غضب شعبي رافض لسطوة مليشيا الحوثي الجاثمة على محافظة إب

غضب شعبي رافض لسطوة مليشيا الحوثي الجاثمة على محافظة إب

في "إب" المدينة اليمنية الخضراء، تفجرت شرارة الغضب الفردى والجماعي للسكان في المحافظة التي تتعرض لانتهاكات وجرائم ممنهجة من قبل ميلشيات الحوثي للعام التاسع على التوالي، لترتفع أصوات الرفض المجتمعي للمليشيا بشكل علني خلال الأشهر الماضية، في مقاومة ذاتية يندفع إليها شباب وأبناء المحافظة، للتعبير عن غضبهم مما تمارسه المليشيا منذ سيطرتها المسلحة على إب منتصف أكتوبر 2014م.

 

ويمثل مطلع شهر رمضان الجاري، واحدة من أهم اللحظات التي تعبر عن الرفض الشعبي للمليشيا، في محافظة إب، وبينما كانت مليشيا الحوثي تواصل حربها على اليمنيين في مناطق سيطرتها والمحافظات المحررة، وتغير المناهج الدراسية، والمؤسسات والقوانين وتبني نقاط قوتها الخاصة، جاءها رد شعبي حاسم من جهة لم تكن تتوقعها على الأقل في الوقت القريب.

 

عصر الخميس، الـ 23 من مارس الماضي والأول من رمضان الجاري، شهدت مدينة إب واحدة من أكبر الجنائز الشعبية التي تحولت إلى تظاهرة شعبية غاضبة ضد مليشيا الحوثي، حيث ردد المشيعون هتافات مناوئة للمليشيا ومطالبة برحيلها، من بينها "لا إله الله والحوثي عدو الله" و "ارحل ارحل يا حوثي"، وغيرها من الهتافات المعبرة عن غضبهم المحتقن في الصدور منذ سنوات.

 

وعلى وقع الغضب والرفض الشعبي في جنازة الشاب "المكحل" والتي مثلت استفتاء شعبي على عدم وجود أي قبول أو حاضنة للمليشيا في محافظة إب وبقية المناطق الخاضعة لسيطرتها بقوة السلاح، لجأت المليشيا عقب الجنازة لممارسة الجرائم والإنتهاكات كعادتها بهدف ترويع شباب وأبناء إب، بعد أن كسروا حاجز الخوف والإرهاب الذي فرض لسنوات عليهم.

 

وخلال الأيام الماضية، ارتكبت مليشيا الحوثي عشرات الجرائم والإنتهاكات التي طالت شباب المدينة القديمة وبقية مديريات محافظة إب، حيث اقتحمت عشرات المنازل وخطفت أكثر العشرات أيضا من شباب المدينة القديمة، ونشرت عشرات الأطقم والمسلحين في مختلف الأحياء السكنية بمدينة إب، ضمن محاولات المليشيا استعادة الهيبة التي حاولت صناعتها بقوة السلاح منذ احتلت محافظة إب، وظنت أن انتهاكاتها ستجبر شباب وأبناء إب على السكوت، والتي باءت بالفشل عند أول اختبار حقيقي لها.

 

انتفاضة شباب وأبناء إب، مطلع رمضان الجاري في جنازة الشاب "حمدي المكحل" رسمت مشهدا جديدا ما كان لقيادات المليشيا أن تتخيله، إذ أن جيلا شبابيا جديدا يتشكل على غير التوقعات يرفض سطوة المليشيا وطغيانها الجاثم على المحافظة منذ تسع سنوات سوداوية حولت حياة المواطنين خلالها إلى جحيم.

 

وخلال التظاهرات التي رافقت جنازة المكحل، أدركت المليشيا عمق الرفض الشعبي لها وعرف اليمنيون وكل العالم مدى الرفض الشعبي الغير مسبوق للمليشيا، وبعث الشباب الغاضبون رسالة من خلال تظاهراتهم تؤكد نفاد صبرهم وبدء مرحلة من الغضب المتفجر في وجه المليشيا والذي سيكون يوما ما ثورة في وجه المليشيا تجرف مشاريعها الطائفية والتدميرية  من اليمن وإلى مزبلة التاريخ.

 

في الـ 19 من مارس الماضي، أقدمت مليشيا الحوثي على تصفية الشاب حمدي عبدالرزاق قاسم الخولاني، وهو شاب من الذين يعملون على دراجات نارية، ينحدر من إب القديمة، ويعول طفلين، بصعوبة بالغة، نتيجة الأوضاع الاقتصادية المتدهورة بفعل إنقلاب مليشيا الحوثي.

 

الشاب حمدي عبد الرزاق، المعروف يبلغ من العمر 33 سنة، وله اسم شهير عرف به أكثر من اسمه وهو "المكحل" حيث كان يضع مادة الكحل في عينيه بشكل دائم.

 

كيف اشتهر "المكحل" ولماذا غضب الناس لمقتله؟

 

المكحل شاب يمني يعيش في محافظة تحت احتلال المليشيا، منذ ثمان سنوات، وهو من الجيل الشاب، الذي يرى الحياة مسدودة أمامه. في قناته على يوتيوب باسم "أجياد الأمير" حاجج المكحل مليشيا الحوثي بلغة بسيطة ومباشرة، ورد على ادعاءات المليشيا الدينية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، أكد من خلالها محاربة المليشيا للشعب في كل شؤون حياته، وممارسة سياسة التجويع والافقار والإذلال، وصولا إلى ممارساتها الطائفية والتي تحارب من خلالها معتقدات اليمنيين وأبناء المحافظة بدرجة رئيسية.

 

التقط شباب محافظة إب من الإعلاميين الجدد الذين لا يعملون في وسائل الإعلام وإنما في وسائل التواصل الاجتماعي، ونشروا فيديوهات المكحل خلال الأشهر القليلة الماضية، وطريقته في مواجهة المليشيا التي شملت التحدي الفردي والتعهد من قبله بالمواجهة المسلحة الفردية، وفي ذات الشهر تصدي المكحل لحملة حوثية ضده من عدة أطقم.

 

وحين خطفت المليشيا الشاب المكحل مرة أخرى، قال الناشط الاعلامي إبراهيم عسقين "حين اختطفت ميلشيات الحوثي في مارس الماضي عمدت محاولة تصفيته، ومن ثم خططت لنشر معلومات زائفة عن طريقة قتله مثل الادعاء بالانتحار، والهرب من السجن".

 

وأضاف في حديث لـ "الصحوة نت"، "إن مليشيا الحوثي نقلت جثته بعد قتله إلى ثلاجة مستشفى جبلة البعيدة عن المدينة ضمن مخطط للتخلص من جثته وقتله بعيدا عن وسائل الإعلام، لكن خطتهم فشلت بعد تداول خبر مقتله بوسائل الاعلام".

 

ومع الحملة الإعلامية على وسائل التواصل الاجتماعي، ورفض كثير من رفاق المكحل وجيله والجيل الأصغر سنا، دفنه بدون جنازة، ولم يكن ذلك الرفض الوحيد فقط، بل استطاعوا تحويل جنازته للتعبير عن غضبهم ضد الميلشيات، بعد سنوات من القمع والاحتقان الشعبي ضد سلسلة من الممارسات وأوضاع سيئة.

 

احتشد الآلاف بما فيهم النساء عصرا، وتحت التهديدات الحوثية وانتشارها المسلح، هتفوا لا إله إلا الله، الحوثي عدو الله وهو شعار ديني واضح يكشف عن جيل جديد يشخص المعركة بدقة ضد مليشيا الحوثي بأفكار مضادة تماما لأفكار الحوثي الإرهابية والمتخلفة.

 

في الطريق إلى المقبرة أحرق الشباب شعارات مليشيا الحوثي، وهتفوا ارحل يا حوثي، إيذانا ببدء الجيل الجديد من الشباب والمراهقين في مناطق سيطرة المليشيا الحوثية تدشين خطوة جديدة في مواجهة الحوثي، لكنها بمسار مختلف عن معارك المليشيا والحكومة الشرعية.

 

الرفض الفردي ضد المليشيات

 

يقول الباحث مصطفى الجبزي "أن محافظة إب تتحمل ضغطا مزدوجا؛ بطش الحوثيون فيها وباعتبارها أخصب مرتع "شافعي" وضغط من غير الحوثيين يطالبونها بالانتفاضة ورفض الإذلال".

 

وأضاف في حديث لـ"الصحوة نت"، "هناك نشاط إعلامي ملحوظ يكشف ويعري انتهاكات الحوثيين ويلفت الأنظار اليها، وفي مدينة إب شجعان كثر لكنهم معزولون وبلا سند، الا ان حادثة المكحل تجسد الشجاعة الفردية والإحساس العام برفض سلوكيات الحوثيين".

 

وعن مستقبل الرفض الفردي المتزايد ضد الحوثي أشار الجبزي "أن الرفض ككرة الثلج، ومقتل المكحل سيولد مزيدا من الإقدام رغم البطش والتنكيل مقابل ارتباك الحوثي إزاء مقتل المكحل. لأن غطاء شرعيتهم ينقشع أكثر فأكثر".

 

من جانبه  الكاتب محمود ياسين علق على جريمة تصفية المكحل وردة الفعل الشعبية "خنقوك وحيدا يا مكحل، بلا حزب ولا قبيلة، استسهلوا خنقك لحظة نزق وانفعال أمني، حول المؤسسة من وظيفة ضبط وحماية لفرع اغتيال تابع لمنظمة تعتمد الجريمة سياسة".

 

وأضاف - في منشور على فيسبوك - "سيكولوجيا إدارة التوحش، إنها المنهج الآن، وأنا على يقين أن لعنة الدم سترتد على وجه صاحبها، وأن روع البشر الخائفين العزل سيسكن روع المجرمين ويحيل مذاق الحياة في أفواههم لطعم الرماد".

القائمة البريدية

أشترك معنا في القائمة البريدية لتصلك كل الاخبار التي تنشرها الصحوة نت

تواصل معنا

الجمهورية اليمنية

info@alsahwa-yemen.net

الصحوة نت © 2023 م

الى الأعلى