السفير الفرنسي لدى اليمن يعيد تعريف الدبلوماسية من أجل السلام

السفير الفرنسي لدى اليمن يعيد تعريف الدبلوماسية من أجل السلام

يحضر سفير فرنسا لدى اليمن، جان ماري صفا، بشكل مختلف، نائياً بنفسه التصريحات والأحاديث العائمة والمطاطة ليضع يده على مكمن المشكلة وأساس الخلل، وهو سفير لواحدة من الدول العشر الراعية للتسوية السياسية في اليمن، وتبذل بلاده جهوداً ضمن المجتمع الدولي، لإعادة السلام إلى اليمن.

من أحاديثه وتصريحاته، يدرك صفا أن السلام الغائب في اليمن، صادره الانقلاب الحوثي، والحرب وإصرار المليشيا على المضي في استخدام أدوات العنف، كما يدرك نهجها العنصري المتطرف الذي تريد فرضه.

يبدو السفير جان ماري صفا، السفير الوحيد الذي يتسم بالصراحة والوضوح والشجاعة في تعريفه للمشكلة اليمنية ومسبباتها، مما يتحدث بصراحة عما، ومن يقف حجر عثرة أمام تحقيق السلام.

الحوثية كما هي

وصف سفير فرنسا جان ماري صفا، الحوثيين بأنهم رجعيون، أعداء أنفسهم مستبعداً وجود معتدلين في صفوفهم.

وقال في حديث مع «الشرق الأوسط» في مايو الماضي، إن «الحوثيين لم يحققوا أي تقدم على الجبهات العسكرية، وهناك استياء عام في البلاد منهم، والشعب اليمني يعرف أنهم ربحوا مليارات الدولارات من ميناء الحديدة وغيره، في الوقت الذي تزداد فيه معاناة الناس» محذراً مليشيا الحوثي في نفس الوقت من أن الفجوة تكبر يوماً بعد آخر بينهم وبين الشعب، وأن المفاوضات من مصلحتهم.

السفير الذي تحدث بهذا الوضح، يعد من أبرز السفراء النشطين في الملف اليمني، ويملك دراية واسعة بتعقيدات الأزمة اليمنية، ويمتلك مقدرة لا يمتلكها بقية السفراء الغربيون، في إعادة تعريف الدبلوماسية من أجل السلام، تلك الدبلوماسية التي ظلت طريقها، فلا تجد إلا الضغط على الطرف المتجاوب "الحكومة الشرعية" في حين تتعامل بتساهل كبير مع مليشيات التمرد وتمنحها فرصة للمناورة حتى في القضايا الإنسانية واستغلالها للكسب السياسي.

الصراحة الكاشفة

لا يخفي السفير جان ماري صفا أن عراقيل الحوثيين هي العقبة أمام جهود السلام، وهو الذي يعتقد أن الشعب اليمني لديه القدرة على الصمود، وشبابه يريدون التواصل مع العالم والحداثة عكس المشروع الحوثي الذي وصفه بـ«الرجعي». وقال: «الحوثيون يقولون إن لديهم النَّفس الطويل، أنا أرى أن الشعب لديه نفس أطول».

وفي حديثه عن المستفيد من الحرب، أو من استمرارها، يضع السفير الفرنسي قاعدة ثابتة، لمعرفة المستفيد، فهو يرى أن "الشرعية تتصرف بمسؤولية أمام الشعب وتدعم مشروع دولة لجميع اليمنيين، على عكس المشروع الحوثي».

ومن خلال سنوات من الجهود الدولية، والتحركات الأممية لوقف الحرب في اليمن، كان السفير الفرنسي في خضمها توصل إلى حقيقة مفادها أدلى بها يوماً لقناة العربية، أن "الجميع يريد السلام في اليمن إلا الحوثيين"، وربما هذا ما يتجنب بقية السفراء الإفصاح عنه، ضمن سياسة تدليل المليشيا، كسياسة متبعة لجلبها إلى طاولة السلام التي لا تؤمن بها.

حقائق دامغة وموقف متقدم

في حوار سابق نهاية العام الماضي، أوضح السفير جان ماري صفا، أنه كلما تم مقارنة جماعة الحوثي بحركات إرهابية أخرى تكون المقارنة دائما أسوأ.

وقال: "البعض يقارن الحوثيين بحركة «طالبان» في أفغانستان، والبعض الآخر بالخمير الحمر، وفي كل مرّة يُقارَن الحوثيّون بحركة أخرى، تكون المقارنة دائماً أسوأ مما تعتقد.. إنهم يدمرون المجتمع اليمني من الداخل ويدمرون الهياكل القبلية والقيم القبلية التي تحمي النساء والأطفال. أقاموا نظاماً من الرّعب والمراقبة على السكان".

ويصف الحوثيين بوصهم "قَمعيون ويزداد قمعهم للنساء والشباب والقبائل واليمنيين بشكل عام، كلّ يوم" مؤكداً حقيقة أنه "لم تَعُد أسطوانة الحوثيين المكسورة كافية لإخفاء الحقيقة".

وكشف السفير الفرنسي عن تواصلات سابقة له مع الحوثيين قبل توليه منصب السفير في اكتوبر 2020، مؤكداً أنه بعدها أصبح "هذا التواصل ازداد صعوبة بسبب سلوك الحوثيين".

ويظهر السفير "صفا" على إدراك كامل بما يعتمل في الساحة اليمنية، وخصوصاً في مناطق سيطرة المليشيا الحوثية العنصرية، فهو يؤكد إن الصراع في اليمن بين مشروعين هما المشروع الحوثي الذي يريد فرض سلطته الكاملة على جميع اليمنيين ويتّخذ طابعاً شمولياً بشكل متزايد، ويسعى إلى خنق المجتمع، وقمع النساء وغسل أدمغة الشباب، ومشروع الحكومة اليمنية الذي يمثّل مشروع دولة جمهورية تعددية تحترم تنوع المجتمع اليمني.

وفيما يتعلق بحرب الحوثيين على الاقتصاد اليمني، فهو يضع توصيفاً دقيقاً لهذه الحرب، ذلك بأنه يعتقد أن الشعب اليمني هو الذي يدفع ثمن الهجمات التي شنها الحوثيون على موانئ النفط والتي تم تصنيف هذه الهجمات من قبل مجلس الأمن وفرنسا بأنها أعمال إرهابية.

وهذا الموقف هو تعبير عن الموقف الفرنسي منذ سنوات الذي يطالب الحوثيين بنبذ العنف والدخول في مفاوضات بحسن نية، وهو الأمر الذي لم تستجب له مليشيا الحوثي، وجاء تقييم السفير "صفا" للجماعة ومليشياتها، فكراً وسلوكاً وممارسه على أساسه.

عويل المُدان يدين المواقف المائعة

صراحة السفير الفرنسي، وتصريحاته وأحاديثه في عدة وسائل إعلامية، أو على تويتر، أثارت حفيظة المليشيا الحوثي، التي هاجمته كما لم تهاجم أي سفير آخر.

ويتضح من هجوم الحوثيين على السفير صفا، أن أحاديثه الكاشفة، والتي تعتبر سابقة في الدبلوماسية الغربية المائعة، قد أوجعت الحوثيين، وقدمتهم للعالم على حقيقتهم التي حاولوا أن يخفوا، وساعدهم على ذلك تغاضي المجتمع الدولي.

مكاشفة السفير جان ماري صفا، بغض النظر عن مآرب الموقف الفرنسي المتقدم، جاء كمثال على ما يجب ان يكون عليه المجتمع الدولي في دعم عملية السلام بتسمية الاشياء بمسمياتها، وكيف ان الحوثيون - مرارا- يعبرون عن غيظهم منه، وتبقى الحقيقة، ان خطاب "صفا" العام يوجع المليشيا ويعيد تعريف الدبلوماسية من اجل السلام، لا أن تصبح وسيلة لتدليل الفكر المتطرف والسلوك الإرهابي، والتذرع بأن ذلك من أجل جلبه إلى طاولة المفاوضات.

القائمة البريدية

أشترك معنا في القائمة البريدية لتصلك كل الاخبار التي تنشرها الصحوة نت

تواصل معنا

الجمهورية اليمنية

info@alsahwa-yemen.net

الصحوة نت © 2023 م

الى الأعلى