الصراعات القبلية واحدة من كبريات المشاكل التي يعاني منها المجتمع اليمني وهي واحدة من صور ضعف الدولة اليمنية أو غيابها على مر التاريخ ، تختلف في حدتها من منطقة لأخرى ومن وقت لآخر لكنها بقيت مشكلة مستعصية على التطويع حتى في الزمان الذي وجد فيه نظام حكم أمني لربما خفتت فترة ثم عادت للثوران كبركان زاد الضغط من قوة ثورانه .
الصراع القبلي متوارث منذ زمن بعيد والسيطرة عليه يتطلب رؤية طويلة المدى تقوم على أعمدة منها ما هو متعلق بالوعي وأدواته. مناهج التعليم ومؤسسات التوجيه ومنها ما هو مرتبط بالعدل كقضاء فاعل وأجهزة ضبط مهنية هذه الرؤية لا يمكن أن تحدث الا بوجود دولة واليمنيون اليوم في صراع طويل بحثا عنها ، أمام هذا الوضع تبرز قيم المجتمع كواحدة من طرق التعامل مع ثمار هذا الصراع المريرة وهذه القيم تتطلب حكمة وحكماء .
بالأمس أغلق ملف صراع قبلي في شبوة دام ثمانية عقود وخلف مآسٍ وأحزان وضحايا بين إخوة جيران يسكنون ذات القرية وليس هناك ما هو أمر من صراع الأخ والجار كان يمكن لهذا الصراع العدمي أن يستمر عقودا أخرى لو لم تكن هناك مبادرة جريئة لقيت نفوسا كريمة ، الصراع القبلي قاس ومنهك ومعطل للحياة وتحتاج النفوس الواقعة ضحية ثقافة هذا الصراع الى خطوات ومبادرات تفتت صخور من تراكمات الأحقاد وهذا ما كان بالأمس.
تواصل الاخوة المتصارعون وقدموا الحكم والعقل بادر الأخ محمد صالح بن عديو بخطوة جريئة بتقديم أولاده ثمناً لإنهاء هذا الصراع فرد إخوانه بالعفو وإغلاق هذا الملف الثقيل . بلغ الخبر آفاق اليمن وأشاد به الناس وعُد نموذجا يحتذى وبات حديث مجالس اليمنيين وفي هذا إشارة الى أن قيم الخير والتسامح أصيلة في أبناء اليمن وأنها قد تكون أحد خطوط الدفاع عن المجتمع من الانهيار .