تعد عملية انهيار الوضع الاقتصادي واحدة من أكبر القضايا التي تؤرق حياة المواطنين اليمنيين وجلبت لهم المعاناة اليومية بسبب انقلاب مليشيا الحوثي الارهابية على الشرعية عام 2015م وتدميرها لكل مقومات الحياة الاقتصادية.
وعلى الرغم من أن الوضع الاقتصادي في اليمن يعيش على حافة الانهيار بسبب استمرار الحرب، إلا أن المشكلة تفاقمت أكثر لا سيما بعد انهيار العملة الوطنية، وارتفاع أسعار المواد الأساسية والغذائية لمستويات قياسية الأمر فاقم المعاناة بشكل غير مسبوق.
إجراءات مميتة
وبدلا من العمل على تخفيف معاناة المواطنين من خلال مكافحة الفساد، واتخاذ إجراءات عاجلة لمعالجة الوضع الاقتصادي لجأت الحكومة إلى رفع سعر الدولار الجمركي الأمر الذي شكل كابوسا جديدا في حياة اليمنيين وسيعمل على مفاقمة معاناتهم اكثر.
وكان المجلس الاقتصادي الأعلى التابع للحكومة أقر زيادة في أسعار الدولار الجمركي من 500 ريال إلى 750 ريالا يمنيا، كما أقر رفع الوقود والغاز المنزلي والكهرباء والمياه، الأمر الذي سيشكل عبئا إضافيا على كاهل المواطنين.
خطوة الحكومة قوبلت باستهجان كبير، حيث انتقدت هيئة رئاسة مجلس النواب تلك القرارات مؤكدة أنها لتم تراع الحالة المعيشية للمواطنين والبدائل المطلوبة لموظفي الدولة عسكرين ومدنيين والفئات الأقل دخلًا، في حين وصف رئيس الدائرة الإعلامية للتجمع اليمني للإصلاح، علي الجرادي، تلك الإجراءات بانها "مميتة للمجتمع".
ودعا الجرادي الحكومة إلى اتخاذ إجراءات اقتصادية حقيقة تتمثل في تقليص عدد السفارات، ورواتب المسؤولين بالدولار، ومكافحة الفساد. كما دعا إلى توفير حماية للمنشآت الاقتصادية من الهجمات الحوثية، واستثمار الموارد وتوحيدها للخروج من الأزمة.
كابوس يؤرق الحياة
يقول المواطن طارق المساح انه منذ اندلاع الحرب ألتي أكلت الأخضر واليابس في اليمن انعكست آثار هذه الحرب السلبية على كافة مناحي الحياة وألقت بظلالها القاتمة والقاسية على المواطن اليمني بشكل مهول ودفعت به نحو حافة الفقر والمجاعة .
ويضيف المساح وهو احد سكان مدينة عدن في تصريح خاص لـ " الصحوة نت " ان عملية انهيار العملة وارتفاع الاسعار وتوقف مرتبات الموظفين ضاعفت من معاناتهم بشكل كبير في توفير لقمة العيش الكريمة لأسرهم .
ويؤكد ان قرار الدولار الجمركي الاخير ضاعف من معاناتهم وشكل كابوسا جديدا يؤرق حياتهم حيث تسبب بارتفاع جديد في اسعار السلع الغذائية في اسواق العاصمة المؤقتة عدن .
ويشير المساح الى ان نسبة موجة الارتفاع في الاسعار بسبب قرار الدولار الجمركي وصلت إلى قرابة 30 % من إجمالي الأسعار السابقة للمواد الغذائية وجاءت بالتزامن مع وجود انهيارات حادة في مستوى معيشة المواطن البسيط في مدينة عدن والمحافظات اليمنية الأخرى .
ودعا الحكومة الشرعية والمجلس الرئاسي الى التراجع عن هذا القرار ومراعاة المواطن اليمني الذي اصبح يعاني من اثار الحرب الحوثية الانقلابية وانهيار العملة ليأتي قرار الدولار الجمركي ويعمق معاناتهم بشكل اكبر .
صدمة اقتصادية
يقول الخبير الاقتصادي محمد الجماعي ان الحكومة تواجه اليوم صدمة اقتصادية نتيجة توقف تصدير النفط، بعد استهداف منشآتها شرق البلاد من قبل مليشيا الحوثي الارهابية .
ويضيف الجماعي في تصريحات خاصة لـ " الصحوة نت " ان هذا الضغط الذي ظهرت مؤشراته مؤخرا قد ينشا عنه تراجع كبير في أداء الحكومة النقدي والذي كان قد تحسن بفعل ارتفاع أسعار النفط عالميا خلال ٢٠٢٢م .
ويؤكد الجماعي ان الحكومة رغم كل الاجراءات التي كانت قد بذلتها لتنظيم التزاماتها تجاه الداخل ونفقاتها الخارجية في العام الماضي إلا أن اشتراط مليشيا الحوثي حصة من تصدير النفط كشرط لتمديد الهدنة حال دون استمرار استفادة الحكومة من طفرة الاسعار العالمية مشيرا الى ان هذا السبب هو ما دفع بالحكومة الشرعية للتخلي عن الهدنة بقرار مجلس الدفاع الاعلى تصنيف الحوثي منظمة إرهابية.
واشار الى انه في ظل استمرار الوسيط الدولي في تدليل المليشيات بحثا عن هدنة صورية فإن الخناق يشتد يوميا على الحكومة لدرجة تأخرها عن دفع الرواتب وتوفير المشتقات لكهرباء العاصمة عدن وسط تعالي أصوات جرحى الجيش الوطني الذين تأخرت أقساط علاجهم في الخارج.
واوضح الجماعي انه رغم الضعف الذي تمر به الحكومة والانقسامات التي تتجاذبها إلا أن ثبات السلطات المحلية وأداءها شبه المنتظم بالإضافة الى تحسن أداء البنك المركزي في عدن واستفادته من المسحوبات الأخيرة من صندوق النقد ساهم في خلق أداء جيد انعكس على شكل ثبات نسبي لقيمة العملة وانتظام الرواتب ومستحقات الطلاب والبعثات الدبلوماسية وغيرها.
قرارات خاطئة
وبشان قرار الدولار الجمركي قال نائب رئيس مجلس النواب المهندس محسن باصرة، إن القرارات والأوامر التي أصدرها المجلس الاقتصادي الأعلى الخاصة بتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية وتعزيز موارد الدولة تنهك كاهل المواطن، ولا تمت للاقتصاد بصلة، ويجب إيقافها.
وأضاف في تصريح صحفي سابق له " أن الحكومة اعتادت على اختيار الطريق السهل لتحسين الموارد من خلال تحريك اسعار الدولار بالجمارك ،وتحريك سعر الاستهلاك المنزلي للكهرباء والمياه والغاز والمشتقات النفطية .
وأكد انه كان الأولى أن تحرك الحكومة رواتب الموظفين المدنيين والعسكريين ومعاشات المتقاعدين التي لم تحرك ولم تقيم منذ أن اصدر قانون الوظائف والاجور والمرتبات رقم (43) في 18يوليو عام 2005م.
وتابع" كنت أتوقع من المجلس الاقتصادي الأعلى ومجلس الوزراء أن يقوموا بتحسين الموارد من خلال إيجاد وسائل وإجراءات بديلة لبيع النفط الخام، وإيقاف الرسوم والضرائب التي تؤخذ على المواطن بغير حق وهي ليست دستورية ولا قانونية كانت رسوم بين المحافظات او رسوم ميازين او رسوم حاويات وغيرها.
بدوره وصف رئيس الدائرة الإعلامية للتجمع اليمني للإصلاح، علي الجرادي، الإجراءات الحكومية المتمثلة في رفع أسعار المشتقات النفطية والغاز والكهرباء والجمارك، بانها "مميتة للمجتمع" وانها ليست حلا للوضع الاقتصادي الصعب الذي تمر به الحكومة.
ودعا الجرادي في تصريحات صحفية الحكومة الشرعية إلى اتخاذ إجراءات اقتصادية حقيقة تتمثل في تقليص عدد السفارات ورواتب المسؤولين بالدولار ومكافحة الفساد وتوفير حماية للمنشآت الاقتصادية من هجمات مليشيا الحوثي الانقلابية واستثمار الموارد وتوحيدها للخروج من الأزمة.