في الوقت الذي تتدفق المشتقات النفطية وكافة الواردات عبر ميناء الحديدة غربي اليمن، تعيش المدينة حرماناً من أبسط الخدمات الأساسية، وفي مقدمتها خدمة الكهرباء التي تعد ضرورية للمحافظة الساحلية التي تشتد فيها الحرارة خلال فصل الصيف، ويصعب على المواطنين تحمل تكاليف فاتورة الكهرباء التي توفرها المحطات التجارية.
وحرُم أبناء الحديدة من الكهرباء الحكومية التي يحصلون عليها بتكلفة أقل قبل سيطرة الميلشيات على المدينة، في حين تواصل ميلشيات الحوثي استغلال حاجة الناس للكهرباء بالمتاجرة بها، سواء برفع أسعارها المستمر، في الوقت الذي يطالب السكان بتوفير الكهرباء مع دخول فصل الصيف خاصة مع ارتفاع الدخل في ميناء المدينة الاستراتيجي خلال أكثر من عام.
صيف ساخن ينتظر سكان الحديدة بعد أن ضاعفت مليشيات الحوثي سعر تعرفة الكهرباء إلى عشرات الاضعاف، عما كانت عليه قبل سيطرتها على العاصمة صنعاء في 21 سبتمبر/ أيلول 2014، وهو ما أعجز غالبية السكان من تشغيل الكهرباء في منازلهم في ظل مأساة إنسانية يعيشها المواطنين في تهامة للعام التاسع على التوالي.
اتهام بسرقة الكهرباء
وخلال الأسابيع الماضية اتهمت ميلشيات الحوثي أبناء الحديدة بسرقة الكهرباء، ووجه منتحل صفة زير المالية المدعو رشيد أبو لحوم في حكومة الميلشيات الغير معترف بها، بقطع الكهرباء عن عدد من الاحياء، وقالت مصادر محلية "أن الميلشيات عملت على إنزال لجان مركزية انتهكت الأحياء السكنية المكتظة بالسكان وقطعت الكهرباء عن الفقراء، في الوقت بلغت مستحقات هذه اللجان ما يزيد على 150 مليون ريال يمني (الدولار 530)".
وأفادت مصادر محلية "بأن مليشيات الحوثي الارهابية عمدت على قطع التيار الكهربائي على المئات من المنازل في احياء السلخانة وزايد وجمال وغليل والربصا والمورنيش والحي التجاري وشارع صنعاء والدهمية والشحارية والشهداء والحوك، وذلك عما يقارب 5 الاف منزل بتهمة سرقة الكهرباء".
"عبد الواسع سالم دهبل" – أحد سكان مدينة الحديدة - يقول "مدينة الحديدة باتت تحاصرها لجان قطع التيار الكهربائي، وكذا خنادق وحفريات للتفتيش عما تسميه المليشيات الحوثية بسرقة الكهرباء بينما تمتد الكابلات إلى فلل ومنازل قادة مليشيات الحوثي ومشرفيها فيما تغرق منازل الالاف من السكان في الحر والظلام".
وتساءل في حديث لـ"الصحوة نت"، "هل هناك ظلم وجور اكثر من ذلك في عهد المليشيات الكهنوتية؟ حيث صار المواطن في الحديدة سارق وقادتها الذين نهبوا الموارد والوظائف والجمارك والضرائب مؤمنين واولياء الله وأنصار الله، لم يسبق ان حدث هذا في اليمن ولا في العالم ان يصبح الشريف والمظلوم لصا، بينما اللص يصبح شريفا".
وأعلنت ميلشيات الحوثي عن أسعار جديدة للكيلو وات بنحو 310 ريال (ما يعادل 6 دولار)، وأعتبر السكان ان هذه الأسعار كبيرة جداً مقارنة باستهلاكهم الكبير للكهرباء بسبب اشتداد الحرارة. ورغم انتفاء كل المبررات التي كانت تروج لها مليشيات الحوثي بالحصار وغيرة، إلا ان الميلشيات تستمر في نهب إيرادات مدينة الحديدة ولا تعطيهم شيئاً.
نهب إيرادات الحديدة الهائلة
وبدأت ميلشيات الحوثي الترويج بين أبناء الحديدة لشراء منظومة الطاقة الشمسية، ودشنت هذه الحملة بحضور عدد من المسؤولين بحكومة الحوثيين الغير معترف بها في صنعاء، إلى مدينة الحديدة حيث اعتبر القيادي الحوثي المعين وزير للمالية الحوثية، استمرار تشغيل الكهرباء في الحديدة بأنه "عبث"، داعيا لاستبدالها بالطاقة الشمسية.
دعوة الحوثيين لاقت سخرية واسعة بين أبناء الحديدة الذين اعتبروا ذلك استفزازا للمواطنين الذين لا يستطيعون توفير الغذاء اليومي لأسرهم ناهيك عن شراء منظومة طاقة شمسية، حيث يعمل الحوثيون على نهب موارد المدينة دون إعطائها ابسط الحقوق، بل تسعى للمتاجرة بالطاقة ومعاناة السكان اليومية.
وقال الشيخ يحيى منصر الوكيل المساعد لمحافظة الحديدة :"مع إعلان المجتمع الدولي والاقليمي واعتراف مليشيات الحوثي نفسها بدخول سفن الوقود لميناء الحديدة بشكل يومي، وجدت المليشيات نفسها أمام انكشاف سوأتها وانقطاع حبل اكاذيبها".
وأضاف في حديث لـ"الصحوة نت"، "بادرت الميلشيات عبر وسائل اعلامها وعدد من قيادتها للترويج للألواح الشمسية، بينما المواطن لا يستطيع الحصول على القوت الضروري بعد نهبها للرواتب وايرادات وخيرات تهامة منذ أكثر من ثمان سنوات".
وأدان الشيخ مطهر، اتهام ابناء الحديدة بالسرقة من قبل قيادات ميلشيات الحوثي، وقال: " الحوثيون يريدون التغطية على نهبهم للمال العام والخاص، وعجز ميليشياتهم في صنعاء، تشغيل الكهرباء في الحديدة بسعر يناسب الوضع المعيشي لسكان الحديدة، عادوا ليتهموا الناس انهم يسرقون الكهرباء".
من جانبه قال القيادي في مقاومة الزرانيق محمد خادم "للأسف تواصل اللجان الميدانية المدججة بأطقم وعلى متنها العشرات من عناصر مليشيات الحوثي قادمة من صنعاء تجوب احياء وحارات مدينة الحديدة، وتقوم بابتزاز السكان وتفصل الكهرباء عن منازلهم".
وأضاف في حديث لـ"الصحوة نت"، "اللجان تتبع مؤسسة الكهرباء التابعة لمليشيا الحوثي في صنعاء، مهمتها نهب ايرادات كهرباء محافظة الحديدة بذريعة البحث عن الفاقد، حيث صرف نحو 135 مليون ريال للفنيين والمسؤولين المركزيين والمحليين في تلك اللجان فقط".
تعسف وإذلال المواطنين
يقول محمد عبده حشبري، وهو موظف سابق في الكهرباء "يعكس تغيير المليشيات الحوثية مدير كهرباء الحديدة 5 مرات خلال عامين حجم النهب المهول لإيرادات ميناء الحديدة وكذا الضرائب والرسوم الجمركية التي صارت البقرة الحلوب لقادة مليشيات الحوثي ولمجهودهم العبثي في حربها على اليمنيين، بينما يغرق السكان في تهامة في الفاقة والفقر والحر والظلام".
وأضاف في حديث لـ"الصحوة نت"، "من المؤسف ان يصمت المجتمع الدولي وبعثته الاممية، عما يحدث من انتهاكات جماعية تمارسها مليشيات الحوثي بحق السكان في مدينة الحديدة جراء حرمانها للسكان من الكهرباء بعد انتهاء كافة المبررات التي روجت لها مليشيات الحوثي خلال السنوات الماضية".
وقال موظفون في كهرباء الحديدة "ان مدير المؤسسة القيادي الحوثي المدعو أبو هاشم الشامي، أصدر أمرا الأسبوع الماضي بإمهال المتأخرين عن سداد الفواتير يوما واحد مهددا من يتأخر، بفصل التيار الكهربائي عن منزله، حيث يتم اصدار الفواتير كل أسبوعين".
وأصبحت معظم منازل سكان الحديدة بلا كهرباء بسبب عجز السكان عن سداد تكلفة استخدامهم للكهرباء والتي صارت أسعارها خيالية بعد أن كان سعر الكيلو وات ثمانية ريال يمني، لتتراوح بين ٣٠٠ الى ٤٠٠ ريال، في أكبر عملية نهب لمؤسسات الدولة تمارسها قيادات حوثية، بينما يكابد قرابة 3 مليون ونصف المليون من سكان مدينة الحديدة انتشار الأوبئة بسبب ارتفاع الحرارة.