مع اقتراب العيد يجد المواطنون في مناطق سيطرة مليشيا الحوثي الإرهابية أنفسهم بإمكانيات متواضعة وظروف معيشية صعبة بفعل تداعيات الانقلاب الحوثي والحرب الاقتصادية التي تخوضها المليشيا الحوثية ضد اليمنيين، بما فيها افتعال الأزمات الإنسانية ومصادرة مرتبات الموظفين.
وتأتي المناسبات الدينية والأعياد ثقيلة على السكان في هذه المناطق، خصوصًا وأن الإنهيار الاقتصادي والمعيشي بلغ ذروته منذُ الإنقلاب الحوثي في سبتمبر 2014م، ما جعل الأسر عاجزة عن مواكبة متطلبات العيد.
حرب أخرى
المواطن أحمد حميد النهمي (40 عاماً) من سكان محافظة إب يجلس على قارعة الرصيف بجولة العدين حاملاً أدوات عمله، بانتظار الحصول على فرصة عمل يحصل من ورائها ما يسد حاجة أطفاله الستة ووالدته.
يقول لـ"الصحوة نت": نحن هنا ننتظر الحصول على عمل ولم نجد شيئاً للآن وكل يوم ننتظر ونعود بدون أبسط ما حاجات أطفالنا، وليس لنا من أمل إلاَّ الله تعالى".
وعن العيد الذي اقترب، يقول النهمي: "لم يعد في حياتنا كلها من عيد ونحن نصارع احتياجاتنا ونعيش بحرب من نوع ثانية، فالغلاء حول حياتنا إلى جحيم لا يطاق وصرنا بلا أعياد ولا أفراح ونجاهد للصمود دون أن تذلنا احتياجاتنا للآخرين".
ويضيف أن أضحية العيد ليست ذات أهمية وأنه سيشتري الدجاج بدلا عن الأضحية وقد جرب ذلك لعامين ولم يتأثر أطفاله كما كان يظن، وتجاوز هذا الهم الذي يشكل ضغطا على آخرين.
محمد العديني، قال هو الآخر إن "عيد الأضحى وقبله الفطر مناسبات لإسعاد وإدخال الفرح على أهالينا وأطفالنا، غير أن مثل هذه القيم صارت شيئا من الماضي والأحلام البعيدة التي تبخرت منذ الإنقلاب الذي وسع أعداد الفقر والفقراء وأضاع الطبقة الوسطى الميسورة".
الموظفون الأكثر تضررا
وأضاف العديني، أن الموظفين "تأثروا بشكل غير مسبوق، فلا عيد ولا مناسبات تعنيهم"، وكل همهم كيف ينجوا من هذه المناسبات التي قال إنها تحولت إلى أيام قاسية ما كان لهم أن يتخيلوها.. مؤكدا أن الأعياد والأضاحي صارت في منازل وأسر مشرفي المليشيا الحوثية الذين تغيرت حياتهم بشكل كلي وصاروا من أثرياء الناس.
واتهم العديني، المشرفين الحوثيين باحتكار أموال وخيرات الشعب التي نهبوها والتمتع بها بمفردهم دون بقية الناس، مؤكداً أن أموالا طائلة ينفقونها على أنفسهم وأسرهم ومرافقيهم.
ووفقاً للعديني، فإن أبسط مشرف في المليشيا الحوثي يشتري "القات" في اليوم الواحدة بما يكفي إطعام أسرة موظف لمدة شهر، ويختتم بتساؤله كيف وبكم ستكون قيمة أضحية هؤلاء وتوفير طلبات أطفالهم وأسرهم؟.
غلاء جنوني
وأدت الجبايات الحوثية والجشع لدى بعض التجار إلى ارتفاع الأسعار بصورة جنونية لم يسبق أن عرفها أبناء محافظة إب، وتسحق أحلام البسطاء من الناس والكادحين الذين يحاولون رسم لوحة فرحة بسيطة لأطفالهم وأسرهم.
المواطن صالح السماوي، من أبناء مديرية السياني، يعمل في مجال الكهرباء قال إنه ذهب لشراء كسوة لأطفاله الصغار غير أنه عاد دون أن يتمكن من شراء أي شيء نتيجة الأسعار.
وقال لـ"الصحوة نت" إن الأسعار "فاقت الخيال ولا طاقة لي بها". وهذا شأن الغالبية الكبيرة من أرباب الأسر التي أحجمت عن شراء ما تسعد به أطفالها في عيد الأضحى.
وعن أضحية العيد، قال السماوي، إنها "لمن استطاع إليها سبيلا".. مضيفاً: "كنت أفكر أدخل الفرحة لأطفالي ولم أنجح حتى اللحظة، وسيأتي العيد وسأشتري الدجاج بدلا عن الأضحية وسنشتري لأطفالنا ثياب في أوقات غير العيد لربما تتراجع الأسعار التي تقصم ظهورنا".
غلاء المواشي
رغم اقتراب العيد إلا إنك لا تجد الإقبال الكبير على شراء الأضاحي من قبل المواطنين فقد عزف الكثير منهم نتيجة غلاءها بخلاف السنوات الماضية.
قائد لطف، بائع مواشي يقول "السوق ارتفعت أسعاره ونحن نضطر للشراء بسعر غالي وسنبيع بزيادة نكسب من خلالها لقمة عيشنا مثل الآخرين".. مرجعا ارتفاع أسعار الأضاحي لأسباب أخرى من بينها "انهيار قيمة الريال والغلاء في بقية متطلبات الحياة، كون المواطن الذي يربي الماشية يبيعها بهدف توفير متطلبات أخرى ارتفعت أسعارها فيرفع سعر المواشي التي قام بتربيتها طوال العام".
موضحاً أن الجبايات الحوثية تؤثر بشكل كبير على تجارتهم. وقال "سيأتون إلينا ككل عام ويطلبون منا دفع أموال تحت مسميات عدة وهذه الأموال التي نجبر على دفعها من أين توفرها مالم تضيفها إلى قيمة ما تشتريه وبالتالي ترتفع الأسعار".
جبايات حوثية
وحولت مليشيا الحوثي الأعياد والمناسبات إلى محطات للجبايات ونهب أموال اليمنيين، حيث تتفنن بفرضها في مثل هكذا مناسبات رغم إدراكها للوضع الذي يعيشه الناس في مناطق سيطرتها.
وخلال الأيام الماضية، فرضت جبايات مالية على مختلف المؤسسات الحكومية والخاصة والوجهاء والتجار والمشائخ لدعم جبهاتها القتالية، بجبايات مالية وأخرى عينية، ومارست عمليات الترهيب بحق من يخالفها أو يرفض تلك الجبايات.
واشترطت مليشيا الحوثي، على المؤسسات خصوصا الرسمية دفع مواشي كـ"جبايات" عينية، وبلغت أكثر من خمسة آلاف ماشية بمختلف المؤسسات والمرافق الحكومية بمحافظة إب، ومن بينها جامعتي إب وجبلة حيث يعاني مئات الموظفين فيها حياة البؤس والفقر المدقع، وسط سخرية واسعة من قبل الموظفين والمواطنين عموماً في حرب اقتصادية ممنهجة أفقدت اليمنيين حياتهم الطبيعية وأفسدت فرحة العيد.