كان الاستعمار القديم يأتي بصورة ذئب فاغرا فيه، مُتمعّط الجلد قبيح المنظر يجر من خلفه مجاميع من الذئاب، فيحتل بهمجية هذا البلد أو ذاك..!!
و لتوه يشرع ببناء قواعده العسكرية ؛ ليبسط نفوذه ، فينشر الرعب، و يستقطب حفنة من ضعاف النفوس من أهل البلد كأدوات طيعة و رخيصة على حساب سيادة البلد و كرامته و حريته، بل و على حساب حاضره و مستقبله.
كانت تلك المناظر، و ذلكم الرعب و الخراب جراء ممارسات المستعمر تثير حفيظة الناس، و تولد لدى المجتمع الرفض و العداء ضده، بل و تدعوه بكل الصور لمقاومة الاستعمار، و يظل الشعب يحمل روح المقاومة يتوارثها جيلا بعد جيل، حتى تخلصت كل البلدان من نير الاستعمار.
كان التواجد الاستعماري الواضح يؤجج مشاعر الرفض، و يعبئ النفوس للمقاومة و المواجهة ضد المستعمر ؛ و لذلك انتشرت الثورات، و حركات التحرر في كل بلاد العالم.
لم يخرج الاستعمار من أي بلد طواعية، أو بدافع من ضمير، أو مشاعر إنسانية، و إنما خرج بثورات مقاومة، و كفاح مسلح.
بأساليب شتى استعاد الاستعمار علاقاته بمستعمراته القديمة، و بطرق مختلفة طور علاقاته إلى وجود و تأثير ؛ ليعيد الكرة بأسلوب أقذر، و مكر أسوأ؛ ليقود معاركه الصفرية مع الشعوب عبر وكلاء جدد هم في الحقيقة أدوات أكثر دونية و وقاحة و خسة من سابقيه أيام الاستعمار القديم.
و أرخص الأدوات ما ارتدت الزي الوطني و تتنفس التبعية الاستعمارية مع استعداد للعبودية الكاملة من على كرسي حكم لا يملك من مهام ذلك الكرسي شيئا، غير أن يكون عنوانا ساترا لمستعمر أقذر جاء بثياب رهبان و فحيح الأفاعي، يستعمر هذا الوطن أو تلك البلاد؛ بأدوات متدثرة بمزاعم الوطنية ومتحدثة بلسان عربي غير مبين.
إن ما كانوا يسمونه - قديما - العالم الثالث؛ ليس بحاجة - اليوم - لعودة ما كان يسمى لجنة تصفية الاستعمار، و لكنه بحاجة إلى ثورة تصفية الاستعمار و التشهير بالمستعمر الذي يقبع متواريا خلف أدواته الرخيصة، و حول مزاعم حقوق الإنسان، و هم من يبيد الإنسان..!!