ضربات حوثية جديدة توجهها للقطاع الخاص، والاقتصاد الوطني، منذ مطلع العام الجاري، أصابت في أيامها الأولى، قطاع النقل في الاقتصاد الوطني، بخسائر جمة، لكن تداعياتها الاقتصادية والسياسية تشمل جميع القطاعات الاقتصادية ومعيشة السكان اليمنيين.
تشير بيانات حصل عليها موقع "الصحوة نت" أن مليشيا الحوثي بدأت المحاولة الجديدة في أكتوبر الماضي، ضمن سلسلة طويلة من مساعيها الهادفة لتدمير القطاع الخاص والاقتصاد الوطني، فيما يسمى جمرك الراهدة، حيث أجبرت عشرات من ناقلي البضائع على توقيع تعهدات بعدم الاستيراد مجددا من الموانئ المحررة، أو نقل البضائع بين فروع الشركات والمخازن بين المناطق المحررة أو منطق سيطرتها.
ومنذ مطلع السنة الجديدة، اتخذت مليشيا الحوثي قرارا انفصاليا بالمناطق التي تسيطر عليها على المستوى الاقتصادي، بإجبار التجار على توقيع تعهد بعدم النقل من المناطق المحررة.
وتكدست خلال الأسابيع الماضية مئات الناقلات التي تحمل بضائع مستوردة أو بضائع منتجة محليا مثل المنتجات الزراعية أو المنتجات القادمة من القطاع الخاص في المناطق المحررة مثل الإسمنت، بعد أن حظرت مليشيا الحوثي دخولها إلى مناطق سيطرتها.
وبحسب الوثائق فإن مليشيا الحوثي تريد تحويل التجارة والاستيراد قسرا عبر موانئ الحديدة، بهدف إرباك الحكومة والمناطق المحررة اقتصاديا، وخلخلة الأوضاع المعيشية في المناطق المحررة.
هل موانئ الحديدة آمنة؟
يقول فارس الحميري المدير التنفيذي للمرصد اليمني للألغام "أن مليشيا الحوثي زرعت ألغاما بحرية في المياه اليمنية وقرب المياه الدولية في البحر الأحمر، كما نشروا أحزمة من الألغام في محيط عدد من الجزر اليمنية الخاضعة لسيطرتهم في البحر الأحمر خاصة محيط جزيرة كمران".
وأضاف لـ"الصحوة نت"، نشر الحوثيين ألغاما بحرية ذات أشكال مختلفة وبتقنيات حديثة، تهدد هذه الألغام حياة الصيادين، وحركة الملاحة الدولية في البحر الأحمر".
وأكد المرصد اليمني للألغام في تغريدات متعددة أن نشر الألغام برا وبحرا يهدف إلى القضاء على أشكال الحياة وليس لها أبعاد عسكرية فقط، كما تزعم المليشيا.
ورصد المرصد سلسلة من انفجارات الألغام البحرية بحق صيادين، بعضها وقعت في المياه الدولية قبالة ساحل الحديدة، وقتل في انفجار لغم بحري حوثي في فبراير 2021 عدد من الملاحين المصريين.
كما أن مليشيا الحوثي الإرهابية تنقض كل الاتفاقيات، مهما كانت مثل اتفاقية ستوكهولم، التي تلزم المليشيا بالانسحاب من موانئ الحديدة، دون جدوى، كما أن عبد الملك الحوثي المختبئ في مكان سري مجهول، أعلن الجمعة الماضية، أن جماعته مازالت في حالة حرب، وهو خطر مباشر على أي حركة ملاحة تجاه الحديدة.
جاهزية الموانئ الفنية
قال البنك الدولي في دراسة له عن حركة النقل في اليمن، إن موانئ الحديدة، فقدت معظم الجاهزية، نتيجة الحرب الانقلابية التي شنها الحوثي الإرهابي (بدعم إيراني بهدف تحويل البحر الأحمر إلى ساحة لتحقيق المطامح الإيرانية وأذيالها في اليمن).
وكشف البنك "أن السفن التي كانت تحتاج لبضع ساعات لتفريغ سفنها في موانئ الحديدة، صارت تحتاج أياما وأسابيع طويلة"، لأمر الذي يكلف التجار خسائر باهظة، تؤدي إلى ارتفاع أسعار السلع، خاصة مع تزايد الجبايات الحوثية غير المشروعة، التي تنتزعها قسرا من التجار ومن قوت المواطن.
إلى ذلك، اعترفت مؤسسة البحر الأحمر التي تسيطر عليها المليشيا بأن الموانئ في الحديدة، تحتاج أكثر من 2.7 مليار دولار، لإعادة كفاءة تلك الموانئ.
وتشير تقارير فنية - اطلعت عليها "الصحوة نت" – أن معظم المستودعات التي بنتها الجمهورية، صارت مدمرة بسبب تحويلها إلى ثكنات عسكرية من قبل مليشيا الحوثي الإرهابية طيلة السنوات الماضية، وصارت المستودعات الرئيسية مثل المستودعات رقم 6، 7، 8، 9، 10، 11، 12، خارجة عن الخدمة، بنسب تتراوح بين 40% و100%. بينما خرجت رافعات الحاويات الخمس في ميناء الحديدة، عن الخدمة بنسبة 100%، أما الرافعات الشوكية الأربع، فهي خارجة عن الخدمة أيضا بنسبة كبيرة لا تقل عن 20%. أما أرصفة الحاويات، فهي خارجة عن الخدمة بنسبة لا تقل عن 30%.
بالإضافة إلى ذلك ماتزال خزان صافر التي تعتبر "قنبلة موقوتة" تهدد الملاحة في مواني الحديدة بشكل مباشر، حيث إن مليشيا الحوثي حولتها إلى منصة دفاعية، لحماية سيطرتها على موانئ الحديدة، وترفض السماح للأمم المتحدة بصيانتها، في ظل مخاوف من انفجار السفينة وانتشار مليون ومائتين ألف برميل من النفط الخام، في المياه اليمنية والدولية.
التأثيرات المباشرة
أدى قرار الحظر الحوثي الإرهابي لعملية التجارة بين المناطق المحررة والمناطق التي تحتلها إيران، إلى تقسيم حقيقي للمؤسسات والشركات الاقتصادية التي تعمل في جميع اليمن، وصار التجار مثل شركتي الوحدة والوطني للإسمنت، غير قادرتين على إدخال بضائعهما إلى المناطق التي تحتلها مليشيا الحوثي وإيران، وتفيد وثائق مؤسسة البحر الأحمر الحوثية أن إحدى السفن المتجهة إلى موانئ الحديدة، تحمل على متنها أطنان من الإسمنت، تتبع فيما يبدو تجار من قادة مليشيا الحوثي، بهدف تدمير القطاع الخاص المحلي، وإنشاء قطاع حوثي إرهابي على غرار المؤسسات الاقتصادية لمنظمة الحرس الثوري الإيراني.
وتوعدت الحكومة بملاحقة السفن الملاحية التي تخالف القوانين النافذة والإجراءات المنظمة لعملية التجارة والشحن البحري، في خطوة تعد من أهم الخطوات الحكومية لمواجهة الحرب الاقتصادية التي تشنها مليشيا الحوثي على الاقتصاد اليمني.
وقالت الحكومة، بأنها ستقطع التمويل من النقد الأجنبي عبر البنك المركزي اليمني على أي شركات توالي مليشيا الحوثي أو تخضع لإجراءاتها، أو تغير مساراتها الملاحية. كما تعهدت بأن لا تشمل عملية تأمين السفن وخفض التكاليف على التأمين أي سفن مخالفة.
على مدى أسابيع من الترويج المكثف لمليشيا الحوثي عن إعادة فتح موانئ الحديدة، لم تعلن أي خطوط ملاحية دولية أو عربية الإبحار إلى موانئ الحديدة، في مؤشر مهم من الناحية الاقتصادية على رفض القطاع الخاص المحلي والعربي وحتى الدولي التعامل مع منظمة إرهابية، لا تعترف بأي اتفاقيات أو مصالح محلية أو عربية ودولية.
وكثفت مليشيا الحوثي الإرهابية، من جباياتها غير المشروعة، التي تنتزعها قسرا من الشعب اليمني وخاصة من التجار، وقالت الغرفة التجارية في أمانة العاصمة إن جبايات الحوثي غير المشروعة تفوق عشر مرات الرسوم الحكومية في المناطق المحررة.
وأشارت نشرات الغرفة التجارية في أمانة العاصمة الصادرة في فبراير الجاري، وفي سبتمبر الماضي إلى أن جبايات الحوثي تصل إلى خمسة ملايين ريال من الطبعة القديمة، مقابل اقل من مليون ريال من الطبعة الجديدة من الرسوم الحكومية.