كانت اليمن على موعد مع يوم 27 نوفمبر 2011 بتشكيل حكومة الوفاق الوطني برئاسة الأستاذ محمد سالم باسندوة، ثم مضت اليمن نحو مؤتمر الحوار الوطني فتنفست الصعداء بوضع معالم تمثلت بمخرجات الحوار الوطني، التي غدت كخارطة طريق شارك اليمنيون بمختلف أطيافهم باستخلاصها بعد حوار دام نحو عشرة أشهر.
لم تَرُق خارطة الطريق هذه للمتربصين، و لم يَرُق لهم أن تخطو اليمن خطوتها الأولى في سلم التحول التنموي و الديمقراطي، فجاءت نكبة 21سبتمبر التي انقلبت بها عصابة الحوثي على كل ما اتفق عليه اليمنيون و أُدخلت اليمن في نكبة 21سبتمبر الكارثية.
هذا ما فعلته مليشيا الحوثي و ما تفعله إلى اليوم.
لم تكتف عصابات المليشيا بالانقلاب المسلح هذا؛ و إنما راحت تبيح الأموال و الأرواح بسفك الدماء و قتل الأبرياء، و تفجير منازل المواطنين، و المدارس و المساجد. ثم راحت تختطف و تعتقل و تودع الناس السجون، بلا جناية، و لا ذنب؛ إلا نشرا للإرهاب، و بثا للرعب و الخوف.
و لم تقف عصابات مليشيا الحوثي عند هذا؛ بل عملت على تكميم الألسنة، و إغلاق الصحف و مطاردة و اعتقال الصحفيين و إيداعهم المعتقلات، و إصدار إعلانات الإعدام ضدهم مخافة أن تقوم الصحافة و الصحفيون، و المنابر الإعلامية الأخرى بأداء رسالتها تجاه الحق في التغطية الصحفية و الإعلامية، و حرية التعبير، فأغلقت القنوات الفضائية لتكميم الأفواه نهائيا، و صادرت الحريات، و حق حرية التعبير، و منعت نقل الحقائق للناس..!!
وهكذا اجتثت مليشيا الحوثي الإرهابية العمل الصحفي و الإعلامي، و لم تعد ترى صحيفة محترمة، و لا قناة فضائية، أو وسيلة إعلامية في داخل اليمن، إلا ما تتولاه المليشيا من صحف أو قنوات تقوم بدور العكفة فتصطف في طابور تمجيد العصابة المسلحة الانقلابية، و التسبيح بحمدها..!!
فهل توقفت مسيرة الانتقام الحوثية عند هذا الحد من الحرب على اليمن و اليمنيين؟ كلا.. و إنما راحت تستقطب شباب اليمن، بل و أطفاله و تسوقهم- في مناطق سيطرتها- ضمن حملاتها العسكرية العدوانية، وليس بالضرورة لتحقق موقف عسكري، و إنما لتضرب اليمنيين بعضهم ببعض، و لا يهمها مطلقا سلامة من تزج بهم إلى المعارك..!! و تأتي هذه النزعة العدوانية على طريقة ما وُصِف به طاغيتهم الأول عبدالله بن حمزة:
فلأضربنّ قبيلة بقبيلة و لأجعلن ديارهن نُواحا
لقد جعلت المليشيا الحوثية من الحرب التي أعلنتها على اليمن و اليمنيين في يوم النكبة 21سبتمبر 2014م. مشروع انتقام بلا حدود، و لا يهمها في مضمار هذه النزعة الانتقامية المتوارثة من تاريخ الإمامة البائس أن تتحالف مع أي جماعة من جماعات العنف و الإرهاب، و لم يعد أمر هذه التحالفات مع تلك الجماعات خافيا على أحد.
عرف العالم العربي انقلابات كثيرة، و كلها كانت تحاول أن تسترضي مجتمعاتها، وشعوبها، فتتملقهم بشيء من حرية ، و من محاولات لتحسين وضع أو معيشة.. الخ. إلا عصابة الحوثي الإرهابية فإن النكبة التي قامت بها جاءت بصورة حرب معلنة على اليمن و اليمنيين، تبيح فيها أنفسهم و أموالهم و عقيدتهم، وهويتهم، و ثقافتهم و فكرهم، و بكل وقاحة تريدهم القبول بالعبودية، و الاعتراف للمليشيا بمزاعم التميز و السيادة و الاستعلاء..!!
ألم يتضح- بعد هذا كله- لليمنيين أن يوحدوا صفوفهم، و أن يلموا شعثهم، و يحشدوا طاقاتهم، و يصبح شعار كلنا مقاومة هو الشعار الذي يوحد الجميع، أسوة بشعار: الجمهورية أو الموت ! الذي رفعه اليمنيون في حصار السبعين يوماً، و أسقط مشروع الإمامة و الملكيين عام 1968؟