منذ نحو شهرين وسكان الأحياء المحيطة بمدرسة 14 أكتوبر بمدينة الحديدة، ينامون على أصوات الرصاص ويصحون على صرخات الموت والإرهاب؛ حيث حولت المليشيا الصرح التعليمي المسمى بواحدة من أعظم ثورات الأمة العربية ضد الاستعمار والرجعية والتشطير، إلى ثكنة عسكرية مصغرة.
والمدرسة واحدة من ضمن عشرات المراكز الصيفية "المغلقة" والتي توسعت مليشيا الحوثي في إقامتها هذا العام بشكل ملفت، مع الزيادة المتصاعدة في عدد المراكز الصيفية المفتوحة في عروس البحر الأحمر وعاصمة إقليم تهامة في الدولة المدنية المنشودة.
ويقول سكان في الأحياء المجاورة، إن الأصوات المتصاعدة من داخل المدرسة منذ ساعات الفجر الأولى، وحتى وقت متأخر، وما يرافقها من ضجيج وصدى للرصاص المطلق في فترات منظمة، حولت حياتهم الساكنة إلى جحيم مع حالة رعب شديدة يعشيها الأطفال والنساء خاصة في المنطقة المحيطة.
وبعد خروج الأمر على قدرة الأهالي على التحمل، عبروا عن انزعاجهم ومارسوا ضغوطات على مليشيا الحوثي ومشرفوها في المنطقة، لتضطر الجماعة، خوفا على سرية مركزها المغلق إلى نقل من تمكنت من استقطابهم إليه، إلى مراكز أخرى في مناطق نائية في سهول تهامة، وسلاسلها الجبلية الكثيفة خاصة في محمية برع، ومنطقة "الكدن" التي أضحت معسكرات تدريب أوسع على مختلف الأسلحة والمعدات الحربية.
ولا يعرف بشكل دقيق عدد المراكز الصيفية المغلقة في الحديدة، وغيرها من المحافظات الخاضعة لسيطرة المليشيا الحوثية ، كما لا تعرف المناهج الطائفية والبرامج التدريبية التي يتم تدريسها في هذا النوع من المراكز الصيفية، والحال ذاته ينطبق على العدد المستقطب من الشباب والنشء في هذه المراكز المغلقة.
وتقدر مصادر محلية تحدثت "للصحوة نت "، شريطة عدم كشف هويتها لدواعٍ أمنية، أن المركز الصيفي يضم نحو 114 فردا اختيروا بعناية شديدة من مديريات شمال الحديدة.
وتضيف المصادر "أن شاحنات تحمل الأغذية والاحتياجات الأخرى، تصل بشكل شبة يومي إلى المركز المغلق، وفي الأسبوع الماضي وصلت ثلاث دينات (شاحنات نقل) محملة بالكتب والملازم الحوثية، كما شوهدت سيارة مصفحة ومغطاة بشكل محكم تدخل المركز".
وتبدأ البرامج التدريبية والطائفية في المراكز المغلقة من الساعة الثالثة فجرا، بالطوابير العسكرية والتدريب على إطلاق الأسلحة والاشتباكات المباشرة، وكانت أصوات الأسلحة في العمليات التدريبية في عدة مراكز مغلقة أخرى بمدينة الحديدة، مصدر إزعاج وقلق للسكان، وفق مصادر متطابقة في المدينة تحدثت للصحوة نت.
توسع المراكز في الحديدة
بالتوازي وسعت مليشيا الحوثي الإرهابية من المراكز الصيفية المفتوحة في الحديدة، والتي يسمح فيها للأهالي أو الملتحقين بها بالعودة إلى منازلهم، خلافا للمراكز المغلقة التي يحرم الأهل من رؤية أطفالهم طوال أسابيع حتى تنتهي المدة المخصصة للمراكز.
وتشير مصادر متطابقة إلى أن معظم المدارس في مختلف مديرية الحديدة، أصبحت مراكز صيفية، مع اختيار مباني المدارس النموذجية والمركزية كمراكز مغلقة أو "معسكرات للجهاد" كما يسميها قادة المليشيا، والذين يتحدثون عن نحو مليون مستهدف من الأطفال في الحديدة وحدها وفقا للتصريحات الإعلامية على قنوات الجماعة.
مديرية الزيدية إحدى، البلدات التي استهدفتها المليشيا هذا العام بمراكز عدة، معظمها مراكز مغلقة، محاطة بحراسات مشددة لا يسمح حتى للأهالي بزيارة أبنائهم.
وأفادت المصادر أن الأهالي الزيدية قاطعوا هذه المراكز بشكل عام، مما اضطر المليشيات الحوثية اجبار سكان القرى الريفية بالقوة على الدفع بأبنائهم إلى المراكز المفتوحة، ومنها يتم استقطاب أطفال من العائلات محددة، بعضها معروفة بمناهضتها لفكر الحوثيين، حيث ينقل أولادهم تحت القوة إلى المراكز المغلقة.
وقالت المصادر لـ"الصحوة نت"، إن المليشيا دفعت مؤخرا "بمحاضرين سلاليين وطائفيين، من أبرزهم المدعو يحيى الحوثي المنتحل صفة وزير التربية والتعليم، والمدعو محمد يحيى القحوم، وابو احمد العرب" لزيارة المراكز الصيفية في الحديدة.
وأوضحت المصادر "أن المدعو أبو احمد العرب، تربى في الحوزات الإيرانية، وهو رجل عقائدي متطرف، وشارك في اعمال قتالية وهو مبتور القدمين من الركبتين، ويتحدث بعنجهية ويقول كل شيء أصبح لنا وملكنا وبأيدينا ونحن المستقبل".
وتتخذ مليشيا الحوثي المراكز الصيفية، فرصة للتجنيد، وتفخيخ عقول الصغار، وتعبئتهم طائفيا كفدائيين لزعيم الجماعة المزعوم عبدالملك الحوثي، وقد لوحظ مؤخرا الضخ المالي الكبير للمراكز الصيفية في الحديدة، مما زاد في عمليات استقطاب الفقراء، وإجبارهم بإرسال أطفالهم مقابل معونات أو مساعدات أو بغية وعود بالحصول على عمل مناسب لأرباب الأسر.
قنبلة موقوتة
ويحذر الدكتور محمد خادم، من مخاطر المراكز الصيفية، وقال لـ "الصحوة نت"، إن "ما تنفذه مليشيات الحوثي قنبلة موقوتة تهدد الحديدة وتهامة واليمن قاطبة، خاصة وأن المليشيا تعتمد برامج ومناهج إيرانية اثني عشرية تحرض على القتل والعنف".
وأضاف خادم وهو كاتب معروف في المحافظة، أن "مليشيات الحوثي قسمت الحديدة إلى محاور (شمالية وجنوبية وشرقية ووسط) وتقيم فيها عددا من المراكز الصيفية، بعضها تتركها مفتوحة بهدف التغطية عن المراكز الصيفية المغلقة التي تخضع فيها الشباب لعملية أدلجة إيرانية مكثفة".
وأكد الدكتور خادم "أن هذه المراكز هي التي تمد المليشيا الإرهابية بمقاتلين للجبهات"، لافتا إلى "استمرار الجماعة الإرهابية في أنشطتها هذه وفق البرامج الإيرانية الدخيلة عن الهوية الوطنية، يوسع من دائرة الخطر الطائفي، وهو ما قد يحول مناطق يمنية ومنها بعض مناطق في تهامة".
مراكز للإرهاب البحري
وكشفت مصادر مطلعة للصحوة نت "عن قيام مليشيا الحوثي في الأسابيع القليلة الماضية على نقل العشرات من المنتسبين للمراكز الصيفية، من أصحاب المواهب والمختارين بعناية خاصة بناء على قدراتهم، ونقلهم إلى مراكز مستحدثة في على شاطئ البحر الأحمر، كمنطقتي الطائف والجاح وسواحل مديريتي الدريهمي والتحتيا".
وأكدت المصادر أن "من تم نقلهم يتلقون تدريبات على تنفيذ مهام قتالية وعمليات ارهابية بحرية، والتدريب على استخدام أسلحة جديدة وعمليات الرصد البحري للسفن وتفخيخ القوارب وعمليات غوص طويلة، إضافة إلى عمليات تمرينات على عمليات القرصنة واعتراض الصف واختطافها بعد مطاردتها بقوارب سريعة".
