لم يكن محمد قحطان رقما ثانويا، كما أن الإصلاح الذي ينتمي إليه قحطان كان في ذؤابة الفعل السياسي.
و كلاهما كان يقص رؤياه، و أحلامه عن تحول سياسي واضح المعالم رسمته نتائج مؤتمر الحوار الوطني.. و كانت الأحلام أحلام وطن.
لم يكن أحد يتصور حجم الحقد تجاه من يقص رؤياه، و يتحدث عن أحلامه، و إلا لقيل للإصلاح أو لقحطان أو لكليهما، لا تقصصوا رؤياكم، و لا تتحدثوا بصوت مسموع عن أحلام الوطن، فهناك من يتربص باليمن، و يكيد مكرا و كيدا.
تحرك أعداء الشعب اليمني، و أعداء الديمقراطية، و اعداء معالم التحول السياسي الذي رسمته نتائج الحوار الوطني، فأحلام الشعوب؛ لا تَرُقْ لهم ، فحركوا أدواتهم، لانقلاب 21 سبتمبر المشؤوم.
برز يومها محمد قحطان يقص رؤياه بصوت عال رافضا للانقلاب، فتهامس مرتَهَنو الملالي مع أرباب نعمهم في كيفية إسكات هذا الصوت، و راحوا يشْكُون،و يقولون : لَقحطان و أبيه أحب إلى الشعب منا، فيأتيهم الرد ، أسكتوا قحطان، أو اطرحوه أرضا، تخل لكم الساحةو السياسة، و يتاح لكم الانتشار و الحضور .
أشقاهم قال لا سبيل إلى إسكاته إلا أن تلقوه في غيابت الجب البعيد الذي لا يأتيه أحد، و لا تمر عليه سيارة، و لا تصل إليه مواقف حقوقية.
لم تاكله الذئاب، و لا جاءت على قميصه بدم كذب، مع أنها تتنفس الكذب أكثر من زفيرها و الشهيق، و لكنها ضربت على جُبِّهِ بحصار خانق، لا يمر عليه طائر، و لا يصل إليه أو منه أثير..!!
و جاءت سيارة فأرسلوا مبعوثهم .. مرّ ( المبعوث) قريبا من الجب، مرارا و تكرارا لكنه كان يغض طرفه عن أن يتأمل في قعره، و لا أدلى بدلوه، بل كان من المتواطئين.
فوق أن طغاة السلالة يكيدون كيدا، فهم يتلهفون لثمن باهظ ، و يرجون به ابتزازا وحشيا أخس، دونه وسيلة و مكر امرأة العزيز . و أبوه ينتظر أنه يجد ريحه كل حين.
أما قحطان فهيهات أن تراوده وسائلهم للتزحزح قيد أنملة عن موقف اتخذه، أو مبدأ اعتنقه، فضلا عن أنه لا يقر ، أو يعترف بسيدهم لدى الباب.
دخل معه السجن فِتْيان؛ مثله أتت بهم ذئاب الاختطاف، و فخاخ الأنذال. مع أن هؤلاءالفتية، ما كانوا ممن يعصرون خمرا، و لا يمنعون خبزا، لكنها عماهة المزاعم التي راكمتها سنون الخرافات الكهنوتية التي عاشت في السراديب أو نشأت في الكهوف، فتتخذ مع كل من حولها عداء سافرا، و نظرة دونية مفرطة.
أطلق سراح كثير من الفتية الأبطال، و حيل بين قحطان و حريته.
مصيبة الحوثي أن عكفته ليس من بينهم رجل رشيد، على خلاف حاشية فرعون فقد كان فيهم مؤمن رشيد..!!
استيقظ ضمير امرأة العزيز من غيه ؛ فراحت تعلن بشجاعة أن قد حصحص الحق، و ما تبرؤ نفسها الأمّارة بالسوء..!! و لم تستيقظ ضمائر حراس الجب ! شأنهم في ذلك شأن نسوة المدينة، فقد تَنَكّرن و قلن: ما علمنا عليه من سوء..؛ و عنهنّ وَرِث الحوثي و عكفته خلق الجحود و التنكر و الكذب..!!
يخشى الحوثي إن خرج محمد قحطان من سجنه ان يكون على خزائن التأثير و النفوذ.
إن أحدا لا يخشى التفنيد و اللوم، من الجموع التي تقول أنها تجد ريح قحطان، بل تنتظر هذه الريح أن يتبعها قول يصل إلى مسامع الناس فيذهب الصَّمَم ، و ثوبا يُلقى على الوطن فيرتد بصيرا.
و مع هذه الريح التي هي مقدمة للعودة، سيبصر الوطن و سينتصر، و سنسمع قحطان يردد؛ هذا مصداق رؤياي و حلمي قد جعلهما ربي حقا.
أما الخرافة فستعود إلى السرداب من جديد؛ لأنها فرية لا تعيش إلا في الظلمة أو السرداب.
أحمد عبد الملك المقرمي