يأتي عيد الأضحى المبارك للمرّة التاسعة وكنان محمد (38) عاماً بعيد عن أهله ولا يستطيع زيارتهم بسبب الحرب التي فجرتها مليشيا الحوثي والقيود التي فرضتها على التنقّل بين المدن اليمنية.
يقول كنان لـ"الصحوة نت": لا أشعر بفرحة وأنا بعيد عن أهلي وأقاربي للسنة التاسعة على التوالي، وتبقى الفرحة ناقصة.. مرت أعياد علينا ولا طعم للعيد ولا بهجة ولا سرور بالعيد".
وعن السبب، يقول: لا أستطيع زيارة أهلي ورؤيتهم ومشاركتهم فرحة العيد، بسبب الجرائم الحوثية بحق المخالفين لها، محروم من لمة الأسرة وحنانهم والتنزه معهم ومع الأصدقاء والأقارب كما كان قبل الانقلاب الحوثي.
عدو
ويضيف أن مليشيا الحوثي شردت كل من اختلف معها أو رفض الخضوع لأفكارها الغريبة والدخيلة على المجتمع اليمني وتعتبره معادياً لها وهو ما دفعني وزوجتي وأولادي للنزوح ومثلي مئات الآلاف من الأسر. مضيفاً أن الحوثيين يتعاملون مع أي قادم إلى المناطق الخاضعة لسيطرتهم على أنه عدوّاً حتى وإن كان مواطناً عادياً لا صلة له بالجيش أو الحرب.
وفي المقابل، يقول كنان، إن أسرته لا تستطيع زيارته إلى المكان الذي يقيم فيه بسبب خطورة الطريق وحالة الرقابة التي يفرضها الحوثيون على السكّان في مناطق سيطرتهم، واعتبارهم لسفر أي مواطن إلى مناطق الحكومة الشرعية خيانة وجريمة تستوجب العقاب وإن كانت لغرض الزيارة.
غرباء في الوطن
ومنذ انقلاب مليشيا الحوثي على الحكومة الشرعية أواخر 2014م وسيطرتها على عدّة مدن استحدثت عشرات النقاط المسلحة وتمارس فيها انتهاكات يومية شديدة ضد المدنيين المسافرين.
وهو ما تسبب في حرمان الأسر من التزاور في الأعياد والمناسبات الدينية والفرائحية، خصوصاً بين المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين ومناطق الحكومة الشرعية، ناهيك عن المعاناة التي يتكبّدها المسافرون جراء إغلاق الطرقات وعمليات التفتيش والمساءلة والاحتجاز والاختطافات.
تستذكر فرح ناصر، رحلتها قبل ثلاث سنوات حينما قررت هي وأولادها السفر من صنعاء لزيارة الأهل والأقارب في إحدى مدن الحكومة الشرعية.
تقول لـ"الصحوة نت": قضيت أوقات عصيبة ومعاناة خلال السفر بسبب مضايقة الحوثي شعرت بالخوف والقلق على اولادي في كل نقاط التفتيش وكان يتم إيقافنا والتحقيق معنا "
وتصف فرح شعورها أثناء السفر، "كأني انتقل من دولة إل دولة أخرى تألمت على وطني وحالنا أصبحنا غرباء في وطننا"
مريم عبده، هي الأخرى، تقول لـ"الصحوة نت: هذا العيد الخامس على التوالي ولم أتمكن من رؤية اخوتي بسبب القيود التي تفرضها مليشيا الحوثي وممارساتها التعسّفية بحق المسافرين، أدناها التفتيش والاستجواب وأعلاها القتل لكل من يسافر لزيارة أهله، فضلاً عن معاناة السفر عبر الطرقات الفرعية والترابية مع إغلاق الطرق الرئيسية.
وتضيف: تمر علينا أحزان ومواقف صعبة فلا نستطيع مواساة أهلنا ولا الوقوف بجانبهم فهذه المليشيا ليس لديها اعتراف بالإنسانية.
لقاءات نادرة
الصحفي علي العقبي، من أبناء محافظة المحويت، استقبل والدته مع قرب حلول عيد الأضحى هذا العام بعد فراق استمر لسنوات جراء نزوحه إلى مدينة مارب.
يقول علي لـ"الصحوة نت: "ثمان سنوات من الغياب القاسي الذي تسببت فيه الحرب الحوثية، لم ألتقِي بوالدتي منذ أن نُزِحت قسرًا من محافظة المحويت في 28 أكتوبر 2015 بسبب مضايقات المشرفين التابعين للمليشيا، بسبب مواقفي وأسرتي الداعمة للمشروع الوطني وعملي كصحفي مناهض للجماعة الإرهابية الحوثية في المحافظة.
ويوضح أن العائق الرئيسي الذي حال دون لقائه بوالدته وأسرته كل هذه الفترة هو "الخوف من مليشيا الحوثي التي زرعت جواسيس وأدوات ترصد بكل مناطق المحافظة للإبلاغ عن المناهضين لهم في صفوف الشرعية وترويع الاهالي"
ومن ضمن العوائق "نقاط التفتيش الممتدة في الطرقات وأساليب التهديد والوعيد من قبل المشرفين الحوثيين.
نموذج للمعاناة
وعن مشاعره بلقاء والدته، يقول العقبي، "لا شك أن عيد الأضحى هذا العام سيكون مميزًا للغاية في حياتي وفي هذا العام، تمكنت أخيرًا من اللقاء والدتي بعد غيابٍ طويل، ونتمنى جميعًا أن تلم شمل الأسرة بأكملها من الالتقاء قريبًا، وقد تحقق النصر بالقضاء على الانقلاب.
ويضيف "منذ مغادرتي لمنطقتي لم نلتقي بالوالد وشقيقاتي ايضا وما نحن إلاَّ نموذج لملايين الأسر اليمنية التي تعاني من ويلات الحرب الحوثية التي دمرت المجتمع ومزقت نسيجه الاجتماعي وشتت البيت الواحد، ولكننا على ثقة بأننا سنتجاوز هذه الفترة بسلام ولن يستمر عبث المليشيا في وطننا الحبيب.
تكاليف باهظة
إضافة إلى مخاطر السفر وقيود التنقل، يشتكي المواطنون من ارتفاع تكاليف السفر الباهظة مما يصعب عليهم إعداد مستلزمات العيد والتزاور في هذه المناسبة السعيدة.
فاطمة علي، تقول أنها تفتقد أهلها في هذه المناسبة لكنها لا تستطيع زيارتهم بسبب تكاليف السفر المرتفعة.
وتضيف لـ"الصحوة نت: لي من أهلي 5 سنوات.. اشتاق في كل المناسبات لكن كل سنة ترتفع التكاليف، فتكلفة المسافر الواحد 250 ريالًا سعودي ذهاب ومثلها تكاليف العودة (ما يقارب 170 ألف ريال)، غير أنني محتاجه كسوة للأولاد ومصاريف السفر بالعملة القديمة التي تأخذ مبلغ كبير عشان فارق سعر الصرف ومن أين لنا هذا كله؟.
تصف شعورها بأنه "لا عيد بدون الأهل والفرحة ناقصة، مضطرين كتم أوجاعنا وشوقنا حتى لا نفسد فرحة الأولاد.
يشار إلى أن ما ذكره التقارير ليس سوى جانب يسير مما تمارسه مليشيا الحوثي من جرائم بحق المسافرين بشكل يومي حيث تتعامل مع كل مواطن على أنه عدو محتمل دون التفريق بين طفل ولا امرأة ولا صغير ولا كبير، وسبق وأن وثّقت تقارير حقوقية آلاف الجرائم الوحشية بحق المدنيين في نقاط التفتيش الحوثية.