بينما نغرق في أزماتنا فإنا نخطيء الطريق نحن معشر اليمنيين حين نستدعي الماضي قريبه والبعيد لمحاولة صنع أدوات تنقذنا من حاضرنا المأزوم ونستمر في الخطأ حين نحاول أن نصنع من التاريخ عكازا لنسير به الى الماضي لا الى الخروج الآمن من مصاعب اليوم الى آفاق الغد . التاريخ بكل أحداثه ومراحله هو إرثنا الذي عليه نتكيء لإدارة واقعنا مهما كانت قساوته لكن التشبث بكل تفاصيله للعيش فيه والركون اليه ظنا منا أنه سيقودنا للخلاص فهذا هو عين المحال ، ليس مطلوبا منا اليوم خوض سجال فكري نحاكم فيه الماضي ونتمترس خلف أحداثه بقدر حاجتنا الى صناعة وعي مجتمعي نستمد منه رؤيتنا للعبور لاجتياز أزمات اليوم .
ليس من المنطق في شيء وعلى سبيل المثال أن تكون إدارة مرحلة الدولة اليمنية التي أنتجها أتفاق شركاء صناعة الوحدة في عام 90 وما رافق إدارة هذه المرحلة من أخطاء لتكون مبررا لخوض جدل فكري قاعدته التنازع عن الهوية اليمنية ليتحدث طرف بصوت مرتفع على أن هذه الهوية دخيلة على جزء مهم من الوطن ليتبع ذلك خوض في أعماق التيه والضياع والسير بلا رؤية ، وبالمثل فلا يمكن مواجهة النزعة السلالية المتطرفة التي تسيء الى الوطن وتعبث بتاريخه وهويته ومصيره وتدمر حاضره وتفخخ مستقبله لا يمكن مواجهة هذا المشروع الا بالاعتصام بالهوية الوطنية التي تستند على إرثنا التاريخي والمنضبطة بثوابتنا الوطنية التي تشكل سياجا يحمينا من أي جنوح بعيدا عن الطريق السوي ، في معركتنا اليوم تشكل هويتنا الوطنية ملاذنا الآمن وحصننا الذي يجب أن نخوض منه معركة استعادة اليمن .