مع اقتراب رمضان.. الموظفون الحكوميون يعيشون فقراً أشد وطأة بجوار أثرياء الحوثي

مع اقتراب رمضان.. الموظفون الحكوميون يعيشون فقراً أشد وطأة بجوار أثرياء الحوثي

مع اقتراب شهر رمضان، تزداد معاناة اليمنيين والشعور بالحرمان من أبسط مقومات الحياة، مع توسع دائرة الفقر والتي شملت غالبية الموظفين الحكوميين في مناطق سيطرة ميلشيات الحوثي، في الوقت الذي تنتشر مظاهر الثراء في أوساط القيادات الحوثية والعاملين معهم.

 

في وقت مبكر من الصباح يبدأ "فؤاد" يومه في العاصمة صنعاء، للعمل في سوق الخضرة، وهو العمل الجديد الذي اضطر إليه بعد انقطاع راتبه الحكومي، حيث عمل منذ نحو عقدين في التربية والتعليم، وقال: "إنهم ينهبوا حقنا ويعتقدون أننا أغبياء ونصدق المبررات حيث نعيش في أوساطهم ونرى كيف تصرف الأموال".

 

لم يكن يتوقع التربوي الأربعيني، أن يعيش وضعاً إنسانياً يحتاج فيه لأبسط مقومات الحياة، ويعمل طوال النهار في سوق الخضرة، وقال لـ"الصحوة نت"، "لم يترك الحوثيون حياتنا نتصرف فيها، ورغم انهم نهبوا رواتبنا الا انهم لا يتوقفون عن التهديد بفصلنا من الوظيفة، ليس ذلك فحسب بل ندفع لهم إتاوات يومية في سوق الخضرة ويلاحقوننا حتى في بؤسنا".

 

وأضاف: "يكذبون علينا منذ سنوات انهم لا يستطيعون صرف الرواتب، بينما نرى الفلل والعقارات يتم شراءها من قبل قيادات الحوثيين في كل الاحياء والشوارع، ونرى السيارات الحديثة التي يمتلكها قيادات ومشرفين عاديين، احدهم في الحارة كان مسجون بسرقة الان يعيش حياة فارهة لان مهمته استقطاب مقاتلين للحوثيين".

 

وخلال السنوات الماضية برزت مصادر ثراء ميلشيات الحوثي بشكل لافت للمواطنين في مناطق سيطرتهم، من خلال المزايدة في أسعار العقارات والآراضي والتي بلغت أسعارها ارقام قياسية في بلاد تشهد حربا للعام التاسع على التوالي، في عملية نهب منظمة لأموال اليمنيين.

 

رمضان وحكايات المعاناة

ومع اقتراب قدوم الشهر الفضيل يعيش الموظفون الحكوميون في وضع معيشي سيئ، مع انقطاع رواتبهم للعام السابع على التوالي، في الوقت يرفض الحوثيون تسليم رواتبهم من إيرادات المؤسسات الحكومية الهائلة التي يحصلون عليها، ويعد هذا العام هو الأسوء في التدهور المعيشي لليمنين بعد ارتفاع الأسعار بنسب مضاعفة منذ مطلع العام الماضي.

 

"روعة الصلاحي" – موظفة في احدى المؤسسات الحكومية – تقول "كان قدوم رمضان مصدر فرحة تستقبل بترحاب كبير، لكن الان نخاف كثيراً بسبب صعوبة الحياة وغلاء الاسعار وعدم القدرة على توفير متطلباته الأساسية، وهذا العام ربما يعد الأسوء".

 

وقالت في حديث لـ"الصحوة نت"، "بالكاد نستطيع اشباع جوع اسرتنا، لأن الحالة المادية صعبة جدا وما نرجوه هو أن يمر هذا الشهر على خير، نعيش على حافة الانهيار، لا رواتب ولا أعمال أو مصادر دخل، والحوثيون يواصلون وعودهم الكاذبة انهم سيدفعون الرواتب".

 

وأضافت: "اقترب رمضان ولا نستطيع شراء ما كنا نستطيع شراؤه العام الماضي وكل عام يأتي اسوء من العام الذي قبله بسبب الخراب الحوثي الذي دمر كل شيء في البلاد، بينما قادتهم غارقون في النعيم وصاروا يتطاولون في البنيان من رواتبنا التي نهبوها منذ سنوات".

 

من جانبه يقول "نجيب الكوماني" – ناشط مجتمعي – "الفقر طحن البيوت، لم يعد هناك في اليمن طبقة وسطى هناك فقط أثرياء وفقراء، وقدرة الناس الشرائية تتدهور، هناك عائلات كانت حالتهم المعيشة أفضل خلال العامين الماضيين، لكن الان أصبحوا معدمين لا يجدون ما يأكلون".

 

وقال في حديث لـ"الصحوة نت"، "اتساع رقعة المجاعة والحاجة المعيشية لدى الكثير من اليمنيين، يأتي بعد نفاذ مصادر الدخل الثانوية التي يعتمد عليها قطاع عريض من المواطنين والموظفين الذين انقطعت رواتبهم، ما ينذر بحدوث كارثة إنسانية مع دخول الحرب عامها التاسع على التوالي".

 

ويعيش أكثر من مليون موظف حكومي مدني بدون راتب منذ سبع سنوات، ما خلق ازمة إنسانية تعد "الأسوء في العالم" وفق وصف الأمم المتحدة، حيث يحتاج ثلثي السكان نحو21,4 مليون شخص، إلى مساعدات إنسانية، في حين يعاني أكثر من 17.3 مليون يمني من انعدام الامن الغذائي، ويحتاج 24% من النساء والاطفال في اليمن الى علاج سوء التغذية، وفق تقارير أممية.

 

الحوثيون ونهب إيرادات هائلة

يواصل الحوثيون نهب كافة الإيرادات الحكومية في مناطق سيطرتهم وتسخيرها لصالح جبهات القتال واثراء قياداتهم، في الوقت الذي يرفضون تسليم رواتب الموظفين في المحافظات التي يسيطرون عليها، ويبتزون الحكومة الشرعية من أجل تسليم الرواتب بدلاً عنهم.

 

وكشف تقرير فريق خبراء مجلس الأمن الدولي في آخر تقرير له، أن مليشيا الحوثي الإرهابية تحصلت خلال ثمانية أشهر، أي في الفترة 1 أبريل – 30 نوفمبر 2022م على 271 مليار و935 مليون ريال يمني (الدولار 550 بمناطق سيطرة الحوثي) كرسوم ضريبية وجمركية لشحنات الوقود الواصلة إلى ميناء الحديدة.

 

ووفق التحقيقات التي أجراها الفريق الأممي، بشأن مصادر تمويل الحوثيين، استطاع من خلالها الوصول إلى: الرسوم الجمركية والضرائب الأخرى، الايرادات غير الضريبية والزكاة، مصادرة الأراضي والممتلكات الاخرى، تحصيل الاموال من عمليات السوق السوداء للوقود، الرسوم غير القانونية المتأتية من استيراد الوقود والتجارة المحلية والانشطة التجارية الاخرى، مصادرة الودائع المصرفية والتمويل من مصادر اجنبية، وتهريب المخدرات والمؤثرات العقلية وغيرها وجميعها تدر إيرادات كبيرة للحوثيين.

 

وخلال السنوات القليلة الماضية، حقق الحوثيون موارد مالية كبيرة من خلال فرض الزكاة على العديد من الأنشطة الجديدة، والتي تقدرها بمبلغ 45 مليار ريال يمني سنوياً، في يونيو/حزيران 2020، فرض الحوثيون ما أسموها ضريبة (الخُمس أو 20 في المائة) على العديد من الأنشطة الاقتصادية، وفق تقرير الخبراء الذي أشار "أن المستفيدين من الضريبة الجديدة هم عائلة الحوثي، والعديد من الموالين لها".

 

وبحسب التقرير، يشكل قطاع الاتصالات أحد أبرز الموارد الإيرادية الرئيسية بالنسبة للحوثيين، فبعد الاستيلاء على ملكية بعض شركات الاتصالات الخاصة التي تتخذ من صنعاء مقرا لها، استخدموا الايرادات المتأتية منها في جهودهم الحربية.  أصدر الحوثيون توجيهات لبعض الشركات بتخصيص وإيداع 1 في المائة من فواتير الاتصالات في حساب صندوق رعاية أسر الشهداء.

 

وقال تقرير خبراء الأمم المتحدة إن قطاع العقارات ضهو الآخر يدر عائدات كبيرة للحوثيين، حيث صادر الحوثيون بالقوة مساحات كبيرة من الأراضي والمباني، وفرضوا قيوداً على بيع وشراء ونقل وبناء الممتلكات، وصادروا 3,000 معاد (يساوي المعاد الواحد  4248 مترا مربعا) من الأراضي تقدر قيمتها بنحو 15 بليون ريال يمني في منطقة القصرة التابعة لمديرية بيت الفقيه، ومساحات شاسعة من الأراضي تقدر قيمتها بـ80 بليون ريال في مديرية التحيتا بمحافظة الحديدة، بذريعة أنها أراضي أوقاف، على الرغم من تأكيدات مواطنين محليين بملكيتها لهم.

 

رفض تسليم رواتب الموظفين

رغم تلك المبالغ الهائلة التي تحصل عليها ميلشيات الحوثي من الإيرادات ترفض تسليم رواتب الموظفين في جميع المناطق الخاضعة لسيطرتها، تخصص هذه الأموال لدعمها الحربي، ولصالح قيادات الصف الاول لديها، فيما الملايين يواجهون الموت جوعاً دون أن تكترث لهم، وتواصل ابتزاز المجتمع الدولي من أجل الضغط على الحكومة الشرعية لدفع الرواتب.

 

ووفق اتفاق ستوكهولم بين الحكومة والحوثيين في ديسمبر 2018، كان هناك بنود تخص تسليم رواتب موظفي الخدمة المدنية، من الرسوم الجمركية على استيراد النفط عبر ميناء الحديدة حيث يتم ايداعها في حساب خاص تشرف عليه الأمم المتحدة، غير أن الحوثيين تصرفوا بتلك الأموال خلال السنوات الماضية لصالحهم، دون دفع رواتب الموظفين.

 

ولا تقتصر عائدات الحوثيين، من تجارة النفط، عبر تحصيل العوائد الجمركية والضريبية، لسفن الوقود الواصلة عبر ميناء الحديدة فحسب، بل تتبقى عملية البيع والتوزيع في السوق المحلية، تُدر أرباحاً طائلة، وتتصدر هذه العملية الشركات التي أنشئت حديثاً وتتبع قيادات في جماعة الحوثي.

 

ورغم الجبايات التي يفرضها الحوثيون لكنهم لا يلتزمون بأي استحقاق أمام المواطنين على جميع المستويات، ففي الوقت الذي يفرضون جميع الاتاوات والضرائب على التجار والمحلات التجارية في المدن، الا انهم لا يلتزمون حتى بصيانة تصريف المجاري أو رفع القمامة بشكل منتظم من الاحياء.

 

لا تنعكس تلك الأموال على الأوضاع المعيشة للمواطنين، بل ان أموالهم التي يتم استنزافها من خلال أسعار الصرف الوهمية التي تفرضها الميلشيات، وتتعمد بذلك نهب أموالهم من العملات التي يحولها المغتربين لأسرهم، والتي تعد أهم المصادر لصمود الاسر المعيشي.

 

لكن أموال اليمنيين المنهوبة تظهر بشكل واضح على مظاهر الثراء لقيادات الحوثيين في الاحياء، حيث باتت صنعاء التي تعد المركز الأبرز لتواجد قيادات الحوثيين، تجمع الضدين بين فقر مدقع لا تُخطئه عين يعيشه غالبية السكان وتظهر في حياتهم اليومية، وثراء فاحش وحياة ترف وفيلات حديثة، وسيارات فارهة لتجار الحرب ونهب الأموال من الحوثيين.

 

القائمة البريدية

أشترك معنا في القائمة البريدية لتصلك كل الاخبار التي تنشرها الصحوة نت

تواصل معنا

الجمهورية اليمنية

info@alsahwa-yemen.net

الصحوة نت © 2023 م

الى الأعلى