سبتمبر وأكتوبر أفقان لشمس واحدة

سبتمبر وأكتوبر أفقان لشمس واحدة

لا يحتاج الباحث في تاريخ ثورتي 26 سبتمبر و14 أكتوبر إلى كثير عناء لإدراك عوامل الصلة ووشائج القرابة بين الثورتين. ذلك أنهما خرجتا من رحم واحد. وتوحدتا منطلقا وغاية ومصيرا. واتخذتا من الساحة اليمنية طولا وعرضا مضمار تجلٍّ وميدان شروق.

وإذا كانت الأسبقية الزمنية لانبلاج ثورة سبتمبر قد وضعتها في التسلسل التاريخي أولا؛ إلا أن ذلك لا يعني بأية حال من الأحوال أنها هي الصوت وثورة أكتوبر الصدى. فكلاهما فرسا رهان. انطلقا معا. وتخطيا الحدود والحواجز معا. وكان لا بد لأحدهما أن يصل الغاية قبلا. لما أتيح له من ظروف مواتية وعوامل شتى ومعقدة أهلته للوصول أولا.

 ولعل أوثق عرى التواصل والتواشج بين هذين الثورتين العظيمتين يتمثل في ذلك التوحد المطلق بين رجالهما. فقد نسوا يومها كل انتماء غير الانتماء لليمن. ونبذوا وراء ظهورهم كل غاية ومقصد غير الحرية. وواجهوا صور التخادم التكتيكية بين نظام الإمامة في الشمال وسلطات الاستعمار البريطاني في الجنوب بميثاق إخوة ثابتة. برهنت مختلف الوقائع والأحداث على صدقها. وليس أدل على ذلك من احتضان مدينة عدن للزبيري والنعمان والواسعي والفضول إبان نزوحهم من الشمال. وتقديمها كل العون والمساعدة لأنشطتهم الثورية والفكرية. وليس أدل على ذلك أيضا من احتضان مدن الشمال وخاصة مدينة تعز وتحولها إلى ساحات تدريب قتالية لأسود الثورة من ردفان ويافع غيرهم ممن وجدوا ظهرا حاميا وسندا قويا.

أما في واحدية الغاية فإن الشواهد أكثر من أن تحصى. فهذا الثائر عبود الشرعبي يسطر أروع الملاحم الثورية ضد الإنجليز لتحتضنه مدينة عدن شهيدا خالدا. ومثله كثيرون وكثيرون من أسود الجنوب ممن شاركوا بفاعلية كبيرة في ثورة سبتمبر وفي الحفاظ عليها. وليس عجيبا أن يكون قحطان الشعبي وزيرا في أول حكومة في الشمال. ليصبح بعدها أول رئيس للجمهورية في عدن.

إن أي محاولات لوضع الحدود والحواجز بين جنوب اليمن وشماله ستبوء بالفشل. وسيكون مصيرها مصير كل مشاريع التجزئة والتقسيم التي كنسها اليمنيون بروح واحدة. وبساعد واحد. ذلك أن الوحدة الوطنية هي قدر هذا الشعب. وهي الروح الخالدة التي لن تنطفي أبدا لأنها عمدت بالدماء الزاكية. دماء ثوار وهبوا  لليمن كلا أرواحهم. ومنحوها شمس الثورة الأبدية في سبتمبر وأكتوبر.

القائمة البريدية

أشترك معنا في القائمة البريدية لتصلك كل الاخبار التي تنشرها الصحوة نت

تواصل معنا

الجمهورية اليمنية

info@alsahwa-yemen.net

الصحوة نت © 2023 م

الى الأعلى