جبايات وضرائب ومواسم ميلشيات الحوثي لا تنتهي على مدار السنة لابتزاز ونهب المواطنين وأصحاب الأموال والتي تسببت في تدهور الحالة الاقتصادية للكثير من الناس وإغلاق العديد من المشاريع الاستثمارية الكبيرة والصغيرة، خلال السنوات الماضية.
بالإضافة إلى ممارسات الميلشيات، تضاعفت الخسائر لدى القطاع الخاص خلال العام الماضي بسبب ارتفاع الأسعار وتراجع القدرة الشرائية للمواطنين إلى مستويات قياسية، في الوقت الذي رفعت الميلشيات من وتيرة الجبايات، رغم حالة الهدنة المستمرة خلال أكثر من عشرة أشهر من العام ذاته.
ورغم الحديث عن فوائد الهدنة على معيشة المواطنين خلال العام الماضي، لكن ذلك بدا غير حقيقي للشاب "عبد الملك يحيى"، الذي اغلق محل صغير بعد أن عجز عن الالتزام بكل الجبايات والالتزامات التشغيلية للمحل، كان افتتحه قبل عاميين في شارع الدائري وسط العاصمة صنعاء.
وقال في حديث لـ"الصحوة نت"، "رغم أن الهدنة استمرت خلال العام الماضي، لكن كنا ندفع باستمرار جبايات لصالح جبهات القتال، لدعم ما يسمى بقافلة تغذية للمقاتلين في الجبهات، بالإضافة الى دفع أموال أخرى لمناسبات متقطعة للجماعة".
وأشار عبد الملك إلى أن "الناس لا يستطيعون الشراء حالتهم تزداد سوء والاسعار أصبحت ترتفع بشكل يومي والميلشيات لا تكترث لهذه المعاناة لأنها لا تريد حلول يهمها فقط الحصول على ما تريده من المواطنين".
إعلان إفلاس
في أغسطس 2020 أعلن مطعم الشلال أحد أقدم المطاعم العاصمة إفلاسه وتأجير المبنى الخاص به منذ افتتاحه في تسعينات القرن الماضي، بعد تكبده خسائر فادحة بسبب ضعف حركة البيع إثر تدهور معيشية المواطنين، في الوقت الذي استمرت المليشيات تفرض على إدارة المطعم الجبايات والاتاوات المختلفة.
وفي يناير من العام الجاري أغلق مطعم "المعمري" للكباب في شارع المحروقات أبوابه أمام زبائنه بسبب عدم القدرة على الاستمرار وعُلقت لافتة على بوابة المطعم كتب فيها "مغلق حتى اشعار آخر"، ومثله مطعم " الطاهي" في شيراتون الذي قرر ملاكه إغلاقه في نفس الشهر " يناير" للسبب ذاته.
وقال أحد عمال مطعم الطاهي في حديث لـ"الصحوة نت"، "ان المطعم اغلق أبوابه بسبب ندرة الزبائن وارتفاع الاسعار وكثرة الضرائب والجبايات المفروضة علينا من قبل ميليشيات الحوثي والتي كانت تصل الى ١٠٠ ألف ريال كل شهر (مايعادل 180 دولار أمريكي) واسطوانة الغاز وصل سعرها الى ١٤ ألف ريال بالإضافة الى الرسوم التي فرضها الحوثيون على الدجاج وكل هذا ادى الى اغلاق المطعم وقطع ارزاقنا".
وفي ذات الشهر أغلقت مليشيات الحوثي مطعم "التل الاخضر" الذي يعتبر أحد أكبر المطاعم في العاصمة صنعاء في محاولة لابتزاز مالكها لدفع جباية مالية كبيرة، بعد أن طلبت من مالك المطعم دفع خمسة ملايين ريال، إتاوات لكن صاحب المطعم رفض، ما دفع ما يسمى "مكتب السياحة" التابع لمليشيا الحوثي إلى إغلاق المطعم، دون أي مبرر.
وقال مواطن من سكان صنعاء م. السعواني الذي كان يعمل في احدى المطاعم المغلقة "أن مسلسل الابتزاز الحوثي ادى الى اغلاق عدة مطاعم ومحلات تجارية، وهو عملية منع متعمدة لأرزاق الناس كان يعتبر مصدر دخل لأسرتي وجدت نفسي بعد ذلك بلا عمل".
الدفع نحو المجاعة
يرى اقتصاديون أن ميلشيات الحوثي تدفع نحو المجاعة في مناطق سيطرتها، بأساليب متعددة أبرزها ارتفاع الأسعار نتيجة الجبايات والضرائب المضاعفة التي تفرضها على التجار وتنعكس بشكل مباشر على المواطنين، حيث لم تعد المسألة متعلقة بالرافضين لسيطرة الميلشيات، بل وصلت إلى كبار المستوردين والتجار بمناطق سيطرتها.
ففي يناير الماضي، حمّل عضو الغرفة التجارية بالعاصمة صنعاء، قيس الكميم، مليشيا الحوثي سبب ارتفاع أسعار السلع، مؤكدا أن الجمارك التي يدفعونها للمليشيا أثقلت كاهل المواطنين. وجاء حديث الكميم ذلك في مقابلة تلفزيونه في القناة الرسمية التي يديرها الحوثيين في صنعاء.
واستضافت القناة عضو الغرفة التجارية للتحدث عن رفع السعر الجمركي من قبل الحكومة الشرعية، لكنه قال: "إن مليشيا الحوثي فرضت على التجار مبالغ مالية تحت مسمى جمارك قيمتها خمسة أضعاف ما يطلب منهم في العاصمة المؤقتة عدن، وهذا ما يخفى على الجميع ولا يعرفه أحد"، على حد تعبيره.
وأضاف: "أن الشرعية لم تغير الرسوم المفروضة، منذ بدء الحرب مقابل قيام مليشيا الحوثي برفعها بخمسة أضعاف"، مشيرا "إذا كنا ندفع مبلغ مليون ريال للجمارك في عدن، فإننا ندفع من أربعة إلى خمسة مليون ريال، في صنعاء".
وكان مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي حذر من أن "اصطناع معارك اقتصادية جانبية تزيد من سوء الوضع المعيشي للمواطنين الذين يدفعون ثمن ذلك الصراع، مؤكدًا أن استمرار الصراع بشكله الحالي يقود البلاد إلى مجاعة محققه".
وأشار في تقرير - نشر في يوليو 2022 - أن ذلك الصراع يبرز "من خلال تحجيم مصادر الدخل البديلة للمواطنين، وضرب شبكات الدعم الاجتماعية، وتوفير غطاء لممارسات خارج إطار الأوعية الرسمية".
وذكر التقرير الاقتصادي أن "وصلت نسبة العجز من حيث الاحتياج الشهري للأسرة الواحدة في مناطق سيطرة ميلشيات الحوثي إلى 85 بالمائة مقارنة بمناطق سيطرة الحكومة الشرعية"، لافتاً أن "هناك فجوة كبيرة بين سعر صرف الريال مقابل الدولار وأسعار السلع الأساسية في مناطق سيطرة ميلشيات الحوثي، وينعكس ذلك على القدرة الشرائية والمعيشية للمواطنين".