للعام الثامن على التوالي، يحل عيد الأضحى المبارك، وأكثر من مليون موظف محرومون من مرتباتهم، ما يعني غياب فرحة العيد عن منازلهم ومنازل معظم اليمنيين، باستثناء مشرفي الجماعة الذين امتهنوا أعمال الجباية والنهب وسرقة أموال وأحلام وفرحة وسعادة المواطنين.
مدير مدرسة حكومية بصنعاء، واحد ممن يذرفون دموع الألم والفقر مع اقتراب العيد وهم عاجزون عن إدخال الفرحة لمنازلهم، وصنع البسمة على وجوه أطفالهم.
يقول لـ"الصحوة نت"، "لم يبق الكثير على العيد، وحتى الآن لم أتمكن من شراء أي شيء لأطفالي.. لم أستطع بسبب الوضعي المادي وغلاء الأسعار".
ويضيف، (مشترطا عدم كشف هويته لدواعٍ أمنية)، أنه "في الماضي كنت أشتري لهم الملابس قبل العيد بشهرين، لكن الآن لا أستطيع والسبب عدم صرف المرتبات من قبل (مليشيا الحوثي)، إضافة إلى انعدام مصادر الدخل وغلاء الأسعار".
يؤكد الموظف الحكومي أن "المعاناة والفقر دخلا كل بيوت اليمنيين ولم يستثنيا أحداً سوى قيادات الحوثي وعائلاتهم"، متسائلاً "إذا كان هذا هو حال مدير مدرسة فكيف حال المعلمين والموظفين، والمواطنين البسطاء؟!".
إقبال ضعيف
في صنعاء العاصمة المختطفة من قبل المليشيات، تبدو الحركة في الأسواق أقل من الأيام العادية، في حين يبدو بعضها شبه خالٍ من الزبائن، ويشكو أصحاب المحال التجارية ومعارض الملابس من ضعف الإقبال بسبب حالة الفقر التي تعصف بحياة المواطنين، وغلاء الأسعار جراء الجبايات والضرائب المرتفعة.
المحالّ التجارية بشارع جمال وهائل والتي عُرفت بأنها الأكثر ازدحاماً خاصة قبيل الأعياد، تبدو شبة خالية، مع حركة نادرة في أوقات الذروة.
تستذكر أم زياد كيف كان الشارعان يعجان بالمتسوقين، قبل انقلاب مليشيا الحوثي واجتياحها للعاصمة صنعاء أواخر 2014 وممارستها سياسة التجويع والإفقار ومنها قطع رواتب الموظفين واستهداف القطاع الخاص ما انعكس سلباً على القدرة الشرائية للمواطنين، وجعل الأسواق شبه خالية أو الحركة فيها قليلة جداً.
وتقول الأم لـ"الصحوة نت"، إن توفير متطلبات العيد أصبح من الأمور المستحيلة هذه الأيام نتيجة توقف صرف المرتبات وجنون الأسعار المرتفعة.
وتضيف أم زياد: "أن اليمن ذهبت إلى المجهول منذُ استيلاء الحوثيين على السلطة في صنعاء"، مشيرة إلى أن المستقبل لا يبشر بالخير إذا استمر التدهور بهذه الصورة والسرعة، واصفة الوضع هذا العام "بأنه الأشد سواءً عن ذي قبل"، مستدركة: "وربما يأتي العام القادم ونحن موتى من الجوع".
تؤكد ربة المنزل بـ"أن أصعب ما في الحياة هو عدم قدرة الأب أو الأم على توفير متطلبات أطفالهم، خصوصا في المناسبات التي ينتظرها الأطفال بفارغ الصبر كالعيد"، موضحة أن "شراء متطلبات العيد تكلف نحو 200 ألف ريال على الأقل، ومعظم الأسر لا تملك ربع هذا المبلغ".
في الرصيف المقابل، يقف صاحب أحد محلات الملبوسات في شارع هائل، منتظرا الزبائن، يقول للصحوة نت، "إنه في مثل هذه الأيام كانت الأسواق تشهد ازدحاما ًخانقاً وحركة البيع والشراء في ذروتها مع اقتراب عيد الأضحى المبارك".
وأضاف التاجر: "هذا العام لم نتمكن من بيع حتى ٥٠% من مبيعاتنا في شهر ذي القعدة العام الماضي، لأن الناس صارت تعبانة وتريد الشراء بربع القيمة".
يؤكد مالك المحل أنهم يشعرون بمعاناة المواطنين مستدركاً "لكننا لا نستطيع مساعدتهم فالأسعار محددة وإذا بعنا بأسعار أقل سنفلس".
الأضاحي للمشرفين
ولا يختلف الوضع بالنسبة للأضاحي التي أصبحت حلماً بعيد المنال للكثير من الناس، يقول "عمر" تاجر مواشي في صنعاء، إن حركة السوق هذا العام راكدة بشكل غير مسبوق.
وأرجع عمر في تصريحه لـ"الصحوة نت"، سبب الركود إلى أحوال الناس المتعثرة فكثير من المواطنين من الطبقات الفقيرة والمتوسطة لا يستطيعون شراء الأضاحي ويقتصر الشراء على الطبقة الغنية ومنهم "المشرفون" حد قوله.
ويقول مربي المواشي عبد العزيز، "إنه يبيع بعض الأضاحي بأقل من ثمنها"، موضحاً أنه لو لم يفعل ذلك لمر الموسم والأضاحي لا تزال في حوزته "سليمة معافاة"، فالناس كما قال "لم يعد لديها ما يكفي لشراء الدجاج فضلاً عن شراء الأضاحي".
ولا تقتصر معاناة الناس في مناطق سيطرة الحوثيين على أيام العيد والمناسبات فقط، فكل يوم يعيشونه هو عبارة عن معاناة وتعب وجري وراء لقمة العيش "بدون فائدة" كما تقول أم زياد، والعكس صحيح، فالأيام كلها أعياد ومناسبات وفعاليات بالنسبة لمشرفي المليشيا وقيادتها الذين يعيشون حياة مترفة على حساب فقر وجوع اليمنيين.
تحذيرات أممية
وأدت الحرب التي أشعلها الحوثيون بانقلابهم نهاية عام 2014م، إلى فقدان اليمنيين لمصادر دخلهم، وارتفاع نسبة البطالة في المجتمع وتحول ثلثا الشعب إلى فقراء، مقتربين من حافة المجاعة الشاملة، حيث يحتاج 21 مليوناً للمساعدات للبقاء على قيد الحياة، حسب تقارير أممية سابقة.
وتشير التقارير الدولية الصادرة عن الأمم المتحدة والمنظمات الدولية للوضع الكارثي في اليمن محذرة من تفاقمه أكثر وخروجه عن السيطرة، محمّلة جماعة الحوثي التي ترفض الانصياع للحلول السلمية وتستخدم معاناة الناس كورقة للضغط على المجتمع الدولي مسؤولية ما آلت إليه الأمور، منذ انقلابها الكارثي على السلطة في سبتمبر ٢٠١٤م.
وتصنف اليمن حالياً ضمن أفقر دول العالم، وفي المقياس العالمي لنجاح الدول الصادر عن الأمم المتحدة تصنف الجمهورية على أنها "دولة فاشلة غير صالحة للعيش".
وفي المقابل لا تلقي مليشيا الحوثي أي اهتمام بهذه بالتحذيرات، وتستخدم ورقة المعاناة والفقر للابتزاز السياسي، وترمي بالمسؤولية على الحكومة والتحالف، وتهدد بالمزيد من الدمار والخراب، والضغط للحصول على تنازلات إضافية تخدم المليشيا وقيادتها فقط.