أشترى هاشم محمد الشامي، مدير مؤسسة الكهرباء لدى مليشيا الحوثي الإرهابية، أرضا في منطقة عطان الاستراتيجية، مساحتها واحد وعشرون لبنة عشاري، بقيمة 357 مليون ريال، وتم البيع والشراء بتاريخ 21 نوفمبر 2021م.
هذا ما كشفه العقد المبرم بين القيادي الشامي وبائعين بالوكالة لقطعة أرض موثقة في السجل العقاري، وألت ملكيتها رسميا للقيادي الحوثي، تحت إشراف الأمين المعتمد من المنظومة العدلية التي استحدثها الجماعة بقيادة محمد علي الحوثي، للتحكم بالعقارات وتسهيل مصادرتها وتملكها ولو البطرق غير القانونية.
والظاهر من نص ومضمون الوثيقة "عقد البيع والشراء"، التي تداولها نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي واطلع "الصحوة نت" على مضمونها وأكد صحة صياغتها محامٍ مختص بالعقود، ليست عملية مصادر أو بسط، بل عملية بيع وشراء قانونية إلى حد ما، إذا كان الشامي فاحش الثراء.
والمعلومة الأكيدة، أن ثروة الرجل، أو الأموال التي يديرها لصالح المليشيا أو بعض قيادتها واسعة النفوذ، في ازدياد مستمر مع كل ثانية يستخدم مواطن ما في صنعاء التيار الكهربائي التجاري والخاص، لتبديد ظلمة الليل الموحشة، أو يستخدم التيار لتشغيل مكيف التبريد في سواحل تهامة والحديدة خصوصاً، فإن ذلك لاستخدام يتحول إلى ريالات تتدفق كل ثانية إلى جيوب وخزائن الشامي وشركائه في سلطات الأمر الواقع.
وتبيع المليشيا التيار الكهربائي حكوميا كان أو تجاري، بمبالغ خيالية، تصل في مناطق إلى 500 ريال للكيلو وات الواحد، بأرباح صافية بنسبة 470 في المائة عن السعر الحقيقي للكيلو وات، وهو ما تؤكده وثائق وتقارير برلمانية، ونشطاء وقيادات محسوبة على الجماعة ذاتها وتقيم في احضنها بالعاصمة المختطفة صنعاء.
وفي حين ذهب الكثير النشطاء، للقول بأن الشامي اشترى الأرض لنفسه من إيرادات مؤسسة الكهرباء التابعة للمليشيا، أظهرت وثائق ومذكرات رسمية وخطابات بين وزراء في حكومة المليشيا ورئاسة ما يسمى بمجلسها السياسي الأعلى، وتقارير داخل المؤسسة ذاتها ومكتب مديرها العام "الشامي"، أن الرجل اشترى الأرض بمستحقات 1200 موظف من موظفي المؤسسة ومهندسيها الذين حرموا من مرتباتهم بذرائع واهية، همس بها قياديان للشامي وتحول همسهم إلى خطة تنفيذية.
تقرير داخلي في مؤسسة الكهرباء، أفترض الشامي من خلاله، إنه استلم مقترحاً من المدير السابق للشؤون الإدارية "زيد عقبات ونائبه المالي عبدالله ربيد، مقترح بشأن 1228 موظفا في المؤسسة، يستلمون كغيرهم من موظفي بعض القطاعات عام 2021م، مساعدة مالية من منظمات تحول من العاصمة المؤقتة عدن.
يظهر في التقرير أن الشامي طلب في عام 1442هـ، إفادة من مساعديه عن موظفين يستلمون مرتبات من عدن، ووجه لاحقا بدراسة حيثيات ذلك، وإمكانية تنزيل وقطع مرتباتهم في صنعاء، لاستلامهم مرتبات مفترضة من الحكومة في عدن.
وتناول التقرير التظلمات المقدمة من الموظفين، وما ساقوه من حيثيات بأن تلك مساعدات مالية تسلم لهم ولموظفين في قطاعات أخرى بعلم ودراية حكومة الجماعة، وأنهم يعملون في الميدان، وأن أكثر من نصف تلك المبالغ تخصم فارق صرف.
جرى ذلك قبل أشهر ربما من إبرام الاتفاق، لكن مذكرة أخرى موجهة من مدير مكتب المشاط، القيادي النافذ "أحمد حامد" صادرة بتاريخ 8 يناير 2022 (بعد نحو شهرين من شراء الشامي للأرضية)، موجهة لوزير المالية في حكومة الجماعة، وقال حامد فيها "إنه أرفقها بنسخة من رسالة رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال اليمن بشأن تظلم 1200 موظف من موظفي المؤسسة العامة للكهرباء، وأن توجيهات المشاط تقضي بالعمل بحسب ما هو معمول به لديكم في بقية الجهات".
مذكرة أخرى اطلع محرر "الصحوة نت" على مضمونها، خاطب فيها أحمد حامد، ما يسمى وزير الخدمة المدنية سليم مغلس، بتاريخ ديسمبر 2022م، بأن بخصوص "وضع موظفي وحدات وأجهزة الدولة في المناطق تحت سيطرة المجلس السياسي الذين لديهم مرتبات تصرف من عدن، وأن توجيهات المشاط تقضي بمناقشة الموضوع مع وزارات المالية والخدمة والخروج بقرار واحد يحقق المصلحة ويحفظ الحقوق".
وزير كهرباء الحوثيين البخيتي، خاطب في مذكرة الحوثيين والبخيتي وزير الكهرباء، هما أيضا يخاطبان في مذكرتين وزير مالية الحوثيين "أبو لحوم" موضوعها "تظلم 1200 موظف من موظفي المؤسسة العامة للكهرباء بتوقف صرف مرتباتهم"، وتاريخها مارس 2023م.
وطالب البخيتي من أبو لحوم ما يسمى وزير المالية في حكومة المليشيا "الإفادة بما هو معمول به في بقية الجهات بخصوص الموظفين، كونكم جهة الاختصاص وكون توجيهات رئيس المجلس السياسي الأعلى موجهة إليكم وحتى يتسنى لنا استكمال الاجراءات اللازمة".
وتؤكد الوثائق والتقارير التي تناولها النشطاء واطلع "الصحوة نت" على مضمونها وتداولاتهم، أن القيادي الشامي صادر مرتبات أكثر من ألف موظف من موظفي مؤسسة الكهرباء، بالتزامن مع شراءه قطعة الأرض في عطان بمبلغ 357 مليون ريال، وقطع المرتبات عن هؤلاء الموظفين، بحجج ومزاعم فارغة، لا تستند إلى أي حقائق، رغم أن مؤسسة الكهرباء من المؤسسات الايرادية التي تجني للمليشيا مليارات الريالات شهرين.
كما تؤكد الوثائق، إن الموظفين المذكورين محرومون من مرتباتهم منذ أكثر من عامين، وأن الجماعة وقيادتها، عممت الإجراءات التي قام بها الشامي، ووجهت بتطبيقها في قطاعات ومؤسسات أخرى، بنفس الحجج والمزاعم، وتحت عبارة فضفاضة "العمل بحسب ما هو معمول به لديكم في بقية الجهات ".
ويأتي تداول هذه الوثائق والمذكرات التي تظهر إصرارا عجيبا لدى قيادة المليشيا، على محاربة الموظفين في مستحقاتهم، حتى ولو كانوا في قطاعات إيرادية، خلافا للمزاعم التي تحاول المليشيا تروجيها ردا على أوسع حراك منظم للموظفين المحرومين من المرتبات، يقوده المعلمون والمعلمات الذين دخل إضرابهم أسبوعه الرابع.