الإصلاح.. رافعة سياسية في خدمة الشعب

الإصلاح.. رافعة سياسية في خدمة الشعب

 ثلاثة وثلاثون عاماً من النضال والعمل السياسي الشاق، لحزب التجمع اليمني للإصلاح، القوة السياسية والشعبية المسخرة لخدمة الشعب واليمن، ابن الثوابت وامتداد للحركة الإصلاحية والفكرية اليمنية شمالاً وجنوباً.

ارتبط الإصلاح بمعظم تاريخ اليمن الحديث طوال أكثر من قرن امتدت وتطورت الحركة الإصلاحية اليمنية من منظومة فكرية تحمي المواطنة المتساوية وتناضل من اجل إصلاح السلطات المتعاقبة إلى حزب سياسي يؤمن بالديمقراطية كآلية الوصول إلى سيادة الأمة وتعيين من يحكمها.

تستند فكرة الإصلاح إلى إصلاح النظم السياسية التي انحرفت عن مسارها وهدفها، فكان لهذه الحركة دور كبير في إسقاط الإمامة في الشمال والنضال ضد الاستعمار الأجنبي جنوباً، وصولاً إلى قيام الدولة اليمنية الحديثة القائمة على الديمقراطية والتعددية السياسية. لا يزال التجمع اليمني للإصلاح قائماً على عهده مؤمنا بوحدة البلاد وبالنضال السلمي لنيل حق الشعب في حكم نفسه مواجها للإمامة الجديدة، والمستعمرين الجدد.

 

أولاً: الإصلاح تاريخ ومستقبل

 

تكاد الدراسات المتعلقة بالتاريخ اليمني الحديث أن تتفق على أن التجمع اليمني للإصلاح يعتبر امتداداً لحركة التجديد والإصلاح اليمنية التي ظهرت منذ القرنين السابع عشر للميلاد، في مواجهة التقسيم العرقي والتصنيف الطبقي للأئمة وادعاء الأفضلية لسيادة عرق دون الناس.

 لكنها في النصف الأول من القرن العشرين تبلورت حركة إسلامية ومعارضة يمنية. قامت بثورة 1948م وفرَّ معظم أبناءها إلى الخارج هرباً من بطش الإمام أحمد حميد الدين. حتى قامت ثورة 1962 وانتصر الشعب على الإمامة وأعلن النظام الجمهوري ليتوج جهود حركة الإصلاح الوطنية بنظام طالما حلموا به واختاروه مع الأمة اليمنية، وكان أبرز قادة هذه المرحلة أبو الأحرار محمد محمود الزبيري.

في عدن والمحافظات الجنوبية كانت الحركة الإسلامية أكثر الحركات الوطنية مواجهة للاستعمار والاحتلال. وبرزوا في واجهة المركز الإسلامي في عدن ورئيسه عمر سالم طرموم، ومحمد البار الأمين العام للمركز. وارتبطوا بقوة النضال حتى نيل الاستقلال. وظهور التيار الواحد الذي حكم الجنوب بالحديد والنار حتى قيام الوحدة المباركة والإعلان عن قيام حزب التجمع اليمني للإصلاح.

 

 

ثانياً: الإصلاح.. حامل المشروع الوطني

منذ التأسيس كان الإصلاح قاعدة صلبة للثوابت الوطنية: الجمهورية والوحدة. وكان طوال ذلك في السلطة أو المعارضة مظلة لحماية هذه الثوابت بمختلف أزمات البلاد وحروبها الداخلية. مع كل ذلك كان الإصلاح حريصاً على حماية الهوية الوطنية الجامعة، فهو الحزب الذي يملك قاعدة جماهيرية شعبية في كل المحافظات والمدن بمختلف خلفياتهم الفكرية.

ولأجل ذلك ينتهج الإصلاح مبدأ الانصهار في المجتمع اليمني ضمن بوتقة الهوية الوطنية الجامعة التي كانت الأحزاب تخشى انحلالها بالذات بعد تمرد 2004، وظهور الحراك الجنوبي (السلمي) في 2007م، واستفحل الحوثيون في العنصرية بعد انقلاب سبتمبر/أيلول 2014م؛ فمع العمل المسلح يغيب الفعل السياسي إلا في تحريك المجتمعات من أجل حماية بنيان الدولة القطرية أو إعادة بناءها كما فعل الإصلاح. وانخرط أعضاؤه مع مجتمعاتهم في المقاومة الشعبية دون اعتبار للانتماءات الحزبية أو الأيديولوجية أو المناطقية، تجمع مع الجميع تحت راية واحدة هي "المقاومة الشعبية" باسم الشعب وحده لا سواه.

منذ انقلابهم، مثّل الحوثيون انسلاخاً من هوية الشعب الجامعة، فأنبعث رؤية الجماعة المسلحة والجماعات الشبيهة بها ارتدادا عن مفاهيم العيش المشترك والملة والعرف والدولة والمجتمع الأهلي ومنظومته التقليدية. لقد حاولوا بتخادمهم إلى فرز الشعب إلى مكونات مذهبية وإثنية ومناطقية، وهذا ليس شعباً بل خليط من الطوائف والإثنيات تعجز عن تأسيس حياة عامة لليمن واليمنيين. فالشعب هو هوية جامعة حامية للهويات الفرعية وقادرة على استعادة نفسها. ومنذ عام 1990م كان الإصلاح حجر الزاوية في استرداد ثقة اليمنيين والابتعاد عن الهويات ما دون الوطنية التي تفرزها الحروب والأزمات السياسية، بتشكيل اللقاء المشترك 2003، والانضمام للثورة الشبابية الشعبية في 2011، والحوار الوطني 2013-2014م، ودعم "عملية استعادة الشرعية"  والتحالف العربي 2015.

 

ثالثاً: الاستقرار والانتخابات

وعقب الانقلاب الذي نفذته ميليشيا الحوثيين، جرى تغذية الصراع الطائفي والاستقطاب الهوياتي؛ تزعم الحوثيون هذا الفرز لإبقاء الانقلاب والتحشيد للجبهات منطلقاً من خلفية طائفية سياسية لإنهاء النظام الجمهوري. بالمقابل قامت جماعات أخرى في الجنوب بعمليات فرز مشابهة بفرز اليمنيين على أساس الهوية وتضخيم الهويات الفرعية مقابل تجريف للهوية الوطنية الجامعة.

ترى الجماعات المسلحة في الشعب معطى تابعاً لها تستخدم من أجل الوصول إليه استنفار كل الخلافات الكامنة، وبدا كل طرف حريص على تحقيق مكاسب سياسية في مرمى خصومه أكثر من حرصه على تحقيق مصلحة المجتمع من خلال رؤى توافقية تجمع ولا تفرّق.

 

الجماعات المسلحة تقوم على الفعل المسلح وعلى الهويات ما دون الوطنية لذلك تتنافى علاقتها السياسية وتجعل من ممارسة العمل السياسي خصمها اللدود-لأنه الحيز الذي تشعر بانكماشها داخله. لذلك لا تمثل الجماعات المسلحة المجتمع وهو معظم المواطنين الذين انتظموا في هوية وطنية عامة، بدون تعقيد اتخذوا التعدد والاختلاف كأساس للوحدة في إطار الدولة، واعتمدوا نظام انتخاب الأصلح لإدارة الدولة ومراقبة السلطة التنفيذية، الجماعات المسلحة لا تقبل سوى بتنفيذ أجندتها الخاصة، فيما الأحزاب تقدم برامجها بناء على ما يريده الشعب.

لذلك فإن العودة للاستقرار في مرحلة ما بعد الحرب بحاجة إلى حزب سياسي عابر للهويات الفرعية ويمتد على طول جغرافيا اليمن وعرضها، يحمل الهوية الوطنية ويدافع عنها، يتشبث معه الناس بآمال الاستقرار وعودة الحياة إلى طبيعتها. يأتي التجمع اليمني للإصلاح كحزب حامل للمشروع الوطني بقاعدته الجماهيرية الواسعة العابرة للهويات الفرعية كطريق اليمن نحو العودة إلى الاستقرار، نحو إذابة الخلافات الهوياتية ومعالجة الفرز الذي ارتكبه الحوثيون ومن يمشون على إثرهم.

كان الإصلاح منذ تأسيسه العمود القائم الذي يعيد بناء الدولة والعمل السياسي، ويرى الحزب والانتخاب هو السبيل الوحيد للوجود في العمل السياسي وليس استخدام القوة الغاشمة، وكانت الانتخابات الأخيرة لهيئات قيادية جديدة لهيئة شورى الإصلاح والمكاتب التنفيذية؛ لتأكيد أن الأمة اليمنية والعمل السياسي يخضعان لسيرورة تشكّل معقّدة متداخلة مع مسارات تشكل الدولة والمواطنة والمجتمع المدني والحرية والهوية الوطنية، وأن القوة ليست واحدة من هذه المؤثرات.

خلال سنوات الحرب تمكن الإصلاح في منع "القوة الغاشمة" من تطويع رفض المجتمع السياسي والاجتماعي، لقد وضع لها حداً وأوقف جنوحها نحو تحقيق أهدافها الفئوية، ساهم الإصلاح في تحصين الموقف السياسي الرافض لشرعنة القوة والتمسك بها، ودفع المجتمع مشدودا إلى السياسة وموثوقا برباطها.

وتؤكد الانتخابات التي أجراها التجمع اليمني للإصلاح إلى قدرة الحزب كفاعل محلي على امتداد الرقعة الجغرافية للبلاد أن يعيد العمل السياسي في مرحلة الاستقرار والسلام في اليمن؛ وهي رسالة واضحة أن العمل السياسي ليس ما تقوم به مكونات أخرى ما دون وطنية تعتمد على التعيين لإعلان عن كياناته وتغيير في قيادته.

 

أخيراً.. على مدى ثلاثة قرون من حركة الإصلاح، وثلاثة عقود على تأسيس التجمع اليمني للإصلاح فإن الهدف الأول للحركة والحزب هو المجتمع: حمايته ومكتسباته، والنضال من أجل حريته وحقوقه. وهو ما يزال في ذكرى تأسيسه الـ33 يؤكد ثوابته ومتمسكاً بروافده الفكرية والسياسية.

القائمة البريدية

أشترك معنا في القائمة البريدية لتصلك كل الاخبار التي تنشرها الصحوة نت

تواصل معنا

الجمهورية اليمنية

info@alsahwa-yemen.net

الصحوة نت © 2023 م

الى الأعلى