أسألوا التاريخ عن وحدة شعب تمتد الى أقاصي التاريخ

أسألوا التاريخ عن وحدة شعب تمتد الى أقاصي التاريخ

كان صباح ٢٢ من مايو 1990م ، صباحا فارقا في تاريخ تلك اللحظة المجيدة ، وهو يعيد اليمنيين إلى اقاصي التاريخ الواحد ، والحضارة الواحدة ، والانسان المكدود بالأرض والتراب والهوية ، إرادة شعبية يمنية خالصة ، لحظات انطلاقة الوحدة اليمنية مجددا ، تمتد من الشمال إلى الجنوب ومن الغرب إلى الشرق ، في عناق وجودي مع الذات اليمنية الواحدة.

كان 22 مايو ، يوما مجيدا دافقا بالحياة والاحياء ، تاريخ استعصى على كل عوامل الشتات والتمزق ، لتظهر الصورة مكتملة ، كأنما ولد للتو ، وفي الواقع هو امتداد ازلي ليمن واحد ، عادت اليه الروح ، ليستعصى أمام عوامل التفرقة والتشظية ، عادت اليه الروح الواحدة أرضا وانسانا  في لحظات تضوئل حيالها الدهشة ، وقد عاد اليمنيون إلى تكوينهم الطبيعي ، تاريخا وانسانا وحضارة وترابا وجغرافيا وهوية .

نعم هو اليوم يكابد ، تلك العوامل التي تناوشته خلال مسيرته الحضارية ، منذ الميلاد الأول لحضارته ، إذ كان يتوج بالانتصار ، في نهاية كل مرحلة عصيبة ، ويعود قويا ، بعد أن يشفى من اذواء وانواء واسقام التشرذم والتمزق ، يعود كمعدن الذهب ، في بريقه واصالته وجذوره وتكوينه الفيزيائي ، واحدا وموحدا ، تشع فيه كينونة الديمومة والبقاء والامتداد التاريخي العريق.

 

لم تكن الوحدة اليمنية في 22 من مايو 90 ، محطة ميلاد مؤقته ، ولم تكن حدثا طارئا ، ولا تشكلا مرحليا ، بل عودة للحياة لمضاربه وجذوره التاريخية ، لأن اليمن بوحدته ودوراته الحضارية ، كان ولا يزال ، واحدا منذ ميلاده الأول .

هذا الحضور اليمني الوارف ، وهذا التخلق الوجودي والشعبي الكبير ، حول الوحدة اليمنية ، ليس ردود فعل وقتية ، وإنما هي وشائج ومشاعر وقيم وارادات وطنية ، منبثقة من إرادة الشعب اليمني ، في تاريخ مواجهته لكل عوامل التمزق ، ورفض عارم الى العودة إلى ماضي التصدع والشقاق ، التي كانت تحدث بين وقت وآخر ، على حين غرة من التاريخ اليمني القديم والحديث .

 

لم يكن ٢٢ من مايو ٩٠ ، مجرد اتفاق  بين النخب السياسية الحاكمة ، في الشمال والجنوب ، لم تأت الوحدة بجرة قلم سياسي ، بقدر ماكانت  حنينا واشتياقا جمعيا لشعب ، تكبد مراراة التمزق والشتات ، ليعود مفعما بالارادة والايمان الخالص بوحدته ، عودة طبيعية لليمن الواحد تاريخا وجغرافيا وهوية .

 لم تكن الوحدة لتتحقق مالم تكن هناك إرادة شعبية مدغمة  بتاريخها مفعمة بحضارتها،  إرادة كانت اصلب وأقوى من الساسة ، سبقتهم للساحات والشوارع تهتف للوحدة ، كان فنا يغنى وانفاسا تردد وروحا تعزف أيقونة اليمن الواحد ، في الارياف والمدن ، لذا يستحيل ، مصادرة الوحدة ايضا بجرة قلم .

كل الأخطاء التي لحقت بمسارات التاريخ اليمني الواحد ، لم تكن بفعل الوحدة ، ولكن بفعل عوامل خارجية ، أرادت تمزيق الشعب اليمني ، ومصالح شخصية كانت  تعصف ببعض حكامه، فتتوزعهم الأهواء الشخصية والمطامع السلطوية ، فيغرقون في مستنقع الخيانة للإرادة الشعبية ، التي سرعان ماكانت تعود إلى طبيعتها واحدة موحدة ، ولم يستطع المستعمرون ، بعد مرور عقود بل قرون من الزمن ، تجاوز وحدة الشعب اليمني ، بالرغم من سياسته فرق تسد وتجزئتها للجغرافيا ، والديمغرافيا السكانية ،الى كيانات محتربة ، لتستيقظ إرادة اليمنيين الواحدة لتكسر كل اغلال الماضويات البائدة ، وتنتصر لتعود الوحدة اليمنية قوية باسقة سامقة، تستعصي على كل المشاريع الصغيرة ، تدب فيها الحياة ،  ويعود اليمنيون ، كما الذهب إذ يخرج من النار أكثر لمعانا وصلابة وقوة شكيمة وبأس .

اسألوا التاريخ ، بأن أي تصدع للوحدة اليمنية ، لم يكن ليستمر كثيرا ، اذ كان يعود الشعب اليمني ، لارادته الواحدة ، فكل هذه التداعيات،  والدعوات الصغيرة ، والاجندات التي تتحدث عن العودة لماض التمزق ، تنسى بأن الشعب اليمني تجاوز كل اسقام الماضي ، ولن يعود لأزمنة التشظي ، أيا كانت الظروف والتحديات ، فارادة الشعب اليمني ، تمتد إلى اقاصي التاريخ الانساني الاول ،  وهذا ربما ما يجهله الادعياء والطارئون .

فالإنسان اليمني على امتداد التاريخ اليمني ، كان صانعا لوحدة العرب وحضاراتهم ، وكان رجال البأس منه ، مدافعين عن الارض والهوية على امتداد الاثنيات الارضية ، والديانات السماوية.

هو اليوم يجسد في وحدته تلك الصورة المشرقة ، وذلك التاريخ العريق ، وذلكم المجد المكدود بعرق وجبين شعب ، كان مهد الحضارات ، يحكي التاريخ  عنه ، ولا يزال يقدم حتى اليوم ، نموذجا مشرقا للدفاع عن وجوده الوحدوي ارضا وانسانا وهوية ، بالرغم من كل الظروف والتحديات الصعبة المحدقة به.

القائمة البريدية

أشترك معنا في القائمة البريدية لتصلك كل الاخبار التي تنشرها الصحوة نت

تواصل معنا

الجمهورية اليمنية

info@alsahwa-yemen.net

الصحوة نت © 2023 م

الى الأعلى