وفاة رجل المرور في إب.. شاهد عيان على أوجاع الموظفين في مناطق المليشيات

وفاة رجل المرور في إب.. شاهد عيان على أوجاع الموظفين في مناطق المليشيات

يعيش موظفو الدولة، في مناطق سيطرة مليشيا الحوثي وضعا مأساوياً، نتيجة استمرار مليشيا الحوثي في قطع مرتباتهم للعام السادس على التوالي، ضمن سياسة حوثية تهدف لإهانة الموظفين وتجويعهم في مشهد مؤلم ومرعب يبعث على الحسرة ويوزع المأساة في كل مناطق المليشيا.

ولعل المشهد المرعب والقاسي في وفاة العقيد فؤاد شعيب، والذي يعمل في مرور محافظة إب، شاهد حي على المأساة والجريمة التي حلت بموظفي الدولة في مناطق مليشيا الحوثي منذ انقلابها في سبتمبر 2014م، وشنها الحرب على اليمنيين وتدمير مقومات الدولة وتفتيت البلاد، بل إن تبعات انقلابها عمّت كل أرجاء الوطن ولم يبق مكان أو بيت إلا وحل به الأوجاع والمآسي.

غادر رجل المرور، فؤاد شعيب منزله بمدينة إب عاصمة المحافظة، ليواصل عمله في تنظيم حركة السير، في منطقة "مفرق ميتم" بشارع تعز، وكان حاملا لكل همومه وأوجاعه التي تكبر أمامه كجبل، في ظل غياب ما يخفف عنه من همومه وأوجاعه الكبيرة التي أثقلت روحه المتقدة بالحيوية والنشاط.

نموذج للمأساة 

"شعيب" نموذج وصورة حية لآلاف الموظفين في مناطق سيطرة مليشيا الحوثي، ممن يعانون بصمت ويكتوون بتبعات الجائحة الحوثية التي نشرت سرطانها في كل ربوع الوطن، وجلبت للشعب كل المآسي والفواجع والعذاب، ولا تزال تمعن في جرائمها التي توزعها على كل شرائح المجتمع، غير أنها خصت الموظفين في القطاع الحكومي بنصيب وافر من جرائمها المختلفة والتي تأتي في مقدمتها حرمانهم من مرتباتهم منذ أكتوبر 2016م، وحتى اليوم.

وبينما كان الجندي "فؤاد شعيب" ينظم حركة السير، ويسهل مرور الناس ويساعد الأطفال وكبار السن في مرورهم الآمن في واحد من أهم شوارع مدينة إب، فجأة يسقط مغشيا عليه، ومع سقوطه توقفت حركة السير في الشارع، ليعلو الضجيج واصوات أبواق السيارات وغضب البعض، فيما الغالبية لا تعرف أن شعيبا سقط مهموما بكل أوجاعه وآلامه التي يعانيها ويكابدها يوميا، فهرع جمع من الناس لتفقد شعيب الذي صمد لسنوات طوال أمام قهر وصلف المليشيا التي قطعت رابته وجلبت له هموم الدنيا وأوجاعها.

ومع تجمع الناس بجوار جسده النحيل، حاولوا معرفة الأمر وايقاضه، غير أن محاولتهم باءت بالفشل، ليعلو صوت أحدهم، "ياناس اعملوا خير وشلوه المستشفى" وهو ما تم، حيث جرى نقله إلى أقرب مستشفى بشارع تعز، وهناك كانت الفاجعة.

استقبل الطبيب جسد العقيد "شعيب" وكان مرتديا زي شرطي المرور، ليقوم الطبيب بتفقد جسده وعلاماته الحيوية، وهو لا يصدق أن النبض توقف ولم يبقى شعيب سوى جثة هامدة، أخبر الطبيب، الناس الذين بادروا لنقله للمستشفى كفعل خيري، بأن شعيبا مات ووصل وقد فارق الحياة، مخبرا أن وفاته جاءت بسبب إصابته بذبحة صدرية مفاجئة، وهو الخبر الفاجع لمن شاهد الحادثة ولأسرته قبل كل الجميع، والتي كانت تنتظره على مائدة الغداء عقب الظهيرة ككل يوم.

الموت واقفا

ناشطون في إب أشادوا بتفاني "فؤاد شعيب" واستمراه في عمله، بالرغم من قطع مليشيا الحوثي لمرتبه، مذكرين بمعاناة موظفي الدولة ومكابدتهم لتردي الأوضاع المعيشية وهو الأمر الذي ينعكس على صحتهم بشكل مفاجئ ما تسبب بوفاة العديد منهم.

الناشط الإعلامي ابراهيم عسقين قال: "رجل المرور فؤاد شعيب سقط مغشيا عليه ثم فارق الحياة وهو يؤدي واجبه وسط الشارع في مدينة اب التي يسيطر عليها الحوثيون".

وأضاف، "فؤاد يعمل بدون راتب منذ سنوات، وحسب مصادر خاصة غادر بيته صباحا وهو في ضيق شديد بسبب الوضع المعيشي الذي يعيشه مع اهله، ويبدو انه لم يتحمل ذلك فسقط صريعا رحمة الله عليه".


الناشط علي السياغي، كتب معلقا على وفاة شرطي المرور: "لا يوجد رواتب ولا يوجد تأمين صحي، ولا يوجد دولة ولا يوجد معه ما يعول فيه أسرته".

وأضاف السياغي متحسرا بالقول: "لكم الله يا موظفين.. مثل هذا عسكري مرور يموت أثناء عمله .. والله إن كان معه قوت يوم فقط ما خرج للعمل وهو مريض".

الصحفي فارس الحميري، نشر صورة شرطي المرور، وكتب معلقا عليها بالقول: "العقيد فؤاد شعيب؛ الضابط في شرطة المرور توفي اثر تعرضه لجلطة وهو يؤدي واجبه في تنظيم حركة السير بجولة مفرق "ميتم " في محافظة إب".

وأضاف الحميري، "ضاعفت سنوات الحرب معاناة الرجل كباقي اليمنيين .. صمد حتى خارت قواه ومات واقفا!!".

إعلاميو مليشيا الحوثي، وبدلا من التطرق لمعاناة موظفي الدولة جراء قطع المرتبات، أو السكوت على الأقل أمام فاجعة حلت بأسرة "شعيب" قاموا بمهامهم المعتادة في التطبيل لقادة المليشيا في المحافظة، حد أن وصل ببعضهم التفاخر بدور قيادات المليشيا في أنهم قاموا بنقل جثمانه من المستشفى لمغسلة إحدى المساجد والمشاركة في دفن جثمانه، وهو الأمر الذي قوبل بإستياء واسع وانتقادات حادة لإعلامي وناشطي المليشيا في المحافظة، في مختلف مواقع التواصل الإجتماعي.

الناشطة نجود علي، كتبت بالقول : حصريا في إب، "رجل المرور فؤاد شعيب سقط مغشيا عليه مفارقا للحياة وهو يؤدي واجبه وسط الشارع فذهب المنافقون والمطبلون يغدقون بالشكر والثناء لمدير المرور لأنه أرسل نفر من جنوده لحمله إلى المسج وتغسيله ومواراة جثمانه!".

اصرفوا المرتبات

وهاجم الناشط إبراهيم عسقين من جديد، ناشطين لدى مليشيا الحوثي، حيث قال: يظلمون الموظف بقطع راتبه منذ سنوات طوال ويجبروه على العمل.. ليسقط صريعا بسبب الجوع وبسبب اجهاده بين الشمس والريح والغبار.. ثم بعد ذلك يتفضلون عليه بعد وفاته بربع راتب وذلك امام عدسات الكاميرات وفي حضور جوقة المطبلين والمنافقين من اجل الشهرة والفخر..".

وأشار عسقين، إلى ما تعانيه إب من مليشيا الحوثي، حيث أفاد بالقول : "ما وصل حالنا في محافظة اب لهذا الموصل الا بسبب النفاق والبلطحة التي يمارسها البعض بدون حياء..".

وطالب المليشيا بصرف مرتبات الموظفين قائلا: "اعطوا الناس رواتبهم وبقية حقوقهم ، وارحموا انفسكم من مشقة زياراتهم او مواساتهم...".

أما د. أكرم عطران أحد أكاديميي جامعة إب، فكتب معلقا بالقول: "شرطي المرور (فؤاد شعيب) سقط في موقع عمله شهيداً للواجب إثر تعرضه لجلطة وهو يجاهد بصبر وصمت وألم وحزن نجده في تقاسيم وجهه التي لم يستطع إخفاءها وهو يغادر الحياة..!".

معلم يعمل عند تلميذه

المواطن محمد الركبة نشر معاناة أحد المعلمين في مديرية جبلة جنوب غرب مدينة إب، وكيف تحول من التعليم والتدريس للعمل في إحدى المهن كي يوفر أبسط احتياجات أطفاله وأسرته، وهي عينة مصغرة لمعاناة موظفي الدولة في مناطق مليشيا الحوثي.

المواطن الركبة كتب قائلا : في الساعات الأخيرة من الليل وجدت الأستاذ والزميل القدير (..) وهو يشتغل عند أحد طلابه التجار الجدد ليحصل علي الفتات كي يطعم به أولاده  بعد أن يأس من عوده رواتبه".

وتابع بالقول: "فوالله الذي لا إله إلا هو أن هذا الرجل – الأستاذ – كان يطعم القطط الجائعة في باب منزله "تونه" علي حسابه زمان رحمة بها، والان يبحث عن من يطعمه ويرحم لحاله حيث قال لي ارحموا عزيز قوم ذل".


وختم حديثه قائلا : "هكذا الدنيا تدور بنا ولا نعلم إلي أين تصل ولا يوجد هناك أمل يلوح في الأفق لتفرج كربه الموظفين الذين يعدون الساعات والايام والليالي ينتظرون الفرج.. فتحيه لهذا الرجل الصامد حقيقه أمام مصاعب الحياة ومتطلباته في هذا السن الكبير وفي هذه الساعات المتأخرة من الليل وفي هذا البرد القارص".

القائمة البريدية

أشترك معنا في القائمة البريدية لتصلك كل الاخبار التي تنشرها الصحوة نت

تواصل معنا

الجمهورية اليمنية

info@alsahwa-yemen.net

الصحوة نت © 2023 م

الى الأعلى