برزت مدينة المكلا الساحلية الهادئة الغنية بالأماكن الطبيعية والمعالم الأثرية والتاريخية، مؤخراً كوجهة لاستقبال الزائرين المتطلعين للترفيه والاستمتاع بالمنتزهات والبحر والأماكن الأثرية، وبدا إقبال نحو المدينة لافتاً خلال الفترة الماضية.
وتعيش المدينة التي تعد مركز محافظة "حضرموت" كبرى المحافظات اليمنية موسم "البلدة السياحي السنوي، حيث تزايد أعداد الزائرين داخلياً، وبات واجهة سياحية مهمة للمدينة التي تعيش على مقربة من الحرب، وتحاول توفير أجواء السعادة لزائريها رغماً عن الأوضاع المعيشية التي تشهدها البلاد.
رغم ما تمتلكه اليمن من مقومات سياحية ضخمة، إلا أنها تدهورت بشكل كبير بسبب الحرب التي أشعلتها مليشيا الحوثي منذ انقلابها على الحكومة الشرعية في 21 سبتمبر/ أيلول 2014، حيث أدت إلى توقف حركة السياحة الداخلية وما أنتجته من أوضاع أمنية واقتصادية صعبة، بالإضافة الا ان التهديدات الحوثية باستهداف حضرموت بهجمات مسيرة لم يوقف السياحة
وبالرغم ما ألحقته الحرب من دمار طال المنتزهات والحدائق والبنية التحتية، إضافة إلى إغلاق بعض المطارات والطرقات الرئيسة بين المحافظات، إلا أن اليمنيين باتوا يتحينون الفرص لزيارة الأماكن السياحية للترفيه والترويح عن النفس، وتغيير ما أحدثته الحرب في أنفسهم.
نجاح ملحوظ
وشهدت السياحة في المكلا نموًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة نتيجة لجهود التسويق وتطوير البنى التحتية وتحسين الخدمات السياحية، وخلال السنوات الأخيرة برزت قدرات المدينة بشكل لافت في مهرجان البلدة السياحي والذي يستمر لعدة أيام.
وهذا العام أولت السلطة المحلية بالمكلا موسم البلدة اهتمامًا خاصاً بهدف تعزيز السياحة وإبراز التراث والثقافة المحلية، حيث دشّنت الموسم وأطلقت العديد من الفعاليات والعروض المتنوعة بمشاركة السكان المحليين والفنانين.
ويعرض مهرجان البلدة الأطعمة التقليدية والحرف اليدوية والملابس التقليدية والموسيقى والألعاب التراثية، يمكن للزوار الاستمتاع بتجربة ثقافية فريدة والتعرف على تقاليد وتراث المكلا.
ووفق السلطة المحلية فإن هذه المبادرات والأنشطة السياحية تأتي في إطار الترويج للمدينة كوجهة سياحية متميزة في اليمن. ومن المتوقع أن يجذب مهرجان البلدة المزيد من الزوار والسياح في المستقبل، ما يسهم في تعزيز الاقتصاد المحلي وتعزيز التواصل الثقافي بين المجتمع.
واجهه سياحية مهمة
وقال الصحفي في مدينة المكلا عبيد واكد "إن موسم مهرجان البلدة السياحي أصبح واجهه سياحية مهمة لحضرموت، وشهد هذا العام إقبالا كبيرًا ومنقطع النظير في حضور المواطنين وتفاعلهم بشكل إيجابي".
وأشار في حديث لـ"الصحوة نت"، "هذا الإقبال والتفاعل هو رسالة محافظة حضرموت بأنها تريد أن تعيش حياتها بعيدا عن مآسي الوضع المعيشي والحرب والنزاع التي تعيشها البلاد، وأن هذا الإقبال يعطي رسالة أن الناس تحب الحياة بعيدا عن المنغصات التي نعيشها".
ووفق إحصائية أولية أعلنتها لجنة مهرجان البلدة السياحي أن ما يقارب ٤٠ ألف شخص دخلوا مدينة المكلا عبر المنافذ البرية في أول ايام الموسم. ويعد هذا إحدى مؤشرات النجاح الذي شهدته الفعالية السياحية في المدينة.
ولفت الصحفي واكد "أن أساسيات النجاح للسياحية في المكلا هي في الوضع الأمني والاستقرار الذي تعيشه حضرموت بشكل عام، إضافة إلى التناغم التنظيمي الذي يعيشه أبناء المحافظة في التعامل مع الضيوف وخلق افكار وفعاليات جديدة جددت من روح التفاعل والمشاركة للناس".
وأشار: "تنوع الفعاليات كان لها أثر إيجابي ودعم السلطات المحلية لهذا المهرجان والتنظيم على برامج الفعاليات والإعداد المسبق له".
أسباب تراجع السياحة
وعن الأسباب الحقيقة لتراجع قطاعات السياحية والاستثمار البلاد، يقول وكيل وزارة السياحة جعفر ابو بكر، إن "الوضع الاقتصادي المدهور وانهيار العملة وانعدام الخدمات والوضع السياسي المتوتر هذا كله آذى إلى تدهور النشاط والحركة السياحية ".
وأضاف: "للأسف في الوضع الحالي لا يوجد سياحة، والموجود عبارة عن نشاط بسيط سياحة ترانزيت للمواطنين من المناطق الخاضعة للحوثيين الراغبين بالسفر عبر مناطق المحافظات المحررة عدن وحضرموت".
وعن السياحة الخارجية إلى البلاد، قال المسؤول الحكومي إنها "معدومة بسبب الحرب والمطارات مغلقة أمام شركات الطيران الأجنبية، بالرغم أن اليمن من أجمل من كثير من دول العالم السياحية".
وأضاف أبو بكر: "لو الحكومة تعتمد فقط في الوقت الحالي على جزيرة سقطرى، ستنتعش السياحة الخارجية للجزيرة". وعن دور الوزارة قال: نحن نباشر من عملنا من شقة صغيرة جداً في عدن بسبب تدمير جميع المنشآت السياحية المملوكة للدولة في حرب 2015 وإلى الآن لم يتم إعادة منشأة واحدة".
ومن ضمن المنشآت المدمرة إضافة إلى المبنى الرئيسي لوزارة السياحة، ذكر "فندق عدن وفندق جولدمور وفندق القصر" وهي فنادق خمسة نجوم كانت عاملاً مشجعاً للسياحة. وفق ماذكر المسؤول الحكومي.
وقبل الحرب كانت السياحة في اليمن من ضمن الروافد الاقتصادية المهمة لخزينة الدولة، ووفق تقرير وزارة السياحة عام 2012، فإن عائدات اليمن من السياحة الدولية الوافدة خلال العام 2012 بلغت 848 مليون دولار، ووصل إلى البلاد نحو 874 ألفًا و425 سائحًا خلال العام ذاته. وخلال الحرب تكبدت البلاد خسائر كبيرة من هذا القطاع يقدر بمليارات الدولارات.