"٢١ سبتمبر كارثة تاريخية وردة حضارية وأم النكبات.. تركت لنا يمنا ممزقا بلا سيادة ولا استقلال ولا مواطنة.. جبايات متوحشة وعنصرية مقيتة.. استباحة عنصرية بحق شعبنا في الوظيفة العامة.. كهنوت مصادم للعصر والعلم والمعرفة والمستقبل.. مخافات ثلاث جهل وفقر ومرض هذه هي الحقيقة المرة التي نعيشها كل يوم"، بهذا الكلمات لخص النائب أحمد سيف حاشد (موالي للحوثي)، ما ارتكبته مليشيا الحوثي بحق اليمن واليمنيين.
يجزم حاشد ومعه جموع اليمنيين، خاصة القابعين في مناطق سيطرة الحوثيين، أن ما حدث في 21 سبتمبر 2014، نكبة أعادت البلاد عصورا للوراء، وأفضت إلى واقع منافٍ للمنطق والتاريخ والحضارة ومعادي للإنسانية، استقوت جماعة ظلامية بالسلاح محاولة سلب إرادة وحرية وحياة اليمنيين وهويتهم وثقافتهم وثرواتهم.
وضجت مواقع التواصل الاجتماعي خلال الساعات الماضية، بتغريدات ومنشورات متوافقة مع ما قاله حاشد، استحضر فيها النشطاء والمدونون والمثقفون مسيرة 9 سنوات من الإرهاب والخراب والدمار والموت الذي جلبته المليشيا بدعم ومساندة من إيران وملاليها العنصرية.
ورصد "الصحوة نت"، تفاعل اليمنيين وأحاديثهم ومنشوراتهم تحت وسم "#نكبة_اليمن_21سبتمبر، عن الانقلاب والنكبة واحتلال صنعاء وما تلاها من طوفان دمر كل شيء جميل، وبدد أحلام الشعب بالمواطنة والعدالة والديمقراطية والبناء والنهضة والقضاء على مظاهر الفساد التي تخللت الفترات السابقة، وسادت مؤخرا المشهد العام لسلطة الأمر الواقع برعاية وعناية من "حارس الكهف" الذي تسميه جماعته اعتباطا "قائدا للثورة" المزعومة.
إسقاط الدولة
وكتب رئيس منظمة سام للحقوق والحريات عن الذكرى تحت الوسم، قائلا "اقتحم الحوثيون صنعاء بحجة تخفيض ٥٠٠ ريال يمني من قيمة الدبة البترول ودمر البلد أيضا بحجة الدفاع عن السيادة، ورفض الاعتراف بالشرعية. واليوم وفد الحوثي يشحت الرواتب من الشرعية والسعودية. والله لازم القيامة تقوم".
وأشار بشير الحارثي، إلى أنه في مثل هذا اليوم قبل تسع سنوات "كان اليمن على أبوب الاستفتاء على الدستور ودخول مرحلة جديدة من الشراكة الحقيقية والتمكين السياسي لكل أبناء اليمن والشروع بصفحة جديدة في التاريخ.
واستدرك الحارثي "فجاء مغول العصر، وغبار التاريخ وشذاذ الآفاق من كهوف مران واجتاحوا العاصمة صنعاء، وأسقطوا الدولة ومعها سقطت كل أحلام اليمنيين وكرامتهم وسيادتهم، وفتحوا الجحيم على اليمنيين قتل وخراب وتدمير مقابر ونزوح وتشريد وجوع وفقر وبات، وما زلت تقتل وتنهب وتصادر حقوق اليمنين وأملاكهم وحياتهم منذ سنوات إنها ذكرى النكبة".
وقال وزير الإعلام معمر الأرياني، إن اليمن "تعرضت في 21 سبتمبر 2014م لأكبر انتكاسة في تاريخها الحديث والمعاصر، ومنذ ذلك التاريخ المشؤوم انطلقت مسيرة الفوضوية قادمة من جروف صعدة، وارتكبت آلاف الجرائم والانتهاكات غير المسبوقة، ونهبت الأموال وفجرت المنازل والمدارس والمساجد، وألحقت دماراً طال مختلف مناحي الحياة، لتعيد اليمن قرونا للوراء في مختلف المجالات، وجعلت حياة اليمنيين جحيماً لا يطاق".
وكتب صادق الوصابي "في هذا اليوم قبل 9 سنوات، كنا نتابع بذهول سقوط المقرات الحكومية السيادية واحدة تلو الأخرى على أيدي الغزاة القادمين من الكهوف... كنا مصعوقين ونحن نرى البرابرة الجُدد، وهم يدنسون صنعاء، ويُجْهزون بحقد على الدولة، فيما كانت كتائب التبرير تبارك دخول القوة الفتية".
وقال الباحث والإعلامي عبدالله إسماعيل "حقيقة ناصعة كوضوح الشمس في سماء صافية كل معاناة عاناها أو يعانيها اليمنيون سببها نكبة 21 سبتمبر، ولن تزول الغمة إلا بزوال السبب، وبقائه نذير معاناة وخراب.
وأضاف في تغريدة "هي السنوات الأسوأ في تاريخ اليمن على الإطلاق انتصرت فيها الهمجية على التمدن والإقصاء على الشراكة والقبح على الجمال انتصر فيها الكهف على المدينة والكهنوت على قيم الحضارة والكراهية على الحب والترابط والوئام، لكنها الجولة الأخيرة في صراعنا مع السلالة ومشروعها".
وكتب وكيل وزارة الإعلام عبدالباسط القاعدي إن "يوم 21 سبتمبر محاولة لإعادة الكهنوت في أبشع صوره، وهو يوم مشؤوم جلب على اليمنيين المصائب كلها".
سخرية وشفقة
وسخر رياض الدبعي، من إعلان الحوثي تحويل الفرقة إلى حديقة، وقال "عندما اقتحموا صنعاء بقوة السلاح بتاريخ ٢١ سبتمبر ٢٠١٤ كانت واحدة من وعودهم تحويل مقر الفرقة الأولى مدرع حديقة عامة بعد ٨ سنوات من الدمار والحرب الذي تقوده الجماعة، وضعوا اليوم حجر الأساس لحديقة ما يسمى ٢١ سبتمبر، بعد عشر سنوات من الآن بيقواوا تم استكمال المخططات يعني لو جاء عام ٢١٠٠ والحوش جاهز يعتبر إنجازاً لهم".
من جهته، قال همدان العليي، أحياناً "أشفق على مرتزقة إيران وهم يحاولون إقناع اليمنيين بعظمة يوم خيانتهم لليمن في 21 سبتمبر، يكتبون الأشعار ويؤلفون الكتب، وينتجون الأغاني ويوزعون الأموال لأذيالهم بلا جدوى..، في نهاية الأمر ستجد كل من يطبل لهذا اليوم من بني هشهش.. نحن نتحدث عن سلالة تدعي بأنها قامت بثورة.. مسخرة".
وأكد سفير اليمن في اليونسكو الدكتور محمد جميح، إن الحوثيين "فشلوا في تحقيق أي من أهدافهم التي ضحكوا بها على الناس ولم يطبقوا أياً من شعاراتهم التي أعلنوها. وفوق هذا مارسوا فساداً ترحم الناس بسببه على الرئيس صالح و"أكلوا الطعام من أفواه الجياع". ولكي يغطوا على فشلهم وفسادهم وسرقاتهم لجوا للمناسبات الدينية ليغطوا بها على بشاعة لا مثيل لها".
وكتب عارف اليافعي، أنه ما أحد "مستفيد من انقلاب الحوثيين غير اثنين فقط.. وثالثهم الشيطان طبعاً. الأول التاجر الذي يستورد الصبغ الأخضر والثاني صاحب محل الكهربائيات الذي يبيع اللمبات الخضراء. حتى لو كانوا وكلاء سيارات ما حققوا كل هذه الأرباح".
وقالت ابتهال الصنعاني مخاطبة المليشيا "احتفلوا واصرخوا واستعرضوا بكل قبح وقبيح أنكم مرغتم كبرياء اليمن بالوحل، ولكن ثقوا أنكم ستفيقون قريبا من نشوة هذا السكر، فلكل إمامي جديد زبيري وسلال جديد وأحفادهم اليوم يجددون الولاء لثورة 26 سبتمبر الخالدة فقط ومصممين على استرداد الوطن من بين انيابكم النجسة".
وتساءل فيصل الشبيبي، عن سبب احتفال المليشيا بالنكبة، مضيفا ًيحتفلون بتسع سنوات عجاف، قتلوا فيها عشرات الآلاف وأدموا ملايين القلوب، نهبوا كل شيء حتى أفرغوا الجيوب، قيدوا الحريات وأغلقوا بوجه الشباب الدروب، وشردوا اليمنيين بين الشعوب. وبكل صفاقة يقولون "ثورة" أعادت لليمن وشعبها الاعتبار!؟".
انتهاكات فظيعة
واستعرض النائب محمد الحزمي، إنجازات المليشيا قائلا "شردت شعباً وقطعت أوصاله، وقتلت وجرحت واختطفت الملايين، وجاءت بحرب دمرت البلاد والعباد، وجاءت بالمجاعة والفقر غير المسبوق، وجاءت بتمزيق الوطن إلى أوطان، وبالعصبية الطائفية والمناطقية"، مضيفا "جاءت وكنا دولة مؤسسات تحكم وفق الدستور والقانون، فجعلتها لا دولة تحكم، وحكم عصابات، وجاءت وكانت جمهورية شعب، فحولتها إلى جمهورية السيد".
وأوضح وكيل وزارة الإعلام أحمد ربيع أنه "لم تمر اليمن بمرحلة أهينت فيها كما هو الحال في عهد المليشيات الذين لا يقيمون وزناً لعلمٍ أو مؤهل أو وجاهة.. كما لا يوجد في قاموسها حرمة لمسجد أو بيت أو منشأة خاصة أو عامة".
وأشار عبدالله طربوش إلى التقارير الدولية "التي تؤكد بأن تهريب المخدرات والإتجار بها مرتبط ارتباطا وثيقا بمليشيا الحوثي وضلوع قيادات في المليشيا في تهريب المخدرات بأنواعها والمتاجرة بها وتسهيل المرور لها بكميات كبيرة".
وقال د. محمد الزيادي إن المليشيا "لم تقدم أي شيء يلبي طموحات وتطلعات الشعب خلال كل هذه السنوات سوى الموت والمقابر والقمع والإرهاب والجوع، ولهذا لا يمتلكون اليوم أي حاضنة شعبية، وأصبحوا منبوذين لدى الجميع، وسيكون مصيرهم إلى زوال".
وتحدث مدير إذاعة الاتحادية محمد الجماعي عن "وصل مشروع الحوثي إلى غرفة الإنعاش بعد كل هذه الأعوام"، مضيفا "هو الآن يواجه رفضا شعبيا متعدد الفئات والتوجهات، وإذا لم تسعفه كل تلك السنوات كي يستطيع التعايش مع المجتمع الذي يسيطر عليه، فلن تسعفه محاولات الإنعاش الدولي الذي ما يزال يتوهم أن ثمة مصلحة يمكن أن يحققها لهم".
وأكد وليد الراجحي أن 21 سبتمبر "نكبة بكل المقاييس، ليس لها إنجاز إلا التشريد والجوع والتفجير والتهجير والقتل. صدرت الخلايا الإجرامية والإرهابية، وجندت الأطفال في زراعة العبوات ونساء لممارسة الدعارة والإيقاع بالخصوم".
وأشار فهد العيال إلى أن النكبة "هدمت أسس الدولة، وجرفت الحياة السياسية، وضربت روح المواطنة المتساوية، ونسفت مبدأ التعايش، وسحقت الحريات، وصادرت الحقوق، ونشرت الفقر والجهل، والمرض، ونهبت رواتب الموظفين، والاحتياطي النقدي، وسرقت حتى المساعدات الإنسانية".
واستغرب القيادي في الانتقالي "منصور صالح"، من تعامل البعض بخفة مع نكبة الحوثي واعتبارها مجرد حدث سياسي عابر "رغم خطورتها على مستقبل هذا البلد"، مضيفا "منذ عام ٢٠١٤ أصبح اليمن مهددا جديا في عروبته ودينه ومستقبل أجياله وما لم تكن هناك صحوة لمواجهة هذا الخطر، فإن المستقبل سيكون كارثيا ومرعبا".
وأشار عبدالمحسن المراني وعبدالله المنيفي ونشطاء آخرون إلى "تعمد مليشيا الحوثي منذ انقلابها على تدمير الهوية الوطنية وطمس الإرث الثقافي والحضاري للدولة اليمنية، وترسيخ الهوية الخمينية، وتجريف الحياة الاجتماعية والثقافية لليمن وحضارتها وإرثها التاريخي".
وأكد النشطاء والمدونون في تغريداتهم ومنشوراتهم، أنه مهما طال ظلم وطغيان المليشيا، فإن مصيرها محتوم "وانتفاشها إلى زوال"، وأن الشعب اليمني مهما صبر وانتظر وقاوم بهدوء محاولات التغريب والطمس والتدمير الممنهج للحاضر والمستقبل، فإنه قادر -دون ريب- على هزيمة الطائفية وإسقاط الإمامة والرجعية كما أسقطها سابقاً، مهما حاول المجرمون كسب الوقت، وساعدهم داعميهم الدوليين الذين لا يريدون لليمن وشعبها خيرا وسلاما ونهضة واستقرار.
ونشر النشطاء والمدونون فيديوهات ومشاهد من جرائم مليشيا الحوثي، في تفجير المنازل وقصفها، وقنص الأطفال، ومصادرة المنازل ونهبها، والاستيلاء على الأراضي والعقارات والاعتداء على المؤسسات الخاصة والقطاع المصرفي، مؤكدين أن انتهاكات المليشيا طالت كل مناحي الحياة، وصولا إلى محاولة فرض معتقدات على الناس، والتحكم في طريقة لبسهم وكلامهم.
كما تداول النشطاء مشاهد مروعة لنماذج من الانتهاكات الحوثية التي ترقى لجرائم حرب وفقا للتقارير الأممية، إضافة إلى مقتطفات وتأكيدات دولية على تلويث المليشيا أرض اليمن بملايين الألغام، وتدمير التعليم والمؤسسات التعليمية الأساسية والعليا، واستنساخ التجربة الإيرانية بكل مأساوية، ومحاولة فرضها بالقوة والعنف على اليمنيين، وحرمان المرأة من العمل والعيش الكريم، وتحويل الناس إلى عبيد وتخوين كل من يعارض المليشيا، ويصرخ من حجم الظلم والقهر الذي يتعرض له، بما في ذلك بعض المحسوبين عليها، والذين يتعرضون للتصفية والترويع والإسكات بالقوة المسلحة أو الاغتيال أو تلفيق التهم.
كما نشر النشطاء، صور وتصميمات لنماذج من ضحايا المليشيا، ومخططات بيانية عن انتهاكاتها وضحايا من الأطفال والنساء، والمنهوبات المالية والخاصة، والعديد من المعلومات التي تفند مزاعم المليشيا، وتكشف كذبها وخداعها وما حاولت أن تروجه من مشاريع خيالية وبطولات أسطورية، في محاولات يائسة، لتأخير سقوطها المحتوم، وانتصار الشعب اليمني وإرادته الحرة على صرخة وثقافة ونهج الموت والإرهاب.