ثورة 11 فبراير.. نضال مستمر لتحقيق حلم اليمنيين في بناء الدولة

ثورة 11 فبراير.. نضال مستمر لتحقيق حلم اليمنيين في بناء الدولة

بعد 12 عاماً من اندلاعها، مازالت ثورة الـ11 من فبراير حاضرة في الوجدان الشعبي رغم كل المنعطفات التي مرت بها اليمن خلال العقد الماضي، والتي أدت إلى فقدان اليمنيين للدولة واستمرار النضال الشعبي المقاوم لاستعادتها، وسط جدل عن المكتسبات الوطنية للثورة.

"كنا شباب حالمون بمستقبل أفضل ومازال حلمنا باقي في الحقيقة لأنها ببساطة بلادنا مهما حدث"، يلخص الشاب "محمد غالب" قصة مشاركته بثورة 11 فبراير، متمسكاً بالمبدأ الذي انبثقت منه الثورة الشعبية ومشروعية الأحلام التي جمعت اليمنيين بمختلف فئاتهم وتوجهاتهم السياسية.

وقال في حديث لـ"الصحوة نت"، "رغم  اننا نعيش أوضاع صعبة، والتضحية التي قدمت كانت كبيرة إلى الآن، لكننا لن ننسى أن مهمتنا كانت ومازالت نبيلة تسمو فوق صغائر المناكفات التي تجري الان".

وأضاف: "في الحقيقة مازلنا نحلم ان نستعيد بلدنا ولا يسعنا غير هذا الحلم، لأنها أرضنا ونحن أبناؤها الذي يجب ان نضحي من اجل احلامنا، وهذا ما يجعلنا نتحمل كل المأساة المحيطة بنا".

مع كل ذكرى للثورة يطرح السؤال الجدلي، عما حققته في مقاربة للوضع الحالي في البلاد التي آلت إليه بسبب انقلاب ميلشيات الحوثي وحربها ضد الدولة اليمنية، والتي بدأت في وقت مبكر من بداية ألفية القرن الحالي، وصولاً إلى استغلال المرحلة الانتقالية لتوسيع حربها ضد اليمنيين بدء من حروبها في محافظات صعدة والجوف وعمران.

لحظة شعبية جامعة

في تلك اللحظة التاريخية من تاريخ البلاد كانت الثورة الشعبية جامعة لليمنيين بمسارها السلمي والحضاري، قدمت احتجاج وغضب جماعي على السلطة الحاكمة حينها بعد مسارات سياسية متعددة خاضتها الأحزاب السياسية من اجل الوصول إلى رؤية مشتركة للإصلاح السياسي، لكن المسار الشعبي الغاضب سبق الجميع إلى الشوارع للبحث عن عدالة ولحقه الجميع، وكانت في الواقع احتواء كامل لكل اليمنيين.

في 11 فبراير/ آذار 2011، اندلعت ثورة اليمنيين بلا توقف، ومازالت متتالية الثورة مستمرة في معركة طويلة ضد المشاريع الصغيرة والطائفية والعنصرية والمناطقية، التي هي شاقة في الواقع حيث يخوض الشعب اليمني حربا مستمرة للعام التاسع على التوالي، كشفت حجم المأساة التي يعيشها بلا دولة.

وقال الباحث نبيل البكيري "إن ثورة ١١ فبراير لم تكن خياراً ضمن قائمة خيارات متاحة أمام اليمنيين حينها، فقد كانت لحظة انسداد سياسي وتاريخي عاشها الجميع ليس في اليمن وإنما على امتداد الجغرافية العربية".

وأضاف في منشور بصفحته على فيسبوك "كانت لحظة تاريخية بكل ملابساتها، وتعقيداتها ومألاتها اليوم، لا يملك أحدُ حق إلغائها من تاريخ اليمن، أو مصادرتها أو حتى إدعاء حقاً حصرياً لها، وستبقى محطة تاريخية خاضعة للدراسة والتقييم وفقاً للحظتها تلك وليس للحظتنا هذه".

وتابع البكيري "هي لحظة تاريخية عاشها الناس جميعاً ويمتلكون ذاكرة قوية تستذكر كل ملابساتها ولدى الناس تقييم كل حسب زاوية نظره، فلا أعتقد أن أحداُ يمكنه توجيه الناس واعتساف ذاكرتهم ووعيهم حول حدث لا تزال ذاكرة الناس طرية ومليئة بتفاصيله".

المرحلة الانتقالية

كانت ثورة فبراير منفتحة على الجميع ففي الوقت التي تصاعد الخطاب ضد النظام القائم حينها، تحول المسار بشكل مختلف تماماً حيث كان نظام ما قبل الثورة جزء من المرحلة الانتقالية، ولم يحدث أي إقصاء لقياداته بسبب العمل مع السلطة أو الانتماء السياسي، بل كانت مرحلة تحول لصناعة المستقبل اليمني ككل.

بعد مرحلة الثورة والغضب الشعبي، كان الحامل السياسي لها هي المكونات السياسية المختلفة، وأتاحت المبادرة الخليجية للنظام السابق المشاركة بنصف الحكومة، بالإضافة إلى أن مجلس النواب صادق على قانون "الحصانة" الذي منح لأبرز قيادات النظام السابق، من أجل المضي في مشروع العدالة الانتقالية وتخطي الحالة الثأرية في الدولة وإرساء دولة حديثة تحترم حق المواطنة للجميع.

وخلال المرحلة الانتقالية شاركت كافة القوى السياسية في إدارة الدولة ومنظومتها المتكاملة، وصولا لمؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي ضم الجميع، وناقش كافة الملفات اليمنية التي تحتاج إلى معالجة، وشارك فيه ممثلين عن ميلشيات الحوثي، وخاض في تفاصيل عملية خلال عشرة أشهر.

وصدر عن مؤتمر الحوار الوطني الشامل، والذي بدأ أعماله في 18 آذار/مارس 2013 في العاصمة صنعاء، واختتم في 25 كانون الثاني/ يناير 2014، "وثيقة الحوار الوطني الشامل" وهي الوثيقة النهائية بين كافة مكونات المجتمع اليمني السياسية الحزبية والمستقلة، والتي كان من المفترض أن تؤسس لمرحلة تاريخية جديدة في البلاد، لولا انقلاب ميلشيات الحوثي وحروبهم التي اسقطت الدولة.

ورأى السياسي احمد عثمان "أن الهدف من فبراير كان دولة تكرس قيم الحكم الرشيد والمساواة وتصلح ميدان السياسة والانتخابات كوسيلة لتبادل الحكم بعيدا عن الغلبة والقوة".

وأضاف – في مقال للصحوة نت – "وصلت (الثورة) إلى المحطة الأولى لتحقيق هذا الهدف بالجلوس على طاولة الحوار الوطني وانتجت مخرجاته وهو حوار غير مسبوق واجتماع ضم كل ألوان الطيف اليمني مالم يحدث من قبل وانتجت وثيقة مجمع عليها كوثيقة مدنية من إنتاج العقل اليمني الجمعي".

وقال عثمان: "اعتقد هنا انتهى الدور أو المرحلة الأولى الصاخبة لثورة فبراير واستلم المسار كل اليمنيين كشركاء لتحقيق الهدف المحدد خطوطه بوثيقة وطنية تاريخية ومنهم من ثارت عليهم ومن كانوا محايدين".

الانقلاب الحوثي

في اللحظة التي كان اليمنيون يبنون أسس المستقبل من خلال الحوار الشامل، كانت ميلشيات الحوثي بدأت جولة جديدة من حروبها ضد اليمنيين في منطقة دماج بمحافظة صعدة (شمال اليمن)، في تمرد مسلح على الدولة والتوافق الوطني الشامل، بينما كان ممثليهم يتشاركون مع كافة القوى النقاشات في مؤتمر الحوار.

كانت مراهنة اليمنيين على الحوار بينما كانت قوى الانقلاب وميلشيات الحوثي تسير باتجاه إسقاط كل المكتسبات الوطنية منذ ثورة 26 سبتمبر 1962 وتأسيس حالة الفوضى في البلاد والحروب التي نعيشها الان، إنها حقائق تأريخية يعيشها جيل من الثوار الحالمين بالدولة.

ومع انتهاء مؤتمر الحوار الوطني مطلع العام 2014، تصاعدت وتيرة معارك القوى الانقلابية ضد الدولة ومؤسساتها، حيث كانت تسير في اتجاهين، الأول، الحروب ضد القبائل والجيش والسلفيين في صعدة وعمران. والثاني، مسار فوضى في المدن اليمنية وأبرزها صنعاء من خلال افتعال أزمات فككت حالة التوافق، وبرز مشروع الفوضى التي تبنته ميلشيات الحوثي.

في يوليو/ تموز 2014 سيطرت ميلشيات الحوثي على محافظة عمران، ورغم كل محاولات الترضية لها بالشراكة من قبل اعلى مؤسسات رئاسة الشرعية، الا ان مشروع الانقلاب كان يسير بمجموعة من الدوافع العدائية تجاه مسار الاستقرار ووأد أحلام ثورة فبراير ضمن موجة مضادة بأهداف فئوية بعيدة عن الإجماع الوطني.

وفي 21 سبتمبر/ أيلول 2014، كان اعلان ذروة التمرد والانقلاب على الدولة اليمنية من قبل ميلشيات الحوثي بعد سيطرتها على كافة مؤسسات الدولة بصنعاء بقوة السلاح، بينما كان الحديث يسير عن اتفاق جديد برعاية أممية، سمي حينها بـ"السلم والشراكة"، لكن كل شيء كان يسير نحو الحرب واستدعاء التدخل الخارجي في البلاد.

الجمهورية وبناء الدولة

ثورة 11 فبراير امتداد لنضالات اليمنيين خلال نصف قرن في مواجهة الإمامة وإعلان الجمهورية والثورة ضد الاستعمار البريطاني وإقامة الوحدة اليمنية، هذه المقاربة ضمن سياق أهداف وتطلعات الثورة المتعلقة بالمواطنة والحرية وحكم الشعب والمساواة والعدالة الاجتماعية.

ميلشيات الحوثي كانت ومازالت هي النقيض للأهداف الكبيرة التي نادت بها ثورة فبراير، وبالإضافة الى كونها جماعة مسلحة متمردة على الدولة منذ ما قبل فبراير، واصلت مسيرتها في ذات السياق لهدم كل قيم المواطنة والتأسيس للطائفية والسلالية والمناطقية كبناء ايديولوجي تقوم عليها الجماعة، وكانت أكثر انكشافاً منذ ثمان سنوات.

مثلت سنوات الحرب الماضية حالة الصراع الحقيقة مع ميلشيات الحوثي، كجماعة أيديولوجية مغلقة خارج الدولة وضد ثورات اليمنيين بأثر رجعي متخلف يؤمن بالسلالة فقط وتقسيم المجتمع، في عملية هدم للجمهورية الذي تعد المنجز الأبرز لليمنين خلال القرن الماضي.

ويرى أستاذ الاجتماع حمود العودي "أن ثورة 1948 في اليمن التي كانت تهدف إلى إحلال إمام في نظام دستوري مكان إمام مستبد ولا دستوري، وهي في ظروفها الزمانية والمكانية غيرها بالنسبة لثورة 26سبتمبر 1962 التي نادت بالنظام الجمهوري القومي وفقا لمبادئها الستة الشهيرة والعظيمة".

وأضاف – في منشور بصفحته على فيسبوك – " أن ثورة فبراير 2011 في اليمن -كتحول تاريخي- تتميز عما قبلها تماماً، مستوعبة لكل متغيرات الزمان والمكان أيضاً، قياساً بما قبلها".

وأشار العودي أن ثورة فبراير "جعلت من السلام وبناء الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة شعارها الأول والأخير، حيث كانت بأشكلها ومضامينها تحولاً تاريخيا استثنائيا بل ولم تزل -هي وشبابها -الأفق المنظور لحاضر ومستقبل الشعب اليمني بغير بديل".

القائمة البريدية

أشترك معنا في القائمة البريدية لتصلك كل الاخبار التي تنشرها الصحوة نت

تواصل معنا

الجمهورية اليمنية

info@alsahwa-yemen.net

الصحوة نت © 2023 م

الى الأعلى