سبع سنوات مضت، ولا تزال أمهات المختطفين والمخفيين قسرا يواصلن النضال لمعرفة مصير أبنائهن المخفيين، وللمطالبة بالإفراج عن المختطفين، ولم يمنعهن كبر سنهن وعجزهن عن مواصلة الكفاح والنضال، فمنهن من قضت نحبها كمدا وألما وحسرة، ومنهن من ينتظرن لحظة الخلاص التي طال أمدها.
قهر وشوق
وتعيش الأمهات بين خوف وقهر، وفراق وشوق، وكلها أوجاع ترجمتها أم محمد مبروك، المخفي قسرا لدى تشكيلات الانتقالي، بكلماتها الممزوجة بالبكاء والدموع المنهمر، بعد سبع سنوات من البحث والركض الذي لم يتوقف، وتسبب لها بأمراض عدة، في ظل تجاهل المعنيين لقضيتها وقضايا المئات من رفيقات نضالها.
عقب انتهاء مشاركتها في وقفة نفذتها رابطة الأمهات، جلست أم مبروك تحت ظل خفيف تحتمي به من حرارة الشمس الحراقة، تخاطب صورة ولدها المخفي، تخبره عن شوقها، عن خوفها عليه، عن خشيتها من أن يلاقها الموت قبل أن تضمه إلى صدرها الحنون.
تقول أم مبروك ان ولدها " مخفي قسرا منذ أعوام ولا تعرف مصيره حتى اللحظة وانها تعاني بسبب فقدانها لنجلها والبحث عنه خلال كل السنوات التي مرت، إضافة الى الأمراض التي فتكت بها وببعض الامهات نتيجة هذه المعاناة حتى أن الموت غيب بعضهن بسب القهر والألم والوعود الكاذبة.
رجاء ومناشدة
وبكلماتها البسيطة التي انطلقت من أعماق قلبها المليء بحرقة الفراق وألم فقدان ولدها والشوق للقائه ومعرفه مصيره اطلقت والدة المخفي قسرا محمد مبروك مناشدتها للجميع قائلة " أناشدكم الله يا اصحاب الضمير الحي يا وزراء يا مسؤولين يا نائب عام وكل اليمنيين الشرفاء ان تنظروا لقضيتنا بعين الاعتبار، أولادنا مخفيين لا ندري عنهم شيئ، ولا عن مصيرهم، لا ندري هل هم احياء أم اموات".
وأضافت" أرهقنا التعب والحسرة، انقذونا، حتى اختنقت عباراتها بالبكاء وامتزجت كلماتها بدموع الألم والقهر لتصرخ قائلة " تعبت ولم اعد احتمل، يا الهي ارحمني برحمتك"، وكادت ان تقع على الأرض قبل أن تحتضنها من كن في جوارها ونقلنها إلى منزلها.
لم تكن هذه الأم المكلومة هي الوحيدة التي احترق قلبها بفقدان فلذة كبدها، بل هناك العشرات مثلها، يواصلن الركض يوميا بين مؤسسات الدولة المختلفة بحثا عن بصيص أمل يمكنهم من معرفة مصير فلذات اكبادهن، والإفراج عن المختطفين، لتبقى قضية هذه الامهات هي العنوان الأبرز للقضية التي برهنت ان الدولة غير قادرة على فرض سيطرتها وأن التشكيلات المسلحة تسرح وتمرح وترتكب الجرائم دون حسيب او رقيب.
تجاهل حكومي
وتعتبر قضية أمهات المختطفين والمخفيين قسرا أبرز القضايا التي همشت من قبل الحكومات المتعاقبة خلال السنوات الماضية وذلك بعد أن ظهرت هذه الرابطة بعد انقلاب المليشيا الحوثية على الشرعية .
تقول عضو رابطة أمهات المختفين والمخفيين قسرا في عدن أروى الحداد إن الرابطة تشكلت منذ عام 2016 من مجموعة من الأمهات والزوجات اللاتي اختطفت مليشيات الحوثي الإرهابية ذويهن في صنعاء، وتشكلت في مدينة عدن عقب تزايد عملية الاعتقال والاخفاء القسري في المدينة .
واضافت الحداد في تصريح لـ " الصحوة نت ان الرابطة تعمل على رصد وتوثيق الانتهاكات وانشاء قاعده بيانات من اجل الوقوف بجانب الضحايا من خلال المناصرة والحشد مع القضية حيث عملت على تنظيم وقفات احتجاجية مختلفة امام جميع الوزارات والمرافق الحكومية الا انها لم تلقى أي استجابة خلال الفترة الماضية .
كفاح مستمر
وناشدت الحداد في سياق تصريحاتها لـ " الصحوة نت " مجلس القيادة الرئاسي ووزير الداخلية ووزير العدل والمنظمات الحقوقية الدولية والمحلية بالالتفات لقضيتهم والعمل بشكل جدي على الكشف عن مصير ذويهم وتحويلهم للقضاء العادل أو إطلاق سراحهن.
ومنذ سنوات تواصل أمهات المختطفين والمخفيين قسرا تنفيذ وقفات احتجاجية في مختلف المحافظات للمطالبة بالكشف عن مصير أبنائها، وإطلاق المختطفين وجبر الضرر الذي تعرضوا له ومحاسبة مرتكبي الانتهاكات بحقهم.