لقد كان يوم 21 سبتمبر المشؤوم 2014يوما مأساويا بكل معاني المأٓسي و النكبات، فلم يكن محدود الكيد، و لا كان مقصور المكر، كما لم يكن خاليا من غباء الانتقام، حيث لم يدرك المنتقمون البُلْه - حينها- أنهم يدمرون أنفسهم، بتغاضيهم أو تقاعسهم عن مواجهة خطر المشروع الفارسي، أو بما هو أسوأ من التقاعس.
فيا لها من نكبة مأساوية، اغتالت أهدافا، و طعنت الظهر ؛ نكبة جرها الغباء الأحمق ضد شعب و وطن أوشكا أن يبدءا خطواتهما الأولى نحو أفق زاهر، و فضاء واسع.
يعلم يقينا كل منصف حر ، و كل إنسان سوي؛ أن يوم 21 سبتمبر هي المغارة الأكثر سوادا في تاريخ اليمن، و التي مكّنت لعصابة، ما كان لها أن تحقق شيئا لولا تواطؤ الغباء المركب صمتا أو انتقاما، من ضعيفي البصر و فاقدي البصيرة.
و رغم مرارة تلك النكبة المأساوية، فلم يقف أحرار اليمن يتباكون أمام تلك المغارة السوداء 21سبتمبر ؛ لأنهم لو كانوا فعلوا ذلك لوقعت اليمن برمتها فيما وقع فيه ذلك الغباء الأرعن، و سنكرر مأساة من لم يعوا الواقع الذي اشتعل من حولهم، و اقترب ليحرقهم و ديارهم، و هم يترنحون تحت سكرة نشوة انتقامية بائسة،أو هزة كتاف.
لا ينبغي، و لا يجب؛ أن نقف في مربع الغباء - كما فعل و يفعل البعض أحيانا - فننبش ما يثير النفوس بعقلية التشفي، أو يذكر بالأحزان بنفسية الانتقام ، أو نقبع عند توظيف خيبات الماضي، و فشله على حساب الأهداف الكبيرة التي ينتظرها الشعب و يزدهر بها الوطن؛ إلا بإشارات بهدف التنبيه أو أخذ العبرة.
في صبيحة ذلك اليوم المشؤوم 21 سبتمبر ، و قبله ؛ كان الإصلاح قد انحاز إلى الشعب و الوطن، مع كافة أحرار اليمن لموجهة الانقلاب الأسود الذي تبنته إيران، و أعانها عليه قوم آخرون، لهم نصيبهم الوافر من العمه و سوء التقدير.
ومايزال الإصلاح في جبهة المواجهة مع كل أحرار اليمن في شماله و جنوبه، و شرقه و غربه، و وسطه و أطرافه، دون مَنٍّ.
لم يخطئ الحساب، و لم يلتفت لسراب منفعة هنا، أو وهم مصلحة محتملة هناك على حساب الثورة و الجمهورية، فخاض غمار معركة المصير دفاعا عن الشعب و الوطن جنبا إلى جنب مع أحرار الوطن.
إن ميادين البطولة اليوم هي تلك المواقف التي يخطها الأبطال بشجاعة و فدائية في جبهات المواجهة ليلا و نهارا .. حيث جرحى النضال الذين يتعطر الوطن بدمائهم الزكية، و حيث الشهداء الذين تختزن صورهم ذاكرة شعب لا يتنكر لهم.. و إن ميادين البطولة هي تلك المواقف التي تُتّخذ في ضوء الشمس، بلا غمغمة أو تلعثم، و لا انتظار وحي يوحى.
وحدة الصف الجمهوري، و وحدة الصفوف ؛ أمنية الشعب اليمني كله، و الكلام الذي يتكرر، و يتردد في هذا، ثم لا يتحول إلى الميدان أفعالا، و أعمالا، يصبح محل تندُّر الناس، أو مادة لسخريتهم. و لن يستطيع كاتب هنا أو هناك أن يذر الرماد للتضليل عن الحقيقة.
إن ميادين البطولة ليست بالخطب و البيانات، و لا مكانها القاعات و الاستعراضات ، و لا بكتابات خيالات أقلام تحاول أن تستيقظ، و تغالب بياتها الشتوي.. فتغلبها سيرتها الأولى بتقديس ولي نعمة تطريه، أو تشتم بفجور رجالا و فتية تتقرب بشتمهم لإرضاء أطراف علّها تحظى منهم بنصيب !
كلا ! إن البطولة؛ إنما تكون في بناء الصفوف، و تمتين وحدتها و تعزيز اتحادها، و حشد طاقاتها، بسمو يرتفع إلى مستوى التحدي الذي حدد الهدف و قرر التنفيذ.
هذه البطولة تحتاج لتفكير مختلف خارج المألوف، و إلى تحديد هدف يتجاوز الحنين إلى عيش رغيد فقده صاحبه ، أو مجرد ميزة ضاعت منه فقعد يتمناها، و قد علم البسطاء أن الأهداف لا تطير بها الأماني، و لا تتحقق عبر أقلام فرق المدح، فالدفوف و الطبول؛ للتسلية و ليست لإدراك المنجزات و تحقيق الغايات.
إن الإصلاح أكبر من أن ينكفئ لمنابزة هذا او مناكفة ذاك ، فهو يربأ بناشطيه و شبابه و شاباته أن ينجروا لغير معركتهم الحقيقية، ضد مليشيا الكهنوت الرجعية ، كما أنه أكبر من أن يخيفه هجاء الحطيئة، أو ثرثرة جوبلز، و لا هو في وادي حمل المباخر، و لا صناعة أصنام.
دعونا نقول جميعا، و أقول جميعا - حتى لا نجرح المشاعر أو ننكأ الجروح - و إنما ننادي جميعا : تعالوا نكفر عن ماضينا، و نصطف بحق و حقيقة كالبنيان المرصوص في صف واحد لمواجهة مليشيا الكهنوت الحوثية،حيث النصر الحقيقي.
تعالوا اجمعين نفكر بسعة مساحة اليمن، و بحجم سكان اليمن، و ألا نتقوقع في هذه الكانتونات، أو تلك الزوايا.