لمدينة عدن خصوصية رمضانية لا تضاهيها أي مدينةٍ يمنية أخرى في العادات التي تأصلت لدى سكان المدينة وأصبحت جزءًا لا يتجزأ من عادات شهر رمضان المبارك .
ففي هذه المدينة التي اتسمت بانها مدينة السلام والتسامح والتعايش ما يزال المجتمع العدني حتى اليوم محافظًا على كثير من طقوسه الثقافية والتراثية الخاصة بشهر رمضان الفضيل .
احتفالات وفوانيس
وتبدأ ممارسة الطقوس الرمضانية في مدينة عدن منذ أواخر شهر شعبان، حيث تباشر الأسر العدنية في استقبال شهر الصيام بالاحتفالات والزينة والفوانيس التي تعلق في حارات ومنازل المدينة اضافة الى الاستعداد للتسوق بُغية توفير متطلبات "السفرة العدنية الرمضانية" .
وبحكم التنوع السكاني لمدينة عدن وتعدد المراحل التاريخية التي عاشتها منذ عقود طويلة على الصعيد الديني والثقافي والعرقي فقد ترك ذلك بصمة إيجابية لا تزال تتجدد وتُمارس كطابع فريد من نوعه طوال العام وفي رمضان تحديدًا.
طقوس وعادات
يقول المواطن الحاج " فضل مسعود " ان بعض الطقوس الرمضانية من الموروث الأصيل لا تزال حاضرة في العاصمة المؤقتة عدن حيث يحرص العدنيون مع قدوم شهر رمضان المبارك في كل عام على تزيين منازلهم وشوارعهم بالفوانيس والتي تعد من أشهر عاداتهم وتقاليدهم واحدى مظاهر الاحتفال بشهر رمضان الكريم في المدينة .
ويضيف " فضل " وهو احد سكان مديرية كريتر في تصريح خاص لـ " الصحوة نت " ان العديد من الفوانيس الرمضانية تعلق على واجهات المحلات التجارية والفنادق وشوارع المدينة لتزيينها وانارتها لتشكل صورة من صور الابتهاج بشهر رمضان الفضيل .
ويشير فضل الى وجود عادات وتقاليد اخرى تزخر بها شوارع المدينة من أقصاها إلى أدناها ولا يزال الجزء الأعظم من ابناء المدينة يُعمل بها حتى اليوم كالاحتفالات التي ينظمها الاهالي مع بداية الشهر في كل عام .
وجبات متنوعة
ويؤكد ان اسواق المدينة تشهد خلال ايام رمضان قبل وقت العصر ازدحاما للمواطنين لشراء اللحوح التي تعد بها وجبة "الشفوت" الرئيسية على الإفطار اضافة الى بعض العناصر الرئيسية للسفرة الرمضانية العدنية كالسمبوسة والباجية و"المدربش".
وأوضح فضل ان الوجبات الهندية تكثر خلال شهر رمضان في سفرة الإفطار العدنية بما فيها الحلويات التي تُحضَّر بشكل مستمر في رمضان خاصة في بعض المناطق، مثل: صيرة، كريتر (عدن القديمة)، التواهي، المعلا.
تأبى الاندثار
وتقول المواطنة " أم علي " إن لشهر رمضان في عدن روحانية مختلفة عن كل أشهر السنة وطقوس خاصة به توارثتها الأجيال وحفظها الأحفاد عن الأجداد رفضت الاندثار وتمسكت بعفويتها وبساطتها واستمرت حتى اليوم.
وتضيف " أم علي " وهي ربة منزل بمديرية كريتر في تصريح خاص لـ " الصحوة نت " ان من ضمن العادات والتقاليد التي لازالت متواجدة في عدن هي مد السُفر، ولمَّة العوائل" والتي يتم خلالها تبادل الأهالي وخصوصًا النساء بعض النقاشات حول طرق طبخ بعض المأكولات الجديدة والمبتكرة بالإضافة إلى تبادل أطباق الفطور بين الجيران.
وتشير الى ان احدى العادات والتقاليد تتجسد في مشهد جميل نراه في الايام الاخيرة من شهر شعبان ويتمثل في طواف الأطفال أزقة وأحياء عدن وبين أيديهم فوانيس رمضانية وعلبٌ معدنية محكمة الإغلاق تحوي أحجارا صغيرة وحصوات وتصدر أصواتا بمجرد هزِّها قد تكون مزعجة لكنها مبهجة ومفرحة لهؤلاء الصغار ولكل من في الحي وعند سماع هذه الأصوات فقط يدرك الجميع أن رمضان على الأبواب.
تعزيز التسامح
وتؤكد " أم علي " انه ورغم تعقيدات الظرف الاقتصادي الراهن الذي تعيشه البلاد الا ان عاده وتقليد اخر نراه خلال شهر رمضان يتمثل بخروج كثير من شباب عدن قبيل موعد أذان المغرب إلى الطرقات وجولات المدينة لتوزيع التمر والماء على المارَّة كخطوة تطوعية لتعزيز ثقافة السلام والتسامح.
وتوضح " أم علي " ان السمر الرمضاني يعتبر ايضا أحد الطقوس التي تأبى الاندثار ولم يتنازل عنها العدنيين فبعد صلاة التراويح تعود العائلات إلى المنازل، وتكون عندها بين أمرين، إما أن تقضي ليلتها في متابعة المسلسلات والبرامج الرمضانية، وإما في الأسواق الشعبية والتاريخية، تمهيداً لتوفير حاجيات العيد.