في الوقت الذي يتوسع فيه الفقر والمعاناة الإنسانية في محافظة الحديدة الساحلية (غربي اليمن)، تتصاعد خلافات قيادة ميلشيات الحوثي في المحافظة على عمليات النهب في المؤسسات التي تدر على الميلشيات إيرادات هائلة، لكنها لا تنعكس على حياة المواطنين وتظهر فقط في تخمة قادة الحوثيين.
مؤخراً برزت خلافات بين مسؤولين وقيادات ميدانية حوثية في الحديدة، حول مناصب في مكتب هيئة الزكاة، ضمن ما يعرف بصراع الأجنحة لدى قيادات الحوثيين، وتهم الفساد التي تلاحق قيادتهم ويستخدمونها لتصفية حساباتهم في التخلص من مسؤولين لم يعد مرغوب بهم بناء على نفوذ معين.
وكشفت مصادر مطلعة لـ "للصحوة نت"، "أن رئيس هيئة الزكاة الحوثية بصنعاء، المدعو شمسان محسن ابو نشطان، اقر بالاستغناء عن نائب مدير عام الزكاة بمحافظة الحديدة محمد الوسع، بتهمة اختلاس اموال طائلة من فرع هيئة الزكاة، وقوبل هذا القرار برفض الأخير باعتباره معينا من زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي".
وأفادت المصادر "أن "الوسع" حاول عبر وكيل محافظة الحديدة المعين من قبل المليشيات المدعو احمد البشري وعدد من القيادات الحوثية التوسط له، وهو ما دفع برئيس الهيئة الحوثية بصنعاء "نشطان" بالتوجيه بانتقاله إلى صنعاء، لكن قائد المنطقة العسكرية الحوثية المدعو "ابو حسين المداني" رفض ذلك".
وأشارت المصادر إلى "أن رئيس فرع هيئة الزكاة جمال الحميري المقرب من "نشطان" هو من رفع تقرير بأن نائبه "الوسع" يتجاوز صلاحياته، لكن ذلك التقرير أدى إلى فقدانه منصبة، وأبقت الضغوط على "الوسع" لأنه محسوب على قيادات الجماعة المخلصين او من يطلق عيليهم بأوساط الجماعة "المجاهدين".
ويتهم المدعو "الوسع" باختلاسات مالية كبيرة، وفقا للمصادر التي قالت "بأن هناك فسادا كبيرا في هيئة الزكاة الحوثية بمحافظة الحديدة، والذي أصبح معلن ومعروف للجميع، على إثره يتم نهب اموال المواطنين وايرادات محافظة منذ سنوات".
سرقة مكشوفة للزكاة
وقال الشيخ الطيب امين واصل "لا ينبغي السماح لمليشيات الحوثي باختطاف ايرادات هذه المحافظة المنكوبة، وتحويل خيراتها لمصالحهم الخاصة، أو لتمكينهم من الاستمرار في السيطرة والعبث بالأرض والثروة والانسان".
وأضاف في حديث لـ"الصحوة نت"، "منذ اتفاق الحديدة في ديسمبر2018 الذي قضى بدفع رواتب موظفي الخدمة المدنية من إيرادات ميناء الحديدة، لكن مليشيات الحوثي لم تطبق هذ الاتفاق وتصرفت بتلك الإيرادات لصالح قياداتها بالإضافة إلى الإيرادات الأخرى".
وتابع: "من المؤسف أن تبدد هذه الإيرادات بين قادة الارهاب الحوثي =، ويتحول بعضها الى مجهود حربي لإشعال المزيد من الحرائق والاقتتال، التي تقتات مليشيات الحوثي عليها منذ انقلابها الأسود على الدولة في سبتمبر 2014".
ودعا الشيخ الطيب، الحكومة اليمنية والتحالف والمجتمع الدولي الى تحمل مسؤوليتهم الكاملة والاخلاقية ازاء عمليات النهب والسطو على ايرادات كبيرة، خاصة منذ اعلان اتفاق الهدنة برعاية الأمم المتحدة في إبريل 2022.
من جانبه قال الباحث الاقتصادي محمد عبده ناشر "في الوقع لم نسمع خلافات مالية بين قادة مليشيات الحوثي في اي محافظة من المحافظات الواقعة تحت سيطرتهم، مثلما يحدث على ايرادات محافظة الحديدة التي صارت البقرة الحلوب لتلك القيادات".
وأضاف في حديث لـ"الصحوة نت"، "أن مدينة الحديدة أصبحت الشريان الذي يضخ الاموال الكبيرة، من الضرائب والجمارك والزكاة وايرادات ميناء الحديدة والصليف وغيرها من الرسوم والتي تصل إلى جيوب واستثمارات قيادات الحوثيين".
وأوضح ناشر "الميلشيات تنهب هذه الاموال من مختلف الشرائح الاجتماعية وبالذات في قطاع التجارة والزراعة والاصطياد، واستيراد الوقود، في الوقت الذي تحرم المواطنين من ابسط مقومات الحياة والخدمات الرئيسية مثلما الكهرباء والمياه، بينما الاموال تسرق جهارا نهارا وعلى مرأى ومسمع الجميع".
مليارات الإيرادات المنهوبة
ووفق تقديرات مصادر تحدثت لـ "الصحوة نت" فإن إيرادات موانئ الحديدة، تجاوزت أكثر من 340 مليار ريال يمني (530 الدولار) منذ اكتوبر العام الماضي 2022م وحتى شهر ابريل من العام الجاري 2023م، فيما تقدر مصادر في مكتب المالية، الواقع تحت سيطرة مليشيات الحوثي، بان ايرادات المليشيات من الزكاة بلغت 150 مليار منها زكاة كبار التجار ورؤوس الاموال التجارية والصناعية والجمعيات السمكية والشركات.
والمحال التجارية وصولا الى الدكاكين والبسطات ومالكي المحلات الصغيرة نزولا الى الاسواق الشعبية في مدينة الحديدة وعواصم المديريات الواقعة تحت سيطرتها.
وبحسب مكتب المالية بالمحافظة فإن إجمالي الإيرادات الّتي نهبتها ميليشيا الحوثي من قطاع الضرائب، الجمارك، الزكاة، الأوقاف والوقود والغاز المنزلي وغيرها من منافذ الايرادات بلغت أكثر من 3 ترليون ريال، وكانت مصادر في ميناء الحديدة ومكاتب المالية وحذرت المصادر من استمرار مليشيات الحوثي الانقلابية من التلاعب بإيرادات الميناء ونهبها.
وذكرت المصادر "أن الايرادات تبلغ مئات المليارات وتكفي لتغطية صرف مرتبات الموظفين شهرياً وبشكل منتظم، لكن مليشيات الحوثي ترفض اي مقترحات من شانها تحويل الايرادات المهولة لصالح المواطن في الحديدة وبقية المحافظات الأخرى".