أكدت الحكومة اليمنية إستمرار ميليشيا الحوثي الإرهابية في تعميق حجم المعاناة الإنسانية لليمنيين من خلال التلاعب بالسوق السوداء للوقود، وعرقلة عمل البنوك والمؤسسات المالية، وخلق اقتصاد موازٍ من خلال منع تداول أوراق العملة الوطنية في مناطق سيطرتها.
وأضافت بيانها إلى الجلسة المفتوحة لمجلس الأمن الدولي، اليوم، والذي القاه مندوب اليمن الدائم لدى الأمم المتحدة، السفير عبدالله علي السعدي، أن الأخطر من كل ذلك هو إصرار تلك الميليشيات الإرهابية على رفض خيار السلام والدفع نحو اشعال فتيل العنف والعودة إلى مربع الصراع من خلال تصعيدها الإرهابي الذي يستهدف المدنيين والنازحين ومقدرات أبناء الشعب اليمني.
وأشار إلى أن هذا التصعيد يأتي بالرغم من مواصلة الحكومة اليمنية بتوجيه من مجلس القيادة الرئاسي إبداء المرونة المطلقة للتخفيف من المعاناة الإنسانية من خلال استمرار تيسير الرحلات التجارية من وإلى مطار صنعاء، وتمكين سفن الوقود من الوصول إلى ميناء الحديدة، في وقت رفضت فيه الميليشيات الحوثية تجديد وتوسيع الهدنة التي كانت تهدف للتخفيف من المعاناة الإنسانية لأبناء الشعب اليمني.
وقال السفير السعدي "لقد خاطبت حكومة بلادي رئاسة المجلس خلال الأشهر الماضية بالانتهاكات الصارخة التي ترتكبها الميليشيات الحوثية وهجماتها الإرهابية المستمرة على الموانئ والمنشئات الاقتصادية، وتهديداتها الصريحة للدول الأعضاء في الأمم المتحدة. وإذ تقدر حكومة بلادي الصوت الموحد للمجلس في إدانة الهجوم الإرهابي الحوثي في 21 أكتوبر الماضي في البيان الصادر عن المجلس، لكن البيانات لم تعد تكفي ولا بد من إظهار التزام أكبر تجاه السلام في اليمن من خلال استخدام كافة أدوات الضغط على الميليشيات الحوثية الإرهابية والنظام الإيراني الداعم لها".
وجدد السفير السعدي التأكيد على تمسك مجلس القيدة الرئاسي بخيار السلام ودعم جهود الأمم المتحدة لإنهاء الصراع وتحقيق السلام المستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي في اليمن، وهي المبادرة الخليجية وآلياتها التانفيذية، ومخرجات الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن وعلى رأسها القرار 2216.
وأستطرد "إلا أن السلام لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلى عن خيار الحرب ويؤمن بالحقوق المتساوية لكافة أبناء الشعب اليمني، ويتخلى عن العنف كوسيلة لفرض أجنداته السياسية".. مشيراً إلى أن تجارب الحكومة الكثيرة مع هذه الميليشيات وآخرها جهود الهدنة تثبت للعالم وبالدليل القاطع ما حذرت منه الحكومة اليمنية مرارًا وتكرارًا أن الميليشيات الحوثية لا تملك للأسف أي رغبة في السلام، وإنما تعمل على استغلال جهود الأمم المتحدة كغطاء لممارسة سلوكها الإرهابي بحق المدنيين والمنشئات المدنية في اليمن والمنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية والتهرب من أي استحقاقات ضمن جهود السلام.
وأكد السفير السعدي أن كل ذلك يستدعي من مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة إيجاد مقاربة جديدة تجاه عملية السلام في اليمن في ظل أسلوب المماطلة والتهديد والمراوغة التي تنتهجها الميليشيات الحوثية الإرهابية، حيث لم يجلب النهج المتبع خلال الفترة الماضية لليمنيين سوى المزيد من إحكام قبضة الحوثيين على أعناق اليمنيين وإطالة أمد الصرع؛ ومكن الميليشيات من تقويض كل الجهود الرامية إلى تحقيق السلام، وتعميق الأزمة الإنسانية والاقتصادية والاجتماعية، ومواصلة غسل عقول ملايين الأطفال فيما يسمى بالمخيمات الصيفية وتجنيدهم والزج بهم في جبهات القتال، وانتهاك حقوق المرأة والاعتداء عليها واستخدام العنف الجنسي كوسيلة لقمع أصوات اليمنيات .. لافتاً إلى أن الميليشيات في خطوة غير مستغربة قامت بفرض نظام "المَحرَم" وحرمان اليمنيات من حقهن في المشاركة في الحياة العامة في هذا الوقت الذي يبرز فيه أهمية دور المرأة ومشاركتها على كافة الأصعدة، بما في ذلك ضمن جهود تقديم المساعدات الإنسانية والمشاركة في العملية السياسية.
وأشار السفير السعدي إلى أن كل جهود المجلس والأمم المتحدة ستظل بعيدة المنال طالما استمر تدخل النظام الإيراني المارق في شؤون بلادي الداخلية والذي يواصل دعم الميليشيات الحوثية لإطالة أمد الحرب وإزهاق أرواح آلاف اليمنيين وتعريض السلم والأمن الإقليمي والدولي للخطر. حيث يواصل النظام الإيراني عمليات نقل الأسلحة والتكنولوجيا العسكرية من صواريخ باليستية وطائرات مسيرة للمليشيات الحوثية، في انتهاك سافر للقرارات الدولية وفي مقدمتها قراري مجلس الأمن رقم 2216 (2015)، و2624 (2022).
وأعتبر اعتراض مجموعة من السفن التي تحمل الأسلحة الإيرانية المتجهة إلى اليمن منذ انتهاء الهدنة، بما في ذلك سفينة تحمل اكثر من 50 طن من الذخيرة والصمامات والوقود الدافع للصواريخ، وسفينة أخرى تحمل كميات من وقود الصواريخ والمواد المتفجرة، بالإضافة إلى سفينة تحمل 2116 بندقية هجومية كانت جميعها في طريقها للمليشيات الحوثية، تأكيد على تصعيد نظام طهران عمليات تهريب الأسلحة تحضيرا لجولة جديدة من الصراع في اليمن. وعليه ندعو هذا المجلس الموقر لتحمل مسؤولياته في صيانة السلم والأمن الدوليين ووقف هذا السلوك المدمر الذي يهدف من خلاله النظام الإيراني إلى الهروب من الاستحقاقات الداخلية وتلبية مطالب الشعب الايراني إلى زعزعة أمن واستقرار المنطقة من خلال دعم الميليشيات الإرهابية.
وشدد السفير السعدي على ضرورة إنتقال مجلس الأمن والمجتمع الدولي من إدانة الأعمال الإرهابية التي إرتكبتها وترتكبها الميليشيات الحوثية وتحويلها لليمن إلى نقطة إنطلاق لتهديد أمن المنطقة والعالم، إلى العمل الجماعي لردعها، وذلك من خلال إدراج الميليشيات الحوثية في قائمة مجلس الأمن للجماعة الإرهابية كوسيلة ضغط للعودة إلى مسار السلام والعملية السياسية، خصوصًا وأن قرار مجلس الأمن رقم 2664 (2022) قد ضمن إزاحة أي مصادر قلق متصلة بإيصال المساعدات الإنسانية.
وأكد السفير السعدي تقدير الحكومة اليمنية للجهود التي تقودها الأمم المتحدة للتخفيف من حجم المعاناة الإنسانية التي تزداد في التفاقم نتيجة للهجمات الإرهابية الحوثية على المنشئات النفطية والاقتصادية التي تهدف إلى قطع الإيرادات الضرورية لدفع المرتبات وتقديم الخدمات الأساسية .. لافتاً إلى أنه بالإضافة إلى ذلك فإن تعقيدات الوضع الاقتصادي الذي فرضته الميليشيات الحوثية من خلال منع تداول العملة الوطنية في مناطق سيطرتها يدفع المزيد من اليمنيين إلى الاعتماد الكلي أو الجزئي على المساعدات الإنسانية الضرورية.
ودعا السفير السعدي بهذا الصدد المجتمع الدولي إلى تقديم الدعم السخي لخطة الاستجابة الإنسانية في اليمن للعام 2023، والضغط على الميليشيات الحوثية لوقف هجماتها الإرهابية، والسماح بتداول العملة الوطنية في كافة أرجاء اليمن، ووقف الإجراءات التي تفرضها على البنوك العاملة مع المنظمات الإنسانية.
وتطرق السفير السعدي إلى وضع الناقلة صافر الذي يشكل تهديدًا خطيرًا لليمن والمنطقة والعالم، وأكده أنه مالم يتم التعامل مع هذا الملف بشكل عاجل، فقد تصحوا المنطقة و العالم يومًا على كارثة بيئية وإنسانية واقتصادية وهو ما سيضاعف من حجم المعاناة الإنسانية وستكلف عشرات المليارات حال وقوعها، بالإضافة إلى تعطيل خطوط الملاحة الدولية، وتدمير الموارد الاقتصادية والمعيشية لملايين السكان في اليمن والمنطقة .
وفي حين اعرب السفير السعدي عن دعم الحكومة اليمنية وتيسيرها للجهود التي تقودها الأمم المتحدة لمعالجة وضع الناقلة، فإنه عبر عن القلق الشديد من التأخير الذي طال تنفيذ هذه الخطة، داعياً بهذا الصدد الأمم المتحدة مجددًا إلى سرعة تنفيذ خطة الإنقاذ وفق الإجراءات السليمة لتجنب كارثة وشيكة لن يحمد عقباها، وحذر من تلاعب ومماطلة الميليشيات الحوثية واستغلال هذا الملف للابتزاز السياسي.