق، إثر طرد النظام السوري لبعثة المليشيا من السفارة اليمنية هناك وتسليمها للحكومة الشرعية.
ومع أنه كان بالإمكان التستر على تلك الفضائح وتفسير الأمر بأنه يأتي في سياق متطلبات عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية وعدم قانونية البعثة الحوثية هناك، بيد أن التراشق الإعلامي والملاسنات التي نشبت بين بعض قيادات المليشيا الحوثية وإعلامييها كشفت للعلن بعض فضائح عناصر المليشيا في السفارة اليمنية بدمشق بعد طردهم منها.
ومن أبرز الفضائح لعناصر المليشيا الحوثية التي دفعت النظام السوري إلى طردهم من سفارة اليمن هناك: تحويل السفارة إلى وكر للدعارة وتجارة المخدرات من قبل أعضاء البعثة الحوثية، وابتزاز من تبقى من اليمنيين هناك، وإساءة استخدام سيارات السفارة في توزيع المخدرات والإتجار بها.
كما أنه بعد إشعار النظام السوري لأعضاء البعثة الحوثية بإخلاء السفارة، تمهيدا لتسليمها للحكومة اليمنية الشرعية، فإن أعضاء البعثة الحوثية نهبوا سيارات السفارة وممتلكاتها، في فضائح إضافية لا تتورع عنها المليشيا كسلوك أصيل حاكم لتعاملها مع الآخرين حتى وإن كانوا حلفاء وفي أماكن لها رمزيتها ومكانتها كالسفارات وغيرها.
وتكشف تلك الفضائح مدى فظاعة الانهيار الأخلاقي للمليشيا الحوثية وافتقارها لمرجعية أخلاقية تهذب سلوكها على الأقل أمام العرب والعالم، أما اليمنيون فهم يعرفونها حق المعرفة.
- اعتراف حوثيين بالفساد في السفارة
في 12 أكتوبر الجاري، أعلن وزير الخارجية أحمد عوض بن مبارك، تسليم النظام السوري السفارة اليمنية في دمشق إلى الحكومة الشرعية بعد طرد الحوثيين منها.
وقال بن مبارك إن وزير خارجية النظام السوري، فيصل المقداد، أبلغه بقرار تسليم السفارة اليمنية في دمشق إلى الحكومة الشرعية بعد إخراج الحوثيين منها.
حديث وزير الخارجية جاء بعد يومين من كشف القيادي في مليشيا الحوثيين والذي يعمل أيضا مديرا في وزارة المالية التابعة لها، خالد العراسي، أن النظام السوري قرر إغلاق السفارة، وأبلغ موظفيها بذلك، معتبرا ذلك فشلا لهم في "الاختبار الوحيد لتمثيلنا في العلاقات الدولية".
وقال العراسي: "للأسف الشديد فشلنا في الاختبار الوحيد لتمثيلنا في العلاقات الدولية"، مشيرا إلى أن "قرار إغلاق سفارة ليس قرارا سهلا أو عاديا، والموضوع يشكل فاجعة، لأن معناه أننا فشلنا في إطار التمثيل الدبلوماسي على الرغم من أنها سفارتين لا أكثر" في دمشق وطهران.
وقال العراسي إن "ما حدث هو نتيجة طبيعية للاختيارات الفاشلة، حيث تم اختيار طاقم دبلوماسي لا تربطه أي علاقة بالدبلوماسية والسياسة الخارجية، وكان معيار المجاملات والمحسوبية هو الأساس في التعيينات".
ولفت إلى أن "المعينين كانوا من اختيار وتزكية محمد عبد السلام فليته وأحمد حامد، ودور شكلي لحسين العزي وهو التوقيع على الترشيح فقط، وهذا الذي جعلني أتفاجأ، فكيف لهؤلاء وهم من قادة المسيرة ألا يحسنوا الاختيار لهذه الدرجة".
وأضاف العراسي مستغربا: "دولة يربطنا معها محور مقاومة تغلق سفارتنا وتطرد دبلوماسيينا، هذا معناه أنهم ارتكبوا أخطاء لا تغتفر وليست مجرد هفوات عابرة.. أنا مذهول لدرجة أنني لا أقوى على التفكير بالموضوع.. كيف سنعمل عندما نصبح دولة معترف بها عالميا؟ ما هذا اللعب وما هذه السخافة؟".
وتابع: "لقد أخفق وأخطأ دبلوماسيونا كثيرا، ووجهت الخارجية السورية لخارجيتنا أكثر من خطاب، لكن يبدو أن المعنيين كانوا مشغولين بتويتر والإعلام".
- شهد شاهد من أهلها
بدوره، قال الناشط الحوثي علي فاضل في منشور: "أول سفارة بالعالم تتغلق بسبب فضائح دعارة هي سفارة المسيرة القرآنية في دمشق".
وأضاف: "وحسين العزي جالس يصرف تغريدات وهنجمة وما قدر يشرف على سفارة واحدة! وعادو زعلان ليش محمد عبد السلام يقل (يقول) هو فاشل".
- اتساع دائرة التراشق
وتسبب طرد النظام السوري لسفير مليشيا الحوثيين من السفارة اليمنية في دمشق والبعثة المرافقة له بتراشق وملاسنات حادة بين قيادات حوثية بارزة، حيث اتهم القيادي في المليشيا الإرهابية والمعين رئيسا لمجلس إدارة مؤسسة الثورة للصحافة التي نهبتها المليشيا، عبد الرحمن الأهنومي، السياسي البعثي الذي عينته المليشيا سفيرا لها بدمشق بالفساد.
وقال الأهنومي إن "الذي أزكم الأنوف كان نايف القانص وقد طردوه قبل أعوام"، وإن "القانص وأمثاله خلوه يوضح".
من جهته، قال نايف القانص، ردا على الأهنومي، إن "من أزكم ريحة السفارة سابقا ولاحقا هم غلمانكم وأطفالكم الذين عبثوا فيها، أما نايف القانص فانتهت فترة عمله وسلم السفارة وكانت تحظى بمحبة واحترام الجميع وبعلاقات مميزة مع سوريا ومع معظم السفارات والمنظمات ولولاه ما دخلتم السفارة التي سلمها لكم وأنتم من ضيعها بتصرفاتكم وتجاوزاتكم للأعراف الدبلوماسية وتعيين الأطفال".
وأضاف القانص: "فلا تغطي على فشلك بالكذب على الآخرين.. أريد أن أوضح غباءك وغباء من تدافع عنهم بقبح اتهامكم الآخرين".
وتابع مخاطبا الأهنومي: "يا غبي في الأعراف الدبلوماسية أي دبلوماسي يطرد تحدد له مدة للمغادرة ولا يحق له أن يبقى ساعة واحدة بعد انتهاء المدة في الدولة المطرود منها وكما حدث مع غلمناكم".
وتابع: "لن أعمل بردة فعل على أقوال السفهاء من أمثالك فلدي من الوثائق ما يزكم الأنوف أو أتعامل بمنطقك الغبي.. استحي على حالك وتكلم بمنطق يصدقوك الناس".
- توضيح حكومي
وتعليقا على طرد النظام السوري لسفير مليشيا الحوثيين من دمشق وتسليم السفارة اليمنية للحكومة الشرعية، قال وزير الإعلام والثقافة والسياحة، معمر الإرياني، إن "مليشيا الحوثي التابعة لإيران فشلت في إدارة بعثة دبلوماسية واحدة مُكنت من إدارتها خارج إطار القوانين والقرارات الدولية"، في إشارة للبعثة الحوثية التي كانت في سفارة اليمن بدمشق.
وأوضح معمر الإرياني أن أمر تلك البعثة انتهى بالكشف عن سلسلة فضائح تؤكد تورط أفرادها في قضايا أخلاقية وفساد مالي وإداري وصلت للمحاكم، وتراشق للاتهامات بينهم بالمسؤولية عن الفساد والفشل والإخفاق.
وأشار الإرياني إلى أن "هذا الفشل والانكشاف ليس مفاجئا فقد قادت المليشيا الحوثية منذ انقلابها الغاشم البلد برمته ومؤسسات الدولة في المناطق الخاضعة بالقوة لسيطرتها، نحو الانهيار الكامل في مختلف المناحي، وتسببت بأكبر أزمة إنسانية على مستوى العالم، وتاجرت بدماء اليمنيين ومعاناتهم وآلامهم لتحقيق مكاسب مادية".
- فساد ونهب وابتزاز
وخلال السنوات الماضية، نشرت تقارير عدة عن فساد قيادات المليشيا الحوثية المعينين في السفارة اليمنية بدمشق، حيث سبق أن نهب المشرف الحوثي على السفارة ياسر المهلهل، والذي يعد بمثابة الرجل الأول فيها، وضابط الأمن الوقائي الحوثي عمار إسماعيل، تبرعات بقيمة مليون دولار لإغاثة متضرري الزلزال الذي ضرب شمال سوريا، وجمعت من حلفائها في إيران وصنعاء والبحرين، بحسب مصادر إعلامية.
يضاف إلى ذلك ما نشره موقع المصدر أونلاين، في 20 مارس 2022، من وثائق تفيد بقرار جامعة دمشق فصل المسؤول الحوثي وطالب الدكتوراه في طب الأسنان معتز القرشي، والذي يعمل ملحقا طبيا في السفارة، بسبب قيامه بسرقة أطروحة الدكتوراه التي قدمها للجامعة.
وبعد طرد النظام السوري للبعثة الحوثية من سفارة اليمن في دمشق، قالت مصادر إعلامية إن القادة الحوثيين بدؤوا فعليا في إخلاء السفارة، مع نهب واسع لمحتوياتها، رغم توجيهات من سلطات النظام بعدم أخذ أي من أجهزتها ومقتنياتها وسياراتها الدبلوماسية.
وأشارت المصادر إلى أن قيادات حوثية، بينها ياسر المهلهل، ورضوان الحيمي، ومعتز القرشي، وعمار إسماعيل، هم من يقودون عملية النهب لمحتويات السفارة.
وكانت مليشيا الحوثيين قد عيّنت ممثلا لها في دمشق في عام 2016، بعد أن قاطعت الحكومة اليمنية النظام السوري عام 2011 احتجاجا على المجازر التي ارتكبها نظام الأسد ضد شعبه.
وفي نوفمبر 2020، عينت مليشيا الحوثيين عبد الله صبري سفيرا لها في سوريا، خلفا لسفيرها السابق، نايف القانص، الذي كانت قد عينته سفيرا لها بدمشق في مارس 2016، كأول سفير للمليشيا في دولة أجنبية.
الجدير بالذكر أن مليشيا الحوثيين ليس لديها أي تمثيل دبلوماسي في أي دولة حول العالم باستثناء إيران الراعية لها، والنظام السوري الذي سلمها السفارة وسمح لها بتعيين سفير عام 2016، قبل أن يضطر مؤخرا لطرد البعثة الحوثية من السفارة اليمنية هناك، بسبب فسادها وتحويلها مقر السفارة إلى وكر للدعارة وترويج المخدرات وابتزاز من بقي من اليمنيين هناك، وغير ذلك من أوجه الفساد.