عاد الشاب محمد القطيبي من الهند وحيدا، بعد أشهر من مرافقة والده المصاب، ساءت حالة والده الصحية وفارق الحياة ودُفن هناك.
أصيب عبدالله القطيبي، مؤسس ومدير إذاعة الجوف السابق، أثناء قتاله لمليشيا الحوثي في جبهة دمت عام 2015، ساءت حالته بشكل تدريجي، قبل عامين تم تسفيره إلى مصر لكن دون جدوى.
لسنوات ظل القطيبي، يعاني من اصابته، كان يفترض تسفيره للعلاج في الهند، لم يحدث ذلك، تقول أسرته، قبل اشهر سافر القطيبي إلى الهند على حسابه الشخصي وبمساعدة بعض زملائه.
في الهند تحسنت حالة القطيبي بعد تلقيه العلاج بنسبة كبيرة، كما تحدث في آخر اتصال له، لكنه دخل في مضاعفات خطيرة خلال خمسة أيامه الأخيرة، حاول الأطباء إنقاذه، لم يتمكنوا من ذلك ليفارق القطيبي الحياة وتقرر اسرته دفنه هناك.
وفاة جريح آخر
في ذات اليوم الذي توفي فيه القطيبي، يوم 27 من سبتمبر الماضي، توفي جريح آخر بمستشفى الهيئة بمدينة مارب، اثر تدهور حالته الصحية ومضاعفات خطيرة وحرجة بعد اصابته ـ "غرغرينا"، أدخل على أثرها العناية المركزة في مستشفى الهيئة ليفارق الحياة بعد أسبوع فقط.
أصيب شيبان عدة إصابات منذ التحاقه في صفوف الجيش الوطني بمارب في المعارك مع مليشيا الحوثي، احدى تلك الإصابات في كتفه في جبهة نهم شرق صنعاء عام 2019.
الشهيد محمد شيبان أحد أفراد اللواء 125 التابع للمنطقة العسكرية السابعة، أصيب شيبان في سبتمبر من العام 2022، في جبهة المخدرة شمالي مارب ، إصابة بليغة في ساقه وتأثر مفصل الركبة وهي الإصابة الأخطر والتي توفي بسبب مضاعفاتها.
أُسعف شيبان إلى مصر وهناك تلقى العلاج اللازم، لكن لم يتم تركيب مفصل الركبة، حيث قرر له الدكتور العودة، لكنه لم يتمكن من العودة لتركيب مفصل صناعي للركبة، بسبب قرار الحكومة وقف مستحقات الجرحى.
مئات الحالات من جرحى الحرب حالتهم حرجة وحياتهم مهددة بسبب عدم علاجهم أو استكمال المراحل الأخيرة من العلاج.
وهناك جرحى قررت اللجنة الفنية ضرورة سفرهم بعضهم لاستكمال العلاج، وبعضهم إصابات جديدة، إضافة إلى الحالات المستعصية التي لم تتحسن خلال علاجها في مصر أو الهند.
وزارة المالية تصادر المبلغ
وكانت اللجنة الطبية العسكرية أصدرت بلاغا في الـ 7 من سبتمبر الماضي، بتوقف عمل فرع اللجنة في مصر بسبب عدم تسلمها للموازنة المالية لعلاج الجرحى المخصصة من قبل الحكومة في خذلان واضح للجرحى كما يقولون.
بلاغ اللجنة جاء بعد 8 أشهر من مطالباتها وزارة المالية صرف مخصصات الجرحى للعام 2022، والمقدر بـ 12 مليون دولار، لكن دون فائدة لتخرج ببلاغها المحزن.
وبحسب مذكرة من رئيس اللجنة الطبية العسكرية، العميد عبدالعليم حسان، وجهها إلى رئيس لجنة علاج الجرحى في مصر ابلغه أن يوم 30 سبتمبر الماضي، هو آخر يوم لعمل اللجنة خارج اليمن ولن تتحمل اللجنة أي تكاليف بعد هذا التأريخ.
وصادرت وزارة المالية المبلغ المخصص لعلاج الجرحى (12 مليون دولار)، من حساب وزارة الدفاع ووضعه في حساب خاص بالوزارة وترفض تسليمه للجنة، وفق ما أكدته اللجنة في اجتماع لها بتاريخ 30 نوفمبر الماضي.
يقول الجرحى إن هذا الاجراء يهدد حياة المئات منهم إما بالإعاقة الدائمة أو الموت.
يعلق الجرحى آمالهم بمجلس القيادة الرئاسي الزام الحكومة صرف مستحقات علاجهم، كأقل واجب تجاههم لتضحياتهم في مواجهات مليشيا الحوثي دفاعا عن الدولة.
قرار تسفير الجرحى
ليس كل الجرحى يتم تسفيرهم إلى الخارج إنما الحالات الحرجة والمعقدة، وهناك آلية معينة لتحديد تلك الحالات، يتمثل في لجنة فنية مكونة من أطباء في تخصصات في العظام والمخ والأعصاب والمسالك البولية والجراحة العامة والوجه والفكين، ومن تقرر اللجنة ضرورة سفره تعتمده اللجنة الطبية وكذلك الحال في قرار عودة الجريح لاستكمال العلاج.
سوء اهتمام حكومي
يؤكد نائب رئيس اللجنة الطبية، علي حسين، أن السبب الرئيس في وفاة عدد من الجرحى، تأخر الجهات المعنية في الحكومة صرف المستحقات المالية لعلاج الجرحى.
وأضاف حسين أن ملف الجرحى شهد ويشهد سوء اهتمام من الجانب الحكومي من بداية الحرب، حيث وأنه لم تعتمد الحكومة ميزانية خاصة أو مبلغ مخصص ومعتمد لهذا الملف الهام وإنما مبالغ مقطوعة في فترات مختلفة.
وأشار حسين إلى أنه ورغم ذلك الإهمال لا تصرف تلك المبالغ إلا بعد استجداء ومناشدات وبعد اصدار بيانات، معربا عن أسفه أن بعض الحالات دخلت في مضاعفات خطيرة أدت إلى الوفاة أو الإعاقة الدائمة بسبب هذا التعامل الحكومي.
50 الف جريح
بحسب تقديرات اللجنة الطبية فإن نحو 50 ألف جريح، أصيبوا في معارك ضد مليشيا الحوثي منذ 21 سبتمبر 2014، نحو 10 ألف منهم لا زالوا بحاجة لاستكمال علاجهم.
في حديثه لـ "الصحوة نت" يؤكد نائب رئيس اللجنة الطبية علي حسين، أن هناك 75 حالة مستعصية وقررت اللجنة سفرهم إلى دول متقدمة كـ المانيا، روسيا، أو دول في الاتحاد الأوروبي، نظرا لعجز علاجهم في مصر.
100 حالة بحاجة إلى سفر عاجل
وأضاف "هناك أكثر من 100 حالة يجب تسفيرهم إلى الخارج لاستكمال علاجهم، معربا عن أسفه لعدم تجاوب الجهات المعنية حتى الآن رغم المخاطر التي قد تتعرض لها تلك الحالات".
وناشد حسين الجهات الرسمية ضرورة الالتفات بمسؤولية إلى ملف الجرحى، ومعالجة وضع الجرحى والبدء بتشكيل الهيئة التي وعد بها رئيس مجلس القيادة الدكتور رشاد العليمي التي اعلن عنها قبل أكثر من عام، ورصدِ مصادر تمويل واضحة ومحددة لها ليتم وضع حل عاجل ومستمر لملف الجرحى.
بيان الجرحى
وكان الجرحى قد ناشدوا في بيان لهم منتصف سبتمبر الماضي، مجلس القيادة الرئاسي والحكومة ووزارة الدفاع، بتحمل مسؤولية استكمال علاجهم.
وقال بيان الجرحى " نحن الجرحى بذلنا دماءنا وأرواحنا في الدفاع عن الدين والوطن وإعادة مؤسسات الدولة نطالب الدولة “بتحمل المسؤولية الكاملة” في استكمال العلاج.
وأشار البيان إلى أن العديد من الجرحى، هم في العناية المركزة، مؤكدًا بأن البعض من الجرحى مقيم في مركز العلاج الطبيعي وآخرين جراحاته المفتوحة ويعاني من التهابات شديدة.
الجرحى في مصر
أكثر من 100 جريح في مستشفيات دولة مصر الشقيقة، يعيشون وضعا صعبا ومأساويا، بسبب توقف عمل اللجنة بسبب عدم صرف الحكومة مستحقات علاجهم.
من بين تلك الجرحى من يعاني من تقرحات فراش، وجراحات مفتوحة، ومن يعاني من التهابات مزمنة.
يحذر نائب رئيس لجنة علاج الجرحى في مصر، سلطان السالمي، من خطورة وقف مستحقات علاج الجرحى خاصة المقعدين والمشلولين، وأن ذلك سيقضي على كل جهود سنوات من العلاج وسيعيد بعض الحالات إلى نقطة الصفر.
وأشار السالمي في حديثه لـ "الصحوة نت" إلى أن بعض حالات المقعدين والمشلولين شهدت بعد علاج خلال سنوات تحسنا ملحوظا، بعضهم بدأ يقف بمفرده، وحالات بدأت تخطوا خطوات.
وناشد السالمي، في حديثه لـ "الصحوة نت" الجهات الرسمية سرعة معالجة ملف الجرحى وصرف مستحقاتهم لاستكمال علاجهم وعدم تركهم لمصيرهم.
أسر الجرحى تضطر للعمل
بعض الجرحى اضطرت أسرهم (أمهات، زوجات، أطفال) للبحث عن عمل لسد احتياجاتهم الأساسية بعد أن تحولت إصابة رب الأسرة إلى إعاقة دائمة وبقي طريح الفراش أو غير قادر على العمل.
كما هو الحال مع أم محمد "مسنة" ليس لها عائل، سافرت مارب للسكن عند بنتها.
أصيب زوج بنتها مؤخرا وقعد عن العمل، فاضطرت أم محمد للعمل وبيع البخور والعطور لنساء المخيم بهدف توفير ما تيسر من حاجاتها الأساسية لأسرتها.