ظلت مأرب وحتى وقت قريب، محرومة من أبسط مقومات التنمية، لتتشكل وسط رمال صحرائها ملامح جزيرة من الأمن والاستقرار، لتغدوا اليوم، عاصمة اليمن القديم، حاضرة للدولة ومركزا للمقاومة والقوات المسلحة، ومؤخرا أضحت المحافظة المكان لأنسب لإقامة معسكرات المنتخبات الوطنية.
إذ استضافت مأرب منتصف عام 2022م، معسكر المنتخب الوطني لكرة القدم، الذي حقق مشاركة قوية في بطولة غرب آسيا في سبتمبر الماضي.
حراك مستمر
وتتويجا للحراك الرياضي في المحافظة، تستضيف مأرب حاليا معسكر المنتخب اليمني الأولمبي، تحت سن 23 عامًا، الذي يستعد للمشاركة في بطولة غرب آسيا، المقرر إقامتها في جهورية العراق في يونيو القادم.
وبدأ المنتخب منذ الخميس الماضي (16 مارس) برنامجه الإعدادي على ملعب مأرب الأولمبي، وتحت إشراف الكابتن محمد الزريقي، مساعد المدرب التشيكي للمنتخب الوطني ميروسلاف سكوب، وعلى نفقة السلطة المحلية.
نجاح ماربي
وعن بدأ المنتخب الأولمبي معسكره بمأرب، قال الكابتن الزريقي: إن "كل الظروف جيده في مدينة مارب من حيث السكن والملعب والاهتمام من الأخوة في السلطة المحلية بمحافظة مارب".
وأضاف في تصريح خاص لـ"الصحوة نت" نعمل على تنفيذ برنامج المدرب، والجميع متحمس من أجل التمثيل الجيد في بطولة غرب آسيا القادمة".
وعن سبب اختيار مدينة مأرب لتنفيذ المعسكر، قال الكابتن الزريقي: "تم اختيار مدينة مأرب من قبل الاتحاد العام لكرة القدم بعد نجاحها في استضافة معسكر المنتخب الوطني للشباب، ولما تتمتع به مارب من بيئة مناسبة وملعب جيد وحب من قبل القائمين على مكتب الشباب والرياضة وكذلك متابعة قيادة السلطة المحلية".
نقاط مضيئة
واعتبر الكابتن محمد الزريقي، بناء ملعب مارب الدولي نقطة مضيئة في سنوات الحرب المظلمة، وقال لـ"الصحوة نت"، إنه "رغم ما مرت به اليمن من أحداث صعبه أثرت على كرة القدم خلال السنوات الماضية لكن هناك نقاط مضيئة في كرة القدم من خلال بناء الملاعب في عدد من المحافظات ومنها ملعب مأرب الدولي".
وعبّر عن أمنيته في أن "يستفيد الأخوة القائمين على كرة القدم في مارب أن يعملوا على تطوير الأندية، وإنشاء مدارس كرويه، والاستفادة من الكتلة السكانية المتنوعة والتي بالإمكان أن تسهم في نقل الرياضة وكرة القدم إلى منطقه متقدمة تستحقها مدينة مأرب التاريخية".
رعاية رسمية للرياضة
وخلال السنوات الأخيرة، أولت السلطة المحلية بمارب قطاع الرياضة اهتماماً ملحوظاً سواء في جانب البنية التحتية التي كانت منعدمة أو بإقامة الفعاليات والأنشطة الرياضية المختلفة، وصولاً إلى استضافة الفعاليات الرياضية الوطنية بعد أن وفّرت البيئة الآمنة والمشجّعة لإقامتها بسلاسة.
ويأتي هذا ضمن النشاط التنموي والثقافي والفكري الذي تشهده مارب بشكل غير مسبوق في تاريخها، ورغم شراسة الحرب التي تشنّها مليشيا الحوثي الإرهابية على المحافظة بدعم إيران منذ انقلابها على الشرعية أواخر 2014، وتزايدت منذ العام 2020.
واعتبر مدير عام مكتب الشباب والرياضة بمحافظة مارب علي حشوان، "إنشاء ملعب مأرب الدولي وافتتاحه تحوّلاً في مجال الرياضة بمأرب، إضافة إلى دوره في تنشيط الرياضة الداخلية، جعل المحافظة قادرة على استضافة المنتخبات الوطنية".
وأضاف لـ"الصحوة نت": "بفضل الله وجهود السلطة المحلية أصبحت مأرب حاضنة لكل الشباب والرياضيين من عموم المحافظات اليمنية، وقد استقبلنا العديد من البعثات الرياضية سواء على مستوى الأندية أو المنتخبات بجميع فئاتها العمرية".
وعن الأعراس الكروية التي استضافتها مارب في 2022، أشار حشوان إلى "معسكر المنتخب الوطني للشباب، وتجمع المجموعة الرابعة لدوري الدرجة الثانية، ومن ثم التصفيات النهائية لأبطال المجموعات لتحديد بطل دوري الدرجة الثانية".
وعن الخطط المستقبلية لتعزيز الحراك الرياضي بمأرب، قال حشوان، "لدينا خطة عمل وبرنامج شامل لكل الألعاب والبرامج الرياضية والشبابية". مشيراً إلى أن مكتبه يسعى لتطوير هذه البرامج "مع الأندية والاتحادات وكذا الجهات المختصة بالشأن الشبابي لتفعيل الحركة الرياضية والشبابية داخل المحافظة بشكل أكبر وأوسع".
نقلة نوعية
الصحفي المتخصص في المجال الرياضي صدام المداني، أكد بدوره "أن مأرب شهدت في الآونة الأخيرة حراكا ًكبيراً في كافة المجالات وفي مقدمتها الحراك الرياضي والثقافي".
وأشار المداني في تصريح خاص لـ"الصحوة نت" إلى الدور الذي "يقدّمه ملعب مارب باستضافته للعديد من المنافسات الرياضية وغيرها من الاحتفالات، ومن أهمها استضافة "معسكر المنتخب الوطني للشباب منتصف العام الماضي، وتجمع المجموعة الرابعة لدوري الدرجة الثانية، والتصفيات النهائية بين أبطال التجمعات لتحديد بطل دوري الثانية نهاية العام الماضي".
وأضاف: "ها هي مارب اليوم تحتضن معسكر منتخبنا الوطني الأولمبي لأول مرة في تاريخ المحافظة، وتشهد إقامة المعسكرات الإعدادية لمنتخباتنا الوطنية بمختلف فئاته العمرية".
خلفية
بدأت الرياضة في مأرب على ملاعب ترابية، وعلى شكل فِرق رياضية مدرسية غير رسمية، قبل أن تتحول مؤخرا إلى أندية وتشكيلات فِرق رسمية.
فبعد أن كان في مأرب نادٍ واحد قبل الحرب في مديرية حريب، اليوم فيها أكثر من 14 ناديا، منها اثنان معترفٌ بهما من قِبل وزارة الشباب والرياضة عام 2022، بحسب مكتب الشباب والرياضة في المحافظة، الذي يؤدي دورا إشرافيا على الأنشطة والمنشآت الرياضية.