في قلب العاصمة صنعاء اصبح الموت يجاور كل شيء ، ويطوق كل الساحات والمناسبات والازمنة والامكنة والتواريخ ، هي امتداد لدم ينشع في كل خارطة الوطن المدمى ، جائحة الحوثي ، صيرت حياة البلاد والعباد ، الى رعب وكوارث ومآسي لاتكف دماؤها من النزف اليومي ، ايا كانت الاسباب والمسببات ، فالجائحة الحوثية ، هي القاتلة ، هي الحرب الذي يهرس اجساد الناس ، في جرائم قتل جمعية ، بعد ان صيرت الناس الى جموع من الجائعين ، والطرائد اللاهثة خلف الفتات ، تحاول في كل يوم ولحظة تقتل فيهم روح الحياة ، الجائحة الحوثية ، أحالت الامكنة الى ساحات ، تنبعث منها رائحة الموت ، وادخنة الحرائق ، حتى آخر نقطة للحياة فيها ، ما كنا نتصور ان تمتد المأساة وتتسع دوائرها الجهنمية الى قلب التاريخ.الحي، لتعرش بجوار نوافذ وقمريات وشرفات صنعاء ، حيث يطل عبق التاريخ ، مزهوا في كل الاعياد ، الاعياد التي استحالت في عهد الجائحة الحوثية الى مآتم وجنائز ومقابر ودم ودموع وعناصر مدججة بالموت والحقد ، صيروا صنعاء مدينة مفتوحة على الموت ، حشود وطرائد وكائنات ووحوش واشداق وبنادق ورعب يتربص بصنعاء في كل شارع وحارة وسوق وحي ، يتربص بالحياة ، ويتلصص على الأحياء ، يقتلهم في كل المواقيت ، في الافراح والاتراح والاعياد وعلى امتداد الأحلام والأمنيات ، بعد ان صار قادة صنعاء الجدد ، مجرد لصوص تسللوا على حين غفلة من التاريخ ، استغلوا خلافات الساسة ، فاختطفوا صنعاء ، على حين غرة من الجميع ، احالوها الى موت ورعب وقلق وأرق يومي يسكنها على امتداد خارطة الحزن والوقت ، صادروا ألق العاصمة صنعاء ، عاصمة الروح ،
انا الحزين استدعي من جراب الذاكرة المقهى الذي بجوار مدرسة معين ، يلفظ انفاسه مسن وبجواره امرأة وطفل ، اسندوا اجسادهم الفقيرة المنهكة ، واحلامهم وانسانيتهم المنتهكة ، لفظوا انفاسهم الاخيرة على فتات كانوا يبحثون عنه ليهبهم فرح مؤقت بالعيد ، حتى هذه المساحة الضيقة والمحشورة من الأحلام قتلتها الجائحة الحوثية .
مشهد، البارحة كان من أكثرِ الأشياءِ مأساوية ، هو أن البعض لايزال لديه قابلية في التعايش مع مليشيا لاقلب لها ولا ضمير ولا انسانية ، هي أصفار في الخارطة الوطنية ، مجرد معابر تقتل المواطن ببرود وتنهب تحت الصراخ للموت باسم الارض والسماء ،
كانت صنعاء تتفتق حدائق وورود ومروج عنب ورمان وورود جلنار وعبق ومآذن وفواتح وصلوات ، وامطار واغاني وادب وشعر وقصائد ، ومنذ الجائحة الحوثية صارت الاقذية والاشواك والفخاخ والمعابر والنواسف وثعابين الضمأ وآكلي الاكباد والقلوب والرؤوس ، صارت زوامل موت يومية ، تموسق الخراب وتعزف للموت الف اغنية ، حلت بدلا عن ايقاع الحارثي والسنيدار والآنسي آنستنا يا عيد ، اغنية كانت تلامس الوجدان اليمني ، وتضحك صنعاء مزهوة بالفرح ، يرقص الجميع على ايقاع العيد ، واليوم حزن طاعن في صنعاء ، يعرش على ايقاع الموت وتجار الحروب ولصوص المسيرة الكرآنية ، وصراخ عناصرها بالموت وشعارات الامساخ والاوساخ والاقذية ، بقى الصمت اذا هو النقطة الأخيرة لكل الأشياء المؤلمة ، الصمت مذلة وهوان مضاعف ، يحشرج بسببه الموت على حساب الحياة ، الحياة والتاريخ والانسان في صنعاء ، اما ان يصارع كل هذا الهوان وينتفض في وجهه وحشيته وساديته ومازوخيته وعنصريته ونازيته ، واما اعياد مكلومة وحياة معاقة على هذه الصورة القاتمة.
عيد مذبوح في قلب العاصمة ، فهل يذبح الناس مخاوفهم ليشعلوا الحياة ويوقضوا مارد الثورة ؟
تعازينا لكل اسر الضحايا، الرحمة للقتلى ، الشفاء للمصابين اللعنة على القتلة ..