حملت نقابة المعلمين اليمنيين مليشيا الحوثي المسؤولية عما وصلت إليه حالة المعلم في المناطق التي تحت سيطرتها، بعد رفضها كل الحلول التي قدمت خلال السنوات الماضية من اجل صرف رواتب الموظفين المنقطعة منذ أواخر عام 2016.
وقال عبده سالم الفقيه المسؤول الإعلامي للنقابة - في حوار أجراه مع "الصحوة نت" - "إن مليشيا الحوثي أصدرت قرارات اعدام بحق عشرات المعلمين، وأن ١١٧٣ معلما تعرضوا للاختطاف".
وأشار "أن النقابة تقوم بالتواصل مع المنظمات المعنية بحقوق الانسان من أجل ممارسة الضغط على مليشيا الحوثي للإفراج عن المختطفين، مشيرا الى أن الصفقة الأخيرة التي تم تنفيذها خلال الأيام الماضية شملت 15 معلماً مختطفاً لدى مليشيا الحوثي".
وإلى نص الحوار:
- أولا سبق وأن تم اختطافك من قبل مليشيا الحوثي، هل ممكن أن تعرفنا كيف تم ذلك؟
كنت أنا وسبعة من الزملاء نتناول وجبة الافطار في بوفية، فإذا بنا نفاجأ بمسلحين مدنيين يقتحمون صالة البوفية من دون أي سبب أو حتى اشعارنا للتحدث معهم، أشهروا السلاح علينا وطلبوا من الجميع عدم الحركة أو الكلام، ومن ثم اقتادونا على متن طقم بصورة همجية تنم عن وحشية وأفعال مليشيات تمارس البلطجة والتخويف والإرهاب ضد المدنيين العزل ومن دون سبب.
- هل لديكم إحصائية بعدد المعلمين المختطفين؟
نعم بلغت احصائية عدد المختطفين والمعتقلين من خلال فريق الرصد التابع لنقابة المعلمين من الفترة (أكتوبر/ تشرين الأول ٢٠١٤وحتى ديسمبر كانون الأول ٢٠٢١) تعرض 1173معلماً للاختطاف والاعتقال بينهم قرابة ١٧٠ تم إخفاؤهم قسراً.
- ماهي أبرز الانتهاكات التي مارستها مليشيات الحوثي ضد المعلمين؟
أبرز الانتهاكات وهي القتل والتعذيب والتصفية الجسدية والاعتقال والخطف والاخفاء القسري وهناك 1582 حالة قتل في أوساط التربويين، بينهم 81 من مديري المدارس، و21 معلماً اغتيلوا منذ بداية عام 2015، منهم 12 معلماً تم اغتيالهم في مناطق سيطرة جماعة الحوثي المسلحة، وأكثر من 2642 معلماً، تعرضوا لإصابات مختلفة.
واصدرت مليشيا الحوثي قرارات بالإعدام ضد عشرة تربويين مختطفين في سجونها بصنعاء، بينهم مدير مدرسة، كما تم رصد 621 حالة تعذيب جسدي ونفسي بحق المعلمين المختطفين في سجونها، وهناك 22 معلماً قتلوا تحت التعذيب في السجون الحوثية، ووثقت النقابة تفجير 25 منزلاً لتربويين وحجز ومصادرة قرابة 681 منزلاً لتربويين آخرين، بالإضافة إلى أن 60 في المئة من إجمالي العاملين في القطاع التربوي لم يحصلوا على مرتباتهم بشكل منتظم منذ أربعة أعوام، وتم فصل 924 تربوياً من وظائفهم، واستبدالهم عناصر حوثية.
- لماذا عمدت مليشيا الحوثي على إيذاء المعلمين؟
ميلشيات الحوثي ترى في المعلم عدوها الأول كونه الركيزة الرئيسية في العملية التعليمية، وبما أنه كذلك فهو ضد التجهيل الذي تتبناه المليشيات الحوثية الذي تحقق من خلاله هدفها، وتعمل على تعميم الخرافة والشعوذة والغوغائية في البلاد، وعمدت على تحريف وتغيير المناهج الدراسية في مناطق سيطرتها واستبدالها بطلاسم الملازم والافكار الطائفية والعنصرية الواردة من إيران.
- ما أثر الانتهاكات التي تمارسها مليشيا الحوثي بحق المعلمين على العملية التعليمية؟
تركت الميلشيات خلال السنوات الماضية أثار كارثية على المجتمع من خلال طمس العقيدة الصحيحة والقيم والمبادئ الجامعة، واستبدالها بخرافة أحقية الحكم في البطنيين وتعظيم الحوثي بأنه ابن النبي وحكم الأئمة الاثنا عشرية والذين يعتبرونهم "أعلام الهدى" كما يزعمون، وعملوا على تحريف المناهج بطلاسم الملازم وثقافة الكهوف والفكر الفارسي، وحشد الطلاب من المدارس إلى المتارس ونشر ثقافة الموت والكراهية والإرهاب والتدمير والخراب، بدلا عن التنمية والبناء والأمن، والامان، والسلم، والتعايش.
- يعمل المعلم في مناطق مليشيا الحوثية بدون راتب كيف يواجه متطلبات المعيشة؟
يواجه المعلم المعيشة من خلال مزولة أعمال أخرى في حراج العمال والمطاعم وغيرها من الأعمال والحرف اليدوية، هذا لمن تحصل على عمل منهم في ظل سوء المعيشية المرتفعة وانعدام فرص العمل.
- قامت مليشيا الحوثي بتحريف المناهج ما أثر هذا التحريف على المستوى المعرفي للطلاب؟
الأثر سلبي بلا شك لأن التعليم أصبح في مهب الريح والمستوى المعرفي في الحضيض والحصيلة العلمية صفر والمستوى متدني جداً في كل الجوانب العلمية والأدبية والمعرفية والثقافية، هذا ممن حافظوا على ابنه من الانخراط في صفوف المليشيات.
فقد ساد في صفوف الطلاب ثقافة المليشيات الحوثية التي ترتكز على الكراهية والقتل، وهكذا أصبح حال التعليم ملغم بالقنابل والمتفجرات والشحن الطائفي الذي يهدم عقول الطلاب، ويزج بهم إلى محارق الموت ويتعاطون الممنوعات التي تتاجر بها الميليشيات، سنحتاج جهد كبير لتغيير هذه الثقافة الدخيلة على مجتمعنا.
- كيف يمكن مواجهة ذلك؟
من وجهة نظري يمكن مواجهة هذا التحريف بتكثيف البرامج الثقافية التي تفند تلك الخرافات والتحريفات التي تطال المنهج ورصدها، وكشفها ونشرها على شكل واسع في وسائل الإعلام المسموعة والمقروءة ووسائل التواصل الاجتماعي ومراكز التوعيةـ واختيار الأساليب والطرق المضادة لتلك الأثار الناجمة عن تحريف المناهج والتحذير من مخاطرها على المناطق الواقعة تحت المليشيات الحوثية.
- قضية رواتب المعلمين النازحين ما هو الجديد حولها؟
هناك مساعي من قبل الوزارة في الفترة الأخيرة لحسم هذه القضية وإنهاء معاناة المعلمين النازحين بإطلاق مرتباتهم وتسوية أوضاعهم أسوة بزملائهم، لكن العائق من وجهة نظر المالية هو الاعتماد المالي كون الاسماء المرفوعة من المستحقين أعداد كبيرة والبعض منهم لم يعودوا نازحين أو غير نازحين والسبب في ذلك هو ما حصل في الدفع السابقة التي حدث فيها تلاعب واستغلال.
وفعلا كان هناك فساد وتلاعب حدث عبر السماسرة من الوزارات الثلاث التربية والخدمة والمالية، وتم إيقاف ذلك من قبل رئاسة الوزراء ووضعت معاير ومعالجات لضبط التلاعب بهذا الملف الإنساني ويكون عبر السلطات المحلية.
- ما هي الحلول المقترحة من قبلك كنقابة لهذه المشكلة؟
نرى ضرورة مراجعة السلبيات التي حدثت في الفترة الماضية وتقييمها والعمل على معالجتها وحل اسباب المشكلة من جذورها والتعاون مع النقابة في وضع وتبني المعالجات والمقترحات التي تقدمت بها النقابة والتعامل معها بإيجابية، وحسن النوايا في العمل على منح الحقوق وصرف المستحقات وإعطاء كل ذي حق حقه.
- كيف يقضي المدرس يومه الدراسي من حيث حريته في إيصال رسالته دون ضغوط وكذلك وضعه المعيشي؟
المدرس الذي يعمل في المناطق الواقعة تحت الحكومة الشرعية يقضي يومه تحت ضغط الاحتياجات المعيشية اليومية ومتطلبات الحياة، فالراتب الشهري زهيد لم يطرأ عليه أي تحسينات (الزيادات، بدل غلاء المعيشة، والعلاوات) منذ سنة 2014.
أما المدرس في المناطق التي تحت نفوذ المليشيات الحوثية فلا وجه للمقارنة على الإطلاق فالمدرس هناك في حالة مزرية جدا، وسيئة للغاية وما يتحصل عليه أو يعطى له من فتات لا يكاد يذكر فهو محروم من أبسط الحقوق والاحتياجات الضرورية
ففي مناطق سيطرة ميلشيات الحوثي الراتب مقطوع منذ العام ٢٠١٦، والحرية منعدمة، والاحترام وتقدير المدرس أصبح من الممارسات التي عفا عليها الزمن في حكم المليشيات فالمعلم يضرب ويهان من قبل الطالب لأنه ابن قيادي حوثي أو مقاتل في الجبهات،
بل يقضي يومه تحت الاستبداد السياسي والتسلط الطائفي والنفوذ المليشاوي والعنجهية والهمجية والقهر والخوف والرعب والإرهاب الفكري والمذهبي، فأي مدرس يفكر أن يعترض (مجرد تفكير) أو ينتقد تصرفات وسلوكيات المليشيات أو يحاول يحافظ على نفسه للتدجين، وعدم السير مع الموجة فإنه يعرض نفسه لكثير من المتاعب وقد تصل إلى القتل والاختطاف والإخفاء القسري ويتعرض لأشد أنواع التعذيب النفسي والجسدي.
- كيف هي حالة المختطفين من المعلمين؟
حالة المختطفين من المعلمين كحالة المواطنين المختطفين إلا أن المعلمين يتعرضون عمداً لتعذيب أكبر كونهم في نظر المليشيات يمثلون العائق الأكبر أمام المشروع الطائفي، ويقف في طريقهم عقبة ولهذا السبب يتم التنكيل بهم وتعذيبهم بشتى الوسائل والأساليب.
- هل تتواصلون مع وفد الشرعية المفاوض لمتابعة أوضاع المختطفين من المعلمين؟
التواصل يتم عبر فرق الرصد والتوثيق المهتمة بالملف الانساني والمعنية المختطفين، المنظمة اليمنية للأسرى والمختطفين فهي حلقة الوصل، وأيضا نحن ننقل المعاناة والانتهاكات والممارسات التي يتعرضون لها ومن خلال البيانات التي تصدرها النقابة، والبلاغات الصحفية، والمقابلات، والحوارات.
- ماذا فعلت النقابة للمعلمين والتربويين المختطفين؟
تقف النقابة مع المختطفين في حدود الامكانيات المتاحة وتسعى لبذل المزيد من الجهود في هذا الملف ولا ننكر طبعاً ان هناك قصور في بعض الجوانب وإن شاء الله يتم معالجة هذا القصور والعمل بصورة أفضل.
- هل تتواصلون مع الجهات المختصة للتخفيف من معاناة المدرسين في مناطق الحوثي وكيف تساندوهم لإبقاء العملية التعليمية وسط التجريف؟
نعم نتواصل مع الجهات المعنية ونطالب الدولة بصرف الرواتب والتخفيف من المعاناة من خلال الحافز الذي يقدم عبر اليونيسف مع تحفظنا وانتقادنا لألية الصرف والتلاعب فيها من قبل المليشيات وحرمان بعض المستحقين منها، واتفقنا مع الجانب الحكومي على صرف الرواتب، وبُذلت جهود حكومية لإيجاد مصادر التمويل من بعض الدول والمانحين.
لكن المليشيات تعمل على افشال تلك المساعي وتضع العراقيل وتقف أمام الحلول المقدمة بهذا الشأن من قبل المهتمين من الاتحادات والنقابات سواء على المستوى المحلي أو الدولي لصرف المرتبات ونقل المظلومية التي لحقت بهم وعرضها على الرأي العام المحلي والدولي. ونحمل مليشيا الحوثي المسؤولية عن الوضع السيء الذي وصل إليه حال المعلم كونهم سلطة أمر واقع ملزمة وواجب عليها صرف المرتبات.