قال رئيس الكتلة البرلمانية للتجمع اليمني للإصلاح، عضو الهيئة العليا للإصلاح النائب عبدالرزاق الهجري، إن مصر تمثل السند الداعم لليمن في أوقات المحن والشدائد، واثناء التحولات المفصلية.
ونوه الهجري في كلمة الكتل البرلمانية، أمام اجتماع المائدة المستديرة "مصر في عيون اليمنيين" المنعقد بمركز الحوار للدراسات السياسية في العاصمة المصرية القاهرة، إلى ما اضطلعت به مصر بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي من دور محوري تجاه التطورات التي تعيشها اليمن منذ تمرد جماعة الحوثي المدعومة من ايران على الشرعية الدستورية والتوافق الوطني في سبتمبر 2014، وما تسببت فيه من كارثة إنسانية من شنها لحرب مدمره على اليمن وشعبه ولاتزال مستمرة حتى الآن.
وأكد أن لمصر دور كبير في دعم الحكومة الشرعية ودعم وحدة اليمن واستقراره السياسي، وفي التعامل مع التداعيات الأمنية لهذا التمرد في باب المندب وجنوب البحر الأحمر، وقد نشطت الدبلوماسية المصرية لدعم الشرعية في المحافل الدولية.
واستعرض رئيس برلمانية الإصلاح، مراحل تاريخية مختلفة، كانت فيها مصر سنداً لليمن، وصولاً إلى مساندة ثورة 26 سبتمبر 1962، بكل ثقل مصر العسكري والسياسي والقومي، حيث كانت الثورة التحول الأكبر في تاريخ اليمن، وهي الثورة التي خلصت اليمن من الحكم الامامي الكهنوتي المتخلف وأقامت على انقاضه نظاما جمهوريا، استلهم التجربة المصرية واسترشد بخطها السياسي ومسيرتها التنموية، مشيراً إلى اختلاط الدم المصري واليمني من أجل نصرة الثورة.
وتطرق إلى اسهام مصر المحوري، في تشكيل مؤسسات الدولة، في بداية مسيرة الجمهورية، وفي مواجهة تركة التخلف التي تركها حكم الإمامة، واحداث تنمية في مجالات التعليم والصحة والثقافة والفكر وبقية مجالات التنمية وفي اسناد الكفاح المسلح لثورة ال 14 من أكتوبر 1963م، وتحرير جنوب اليمن من الاستعمار البريطاني وتبعاته، كما كانت مصر أقرب النماذج التي استلهمها اليمنيون في مختلف المجالات.
ولفت الهجري، إلى تصاعد الحضور السياسي المصري خلال العقدين الأخيرين، ومع تصاعد الأزمة اليمنية للمساهمة في حلها، وحضورها ضمن اجتماعات مجموعة أصدقاء اليمن، وضمن الدول المشرفة على تنفيذ المبادرة الخليجية.
وأوضح الدور المصري بعد انقلاب مليشيا الحوثي على السلطة الشرعية وعلى التوافق الوطني في سبتمبر 2014 م، مؤكداً أنه جاء كامتداد لموقف مصر الثابت القومي والعروبي الداعم لاستقرار اليمن ووحدته وسلامة أراضيه، مشيراً إلى مسارعتها إلى إعلان تأييدها ودعمها للتحالف العربي الداعم للشرعية بقيادة المملكة العربية السعودية، والمساهمة بفاعلية على المستويين الاقليمي والدولي لبناء موقف موحد تجاه الأزمة اليمنية.
وفي البعد السياسي نوه الهجري باستمرار التزام مصر بدعم الشرعية في اليمن ودعم استقرارها، منذ الوهلة الأولى لانطلاق "عاصفة الحزم" في 25 مارس 2015، واعتبره التزاماً أصيلاً ينبع من العلاقات القوية والمصلحة المشتركة، باعتبار أن استقرار اليمن جزء لا يتجزأ من الأمن القومي المصري والعربي.
كما تحدث رئيس برلمانية الإصلاح في ورقته، عن دور مصر تجاه اليمن، على المستوى الإنساني، حيث سارعت مصر إلى تقديم التسهيلات لاستيعاب أكبر قدر ممكن من النازحين من اليمن، وتعاملت معهم من منظور أخوي وقومي وعربي صادق، وعده موقفاً يضاف الى ما قدمته مصر لليمنيين في التاريخ المعاصر ويعزز من مكانة مصر في قيادة وريادة المنطقة.
وحول منظور مصر إزاء الأزمة اليمنية، أكد الهجري أنها تنطلق من منظور أن الأمن بين الدولتين كُل لا يتجزأ وان الأمن اليمني هو امتداد لأمن مصر، وكذا من الدور التاريخي لمصر تجاه اليمن، ومن التكامل بين الدولتين أمنيا وجغرافيا وسياسيا.
وقال الهجري إن هذا منظور مصر تجاه الأزمة في اليمن ينطلق من الدور الدبلوماسي المصري، ومن رؤية الحكومة المصرية للنهوض بدور فاعل في تعزيز الامن والسلم الدوليين وحماية الممرات المائية في المنطقة، والاهتمام باحتياجات الامن لدى الدول العربية المطلة على البحر الأحمر والخليج العربي ويعتبر هذا الموقف من الأسس الرئيسية في سياسة مصر الخارجية.
وتابع قائلاً: "ندرك جيدا ان اشقاءنا في جمهورية مصر العربية يرون ضرورة عودة مؤسسات الدولة اليمينة لتتمكن من تأمين مضيق باب المندب والممرات الملاحة الدولية وازاله خطر تهديد المليشيات لطرق الملاجة الدولية، باعتبار ان اليمن تشرف على اهم ممر لنقل النفط في العالم وهو باب المندب والذي يعد تأمينه تأمين لقناة السويس، وأن استيلاء الحوثيين على السواحل اليمنية المطلة على البحر الأحمر وباب المندب سيكون له التأثير الأكبر على ممر الملاحات الدولية والأمن القومي المصري، وينظر له باعتباره تهديدا استراتيجيا له وهو ما يحتم أن يكون لمصر دورا متواصلا في تأمين وحماية الممرات المائية الاستراتيجية".
وحول مقاربات حل الأزمة اليمنية، ثمن رئيس برلمانية الإصلاح، كافة الجهود الدولية والإقليمية، وفي مقدمتها جهود الأشقاء في المملكة العربية السعودية، وسلطنة عمان، منوهاً بتأكيدات الحكومة الشرعية والبرلمان والأحزاب والقوى السياسية على ان أي عملية سلام يجب ان تقوم على، أن يكون سلاما شاملا ودائماً وفقا للمرجعيات الوطنية والإقليمية والدولية، وان لا تنطوي تلك المشاورات على أي ثغرات يمكن ان تسلم اليمن الى دورة جديدة من الحرب، والحفاظ على المركز القانوني للدولة، من حيث تماسك كيانها، وفرض سلطتها وأداءها لكل وظائفها، وألا يسهم في شرعة المليشيات.
وأكد أن من أسس أي عملية سلام، احتكار الدولة للسلاح، وأن تكون هي الوحيدة التي لها الحق في الاستخدام القانوني للقوة القهرية، وهو ما يتطلب سحب السلاح من المليشيات، وان تحفظ أي تسوية سياسية لليمن سيادته واستقلاله ووحدة ارضيه، وإعادة الاعتبار لثورة السادس والعشرين من سبتمبر التي مثلت التحول والمكسب الأهم في تاريخ اليمن المعاصر.
وشدد الهجري على ضرورة أن تؤدي التسوية إلى إنهاء انقلاب مليشيات الحوثي والآثار المترتبة، من التدمير الممنهج للجهاز الإداري للدولة وتدمير النسيج الاجتماعي ونهب الممتلكات العامة والخاصة والاحكام الصورية بحق قيادات الدولة وكل من رفض سيطرة مليشيات الحوثي، وكذا ضمان الأمن القومي العربي: بحيث تكون سلطة الدولة ومؤسساتها الحيوية في حالة توافق مع المحيط العربي لليمن، وتكامل معها، إضافة إلى تحقيق العدالة الانتقالية بما يكفل تحديد المسؤولية الجنائية عن جرائم الحرب الت ي ارتكبتها مليشيات الحوثي وانتهاكاتها لحقوق الانسان وجبر ضرر الضحايا وصولا الى تحقيق العدالة وانهاء الإفلات من العقاب.
وشارك في المائدة المستديرة، أعضاء البرلمان اليمني، ونخبة من الدبلوماسيين والنواب والخبراء المتخصصين والعسكريين والإعلاميين من الجانبين اليمني والمصري، وترأستها الوزيرة الدكتورة ميرفت التلاوي الوكيل السابق للأمين العام للأمم المتحدة، والتي استهلت كلمتها في بداية الاجتماع بالتأكيد على عمق العلاقات المصرية اليمنية ومتانتها وتنوعها، وأن عنوان هذه المائدة المستديرة جاء بمبادرة من جانب ممثلي الشعب اليمني للتعبير عن امتنانهم للدولة المصرية وقيادتها السياسية.
وخلال المائدة، أشادت السفيرة بشرى الإرياني، بالدور الفاعل والتحركات النشطة والجهود المضنية والمواقف المشرفة التي تقوم بها وزارة الخارجية المصرية برئاسة الوزير سامح شكرى، موضحة أن السياسة المصرية تنطلق من رؤى دبلوماسية رائدة تسعى إلى تأكيد الدور المصري وريادته عربيا وإقليميا ودوليا، وهو الدور الذي حظيت في إطاره القضية اليمنية باهتمام واسع المدى.
وأشار البيان الختامي عن اجتماع المائدة المستديرة "مصر في عيون اليمنيين" إلى محورية الدور المصري بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي ومواقفه الداعمة دائما للشعب اليمني وقيادته السياسية برئاسة الدكتور رشاد العليمي، سعيا لتحقيق الاستقرار والسلام في اليمن.
وبين البيان أن كلمات أعضاء البرلمان اليمنى أشادت بالدور المصري، في دعم استقرار اليمن مشيرًا إلى أن هناك ما يقرب من 3 مليون مواطن يمني في مصر يعيشون حياة كريمة، متوجهًا بالشكر إلى الدولة المصرية بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي على حسن ضيافة اليمنيين، وعلى السياسة المصرية الحكيمة في التعامل مع القضية اليمنية.
ونوه البيان بأن العلاقات المصرية اليمنية كانت ولازالت تمثل نموذجًا للعلاقات الأخوية الراسخة وهو ما تؤكده المواقف المصرية الداعمة لليمن سواء من خلال المواقف المشرفة للخارجية المصرية أو من خلال الدبلوماسية الرئاسية، وتأكيدها أن مصر لها مكانة خاصة في قلوب اليمنيين.
وفي ختام المائدة كرم أعضاء الكتل البرلمانية اليمنية الوزيرة الدكتورة ميرفت التلاوي الوكيل السابق للأمين العام للأمم المتحدة، تقديرًا لدورها التاريخي في دعم القضايا العربية والإنسانية بصفة عامة والقضية اليمنية على وجه الخصوص.