ماذا يمكن ان نقول في يوم الهجرة هذا اليوم او الدهر الفاصل بين الدهور والازمنة لقد بقى الرسول صلى الله عليه وسلم يدعو في قومة ١٣ عاما لم تكن سهلة بل مساحة زمنية من السخرية والعذاب والاستهزاء به ودعوته وأتباعه حتى بلغ الأمر ان خاضت قريش سباقا في التعذيب والايذاء إلى الحد الذي تم فيه إبادة أسر كاملة تعذيبا كما هي أسرة عمار بن ياسر .
لقد حاول الرسول الكريم دون يأس ان يعرض الدعوة على غير قريش من القبائل فالدعوة ليست قرشية بل رحمة للناس كافة، فخرج إلى الطائف فصد ورجم وتعرض لأقبح انواع الايذاء دون ذنب سوى انه طلب للناس الحرية (حرية الكلمة ) تحديدا حيث كان يردد دوما (خلوا بيني وبين الناس) وامام كل الأذى كان يردد دعاء (اللهم اغفر لقومي فإنهم لايعلمون)
اي قلب هذا ان لم يكن قلب محمد صلى الله عليه وسلم الذي يسع الناس بحلمه وقلبه وتتفجر منه الرحمة والعفو والتسامح لخصومه في ذروة العداء، لم تكن حياة النبي صلى الله عليه وسلم في مكة كلها مطاردة وعذاب فقد أعرضت عليه قريش كل شيء المال و الملك في صفقة مغرية مفادها :ان يتوج ملكا مقابل ان يترك دعوة تساويهم مع العبيد وتجعل الناس سواسية ليكون الرد مزلزلا مبهرا قاطعا مانعا (والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على ان اترك هذا الأمر ما تركته حتى يظهر الله أو اهلك دونه ) صورة مدهشة للرفض والتسامي والبعد عن الاطماع والمكاسب والمغريات الشخصية!
واي شيء اكبر من الملك ؟
لكنها النبوة ابعد ماتكون عن متاع الدنيا وقصة الملك ولانه ليس طالب مال أو حكم أو مجد شخصي أو اسري.
خرج من مكة التي يحبها مهاجرا كنبي وليس كمؤسس لملك اسري أو مجد عائلي ولو كان اراده لكان استجاب لصفقة قريش أقوى وامنع قبيلة في الجزيرة ، هاجر عندما وجد في المدينة من يصغي إلى نداء الروح ودعوة الإيمان لتكن حدثا فاصلا في تاريخ البشرية، لقد تم التخطيط الدقيق للهجرة كما تروي السيرة ولما حان ساعة الصفر لم يصحب معه أحد سوى صاحبه ابوىبكر الصديق لا سواه؟! لم يكن اختيارا عفويا بل مستحقا للصديق الذي قال عنه صلى الله عليه وسلم (لو وزن إيمان الأمة بكفه ووزن إيمان أبو بكر بكفه لرجح ايمان ابو بكر)
لقد كانت الهجرة حدثا مفصليا يسجل التحول الكبير والأهم في مسيرة الدعوة وتاريخ البشرية وكان ابو بكر في الصدارة كما هو دوما من اول يوم آمن به حتى ساعة الإشارة النبوية المباركة قبل انتقال المصطفى إلى الرفيق الأعلى ( مروا أبا بكر فليُصَلِّ بالناس ) وكررها مرارا (مروا أبا بكر فليُصَلِّ بالناس ) فلا يمكن لأحد بعد رسول الله ان يتقدم إماما سوى ابو بكر الصديق هذا ما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم في قوله واشاراته تصريحا وتلميحا وهذا ما وعاه وفهمه الصحابة ليكون الخليفة من بعده و بوابة الاسلام وحصنه بعد رسول الله كما كان صاحبه ورفيقه في الهجرة (إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ۖ )وليشرع من اول يوم خلافة لإتمام مسيرة الهجرة ومعه وزيره وصاحبه عمر الفاروق وبقية الصحابة الكرام من أصحاب بدر بتأسيس الدولة الإسلامية التي وصل عدلها الآفاق واطفأ نورها نار فارس وبهارج الروم .