في ظل سيطرة مليشيا الحوثي، تصبح حفلة التخرج لطلاب الجامعة، حلم صعب المنال ، فالمليشيات لا تسمح للطلاب الخريجين إقامة حفل التخرج، كما هو المعتاد، بحجج وأسباب لا يقبلها عاقل.
لم تكتف مليشيا الحوثي منذ 9 سنوات من سيطرتها على الحديدة، بنهب إيرادات المحافظة وحرمان الأهالي من الخدمات الأساسية، لتحول الجامعة إلى ثكنة للتعبئة العسكرية، وعمليات للنهب والفساد، ووكرا لتزوير الوثائق والعبث بمخرجات ومدخلات التعليم فيها، وبيئة طاردة للطلاب والأكاديميين معا.
شروط القبول
فمنذ تعيين مليشيات الحوثي للمدعو محمد أحمد الأهدل رئيسا لجامعة الحديدة، اتسعت رقعة سياسة النهب لإيرادات الجامعة ، والتلاعب بمخرجاتها العلمية.
تؤكد مصادر في الجامعة لـ "الصحوة نت" أن الجامعة تمنح عناصر مليشيات الحوثي شهادات قبول في كلياتها، دون استيفاءهم أي شروط، فقط كونهم من عناصر المليشيات وتطلق عليهم بـ "المجاهدين" إضافة على تزكية من ما تسميهم المليشيات "المشرفين".
تضيف المصادر أن الجامعة لا يهمها صحة الوثائق واستيفاء الشروط، ليغدوا شرط الانتساب للمليشيات هو المعيار الأهم، بهدف تدمير التعليم في الجامعات اليمنية الواقعة تحت سيطرتها.
تكشف وثيقة سربت من الجامعة كيف تمنح رئاسة الجامعة عناصر مليشيا الحوثي شهادات لعناصرها المقاتلين.
الوثيقة المسربة تطالب رئاسة جامعة الحديدة بالتعاون مع أحد عناصر مليشيا الحوثي في منحه الشهادات الجامعية.
كما تكشف رسالة موجهة من قيادة محور الحديدة، التابع لمليشيات الحوثي، إلى رئيس جامعة الحديدة، تقضي بمنح طالب تفيد الرسالة بانه "مرابط في الجبهات" وتطالب رئاسة الجامعة بالتعاون الكامل.
الوثيقة تظهر أيضا تعقيب رئيس الجامعة، المعين من المليشيات، بمخاطبة عمادة شؤون الطلاب للقيام باللازم، وهي المهمة التي أوجدته المليشيات لرئاسة الجامعة كما تقول المصادر.
الوثيقة أثارت سخطا وسط أبناء المحافظة الذين رأوا بهذه الأساليب تدمر مليشيا الحوثي التعليم في محافظتهم.
الصحفي بسيم الجناني، علق على الوثيقة قائلا "تخيلوا هذا بعد كم سنة يطلع حامل شهادة بكالوريوس في تخصص طبي أو علمي وهو لا يعرف سوى لغة القتل والبارود".
ويضيف "تعمد ميلشيا الحوثي إلى ضرب التعليم في اليمن عن طريق سياسات خاطئة تكشف العشوائية والمزاجية التي تحكم بها مليشيات الحوثي بالأمر الواقع وتجعل مستقبل التعليم في اليمن في كف عفريت".
فساد ونهب
وازاء هذه المعايير اوصلت مليشيات الحوثي أكبر صرح علمي في محافظة الحديدة، الى هذا الحضيض.
يتساءل محمد عبد الله العبدلي، متى كانت المليشيات تهتم بالتعليم ومخرجاته ومستقبل الاجيال والاوطان؟
وتابع العبدلي في حديثه لـ "الصحوة نت" من المسؤول عن هذا التدهور الإداري والأكاديمي المريع؟ وعن مصير الطلاب والخريجين والمخرجات العلمية التي ستتحول الى كارثة مجتمعية تستهدف حياة الانسان.
الطالب محمد عبد الله، ترك دراسته في جامعة الحديدة عام 2020، بعد ان أوصلت مليشيات الحوثي مختلف كليات الجامعة ومرافقها إلى مستوى متردي من نشر الفساد المالي والإداري بين أوساط الأكاديميين والموظفين الإداريين، والتلاعب بالمخرجات والوثائق.
وأضاف في حديثه لـ "الصحوة نت" ليس ذلك فحسب بل إن المليشيات عسكرت الجامعة بالمسلحين من عناصرها الذين باتوا يتجولون داخل قاعات المحاضرات وبين أوساط الطلاب والأكاديميين والموظفين.
هروب الكفاءات وعبث المليشيات
مصادر في الجامعة أكدت لـ "الصحوة نت" أن ما يحدث في جامعة الحديدة، من عملية تجريد الموظفين من صلاحياتهم وخاصة امناء عموم الجامعة وعمداء الكليات ونوابهم، وإحالة تسيير مهامهم الى ما يسمى "المشرفين" و "الأمنيين" من مسلحي الجامعة الذين يفتقدون لأدنى شهادات تعليمية.
تضيف المصادر أن تلك الإجراءات تسببت في تدهور أداء الكليات نتج عنه تراجع اقبال الطلاب، حيث يتناقص عدد المقبلين على الدراسة الجامعية لأسباب منها ارتفاع الرسوم وتدهور العملية التعليمية والمحاباة على اساس سلالي طائفي.
تعاني الجامعة من تدهور في مباني الجامعة، وعدم وجود النظافة، بسبب نهب الاستيلاء على إيرادات الجامعة وعدم صرف مستحقات العمال الشحيحة.
لم يسلم الأكاديميون من نهب مستحقاتهم من قبل عناصر المليشيات المعينة في إدارة الجامعة، ومثلهم الموظفين الإداريين وعمال النظافة، إضافة إلى انعدام الكهرباء والمياه والادوات والمحاليل، تقول المصادر إن كل ذلك ساهم في تدهور الجامعة.
تلك الممارسات دفعت بكثيرين من الأكاديميين، لمغادرة الجامعة، إما للبحث عن أعمال أخرى والمقتدر غادر إلى خارج الوطن.
اختطاف فرح الخريجين
من الانتهاكات التي تمارسها مليشيا الحوثي في حق طلاب الجامعة، منع الطلاب الخريجين من إقامة حفل التخرج بمناسبة اكمالهم دراستهم الجامعية وتفوقهم ونجاحهم العلمي.
بحسب بيان اصدره خريجين على امتداد اشهر وقيادة مليشيات الحوثي ومشرفها في جامعة الحديدة وحتى المحافظ المعين من قبلها يرفضون السماح للطلاب إقامة الاحتفال سواء داخل الجامعة أو خارجها.
يؤكد بعض طلاب الجامعة أنه من الطبيعي أن ترفض قيادة المليشيات كل نشاط له علاقة بالعلم والمعرفة والوطن والفرح، فقد اعتدت على كل ما هو مقدس واحتفلت بالمقابل بجنائز الموت وشعارات الزيف على حساب اشواق واوجاع ابناء الحديدة.
مدراء عموم بوثائق مزورة
يظهر الفساد في الحديدة في الوظائف العامة، حيث كشف خطاب تناقلته مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الاعلام، لمنتحل صفة وزير الاشغال العامة والطرق، لدى المليشيات، غالب مطلق، يطلب من جامعة صنعاء تأكيد شهادة منتحل القائم بأعمال مدير عم مكتب الاشغال والطرق بالحديدة، محمد احمد علي الوشلي، لترد رئاسة جامعة صنعاء أن شهادة الوشلي مزورة.
تثبت حالة الوشلي، وهي أنموذج، كيف وصل الحال بالحديدة وغيرها من المحافظات في ظل سيطرة مليشيا الحوثي، وكيف تقاسمت المليشيات الوظيفة العامة بين أتباعها المنتمين لنفس "السلالة" دون النظر إلى أي معيار آخر أو حتى لأتباعها من خارج "السلالة".