خلال العام الماضي 2022، شهدت محافظة حضرموت (شرق اليمن)، أحداث سياسية وعسكرية ربما بعضها مازالت تسيطر على المشهد العام في البلاد، ومنها هجمات ميلشيات الحوثي التي استهدفت موانئ تصدير النفط، في المحافظة والنشاط السياسي البارز التي تمارسه القوى السياسية.
وتواصلت الجهود السياسية في تقريب وجهات النظر بين الأحزاب السياسية والمكونات المجتمعية والقبلية أفضت إلى تشكيل لجنة مجتمعية لمساندة الجهود الرسمية في عدد من القضايا التي تخص الشأن المحلي وفي مقدمتها الخدمات العامة، التي يطالب المواطنون بتحسينها.
في ذات الوقت تستمر المحافظة الأكبر مساحة في اليمن، في استقبال النازحين من المحافظات المختلفة، من اللافت أن أبناء حضرموت يصفونهم بـ"الضيوف" وليس نازحين كما هو التعريف الدولي، وتلك من شيمة الحضارم، التي يرويها من انتقل إليها مجبراً بسبب الحرب أو بحثاً عن الأمان خلال السنوات الماضية.
ربما أمام حضرموت مهمة كبيرة سياسية واجتماعية خلال العام الجاري 2023، لإبقاء حالة التوافق السياسي والمجتمعي بحالة استقرار كلي، للحفاظ على المكتسبات الوطنية التي حققتها، بقوتها الموحدة في مواجهة التحديات سواء التنموية، او تلك التهديدات القادمة من ميلشيات الحوثي الإرهابية.
موقع "الصحوة نت" يرصد اهم الأحداث التي شهدتها محافظة حضرموت خلال العام 2022.
مواجهة مباشرة مع مليشيا الحوثي
ظلت حضرموت منذ انقلاب مليشيا الحوثي بعيدة عن الصراع، والذي يعتقد الحضارم أن ذلك أغاظ المليشيات الإرهابية، والتي لجأت لاحقا إلى استهداف موانئ النفط بالطائرات المُسيرة في أكتوبر الماضي 2022، مما تسبب بأضرار اقتصادية كبيرة.
وخلال ديسمبر 2022، قدمت النيابة الجزائية المتخصصة بمحافظة حضرموت، قرار اتهام ضد قيادات جماعة الحوثي، متضمنا المطالبة بمحاكمة قيادات مليشيا الحوثي أو الحكم عليهم بأقصى العقوبات المقررة شرعاً وقانوناً.
وقال رئيس النيابة الجزائية المتخصصة بحضرموت القاضي رائد لرضي "أن النيابة الجزائية المتخصصة اتهمت قيادات المليشيا الحوثية الإرهابية، باستهداف ميناء الضبة للتصدير النفطي بمدينة الشحر بالطائرات المسيّرة والهجمات الصاروخية واستهداف ناقلة النفط (نيسوس كيا) بطائرتين مسيرتين أثناء رسوها بميناء الضبة النفطي لتحميل شحنة نفطية وحملها على مغادرة الميناء".
وأضاف "واستهداف ناقلة النفط (براتيكا) بهجوم صاروخي أثناء وجودها في نفس الميناء، وإصابة منصة التحميل العائمة (1) التابعة لشركة بترومسيلة إصابة مباشرة أثناء تحميل الناقلة المذكورة، نتج عنها تضررها بالكامل وغرقها وترتب عن كل هذه الأفعال خسائر مادية واقتصادية بالغة".
وفي نوفمبر الماضي قتل وأصيب خمسة جنود، جراء هجوم مسير لمليشيا الحوثي الإرهابية على موقعا عسكريا للواء 23 التابع للمنطقة العسكرية الأولى في منطقة "العلم" على بُعد 130 كيلومتر عن مديرية العبر.
وغير بعيد عن جرائم مليشيا الحوثي الإرهابية تعرضت قوة عسكرية ترافق فريق لمنظمة الهجرة الدولية لهجوم مسلح أدى إلى استشهاد جنديان من كتيبة الحضارم التابعة للمنطقة العسكرية الأولى في منطقة الرويك بمديرية العبر.
قرارات رئاسية
وفي 7 ديسمبر/ كانون اول الماضي، فرض أنصار المجلس الانتقالي عصيانا مدنيا بمدينة سيئون واشعال الإطارات والاحجار في محاولة لإعاقة مرور المواطنين والموظفين إلى مقر عملهم، عقب صدور قرارات لمجلس القيادة الرئاسي بتعيين عدد من الشخصيات الحضرمية في عدد من المناصب العسكرية والمدنية.
والقرارات الرئاسية الأربعة قضت بتعيين كل من، عصام حبريش الكثيري وكيلًا لوزارة الإدارة المحلية، وعامر سعيد سالم العامري وكيلًا لمحافظة حضرموت لشؤون الوادي والصحراء، بالإضافة إلى تعيين العقيد الركن عامر عبد الله محمد بن حطيان أركان حرب المنطقة العسكرية الأولى، والعقيد الركن ناصر صالح محمد حسين الوادعي اركان حرب اللواء ١٣٥ مشاة، وكافة من تم تعيينهم من أبناء محافظة حضرموت.
فيما باركت الأحزاب السياسية والمكونات المجتمعية القرارات ومنها إصلاح حضرموت الذي شارك في لقاء ضم عدد من المكونات والقوى السياسية والمجتمعية في مكتب فرع حزب المؤتمر بالمحافظة، ورحبوا بالقرارات الرئاسية، وقالوا في بيان أنها "تسهم في تعزيز حالة الاستقرار والتماسك المجتمعي بمديريات الوادي والصحراء".
ودعت المكونات السياسية والمجتمعية في حضرموت، الى الالتفاف حول قيادة السلطة المحلية لتجنيب مديريات وادي وصحراء حضرموت الانزلاق نحو الفوضى والصراعات، على حد تعبير البيان الصادر عنها.
وتعمل القوى السياسية في حضرموت في هامش التوافق المجتمعي والسياسي، بما يسهم في تحقيق الأهداف المحلية في إبقاء الاستقرار هدف جامع خارج سياق التباينات.
نزوح مستمر
منذ سيطرة ميلشيات الحوثي المدعومة من إيران على صنعاء، في 21 سبتمبر/ أيلول 2014، بدء توافد النازحين إلى محافظة حضرموت، وخلال السنوات الماضية اندمجوا مع المجتمع المحلي، برزت حالة المساندة الحضرمية بشكل خلاق للنازحين في التسهيل المجتمعي الذي مكنهم من الحصول على منازل سكنية بدلا من المخيمات التي لم توجد في المحافظة الا بصورة محدودة جداً.
ورغم ذلك، الا ان الكثير من النازحين يعانون من ظروف معيشية سيئة، جراء ارتفاع أسعار السلع الأساسية، وعدم وجود مصادر دخل ثابتة تؤمن الحد الأدنى من الاحتياجات لتلك الأسر النازحة، بالإضافة إلى ان تزايد النازحين مثل ضغطاً على البنية التحتية الهشة التي لا تخدم جميع السكان.
وتشير دراسة للباحث المتخصص في الجغرافيا السكانية بجامعة حضرموت البرفسور رزق سعدالله الجابري إلى "أن عدد النازحين بمحافظة حضرموت بلغ10,194 اسرة، يتوزع منهم 38% بسيئون و20 % بالمكلا و18 % بتريم و14 % بالشحر".
وبحسب تقرير للوحدة التنفيذية للنازحين ضربت أمطار أجزاء من مناطق وادي حضرموت في منتصف أغسطس 2022 أدت إلى تضرر (356) أسرة نازحة في (134) مأوى دون وقوع إصابات بشرية، وأوصى التقرير بشدة إلى تدخل الشركاء بسرعة للتخفيف من معاناة النازحين.
عودة الاعتقالات التعسفية
وفي 25 نوفمبر/ تشرين ثاني 2022، اعتقلت نقطة تفتيش غرب مدينة المكلا القيادي في التجمع اليمني للإصلاح بحضرموت عوض الدقيل بعد عودته من العاصمة المؤقتة عدن، والنقطة الأمنية تتبع ما تسمى بقوات "النخبة الحضرمية".
وأدان إصلاح حضرموت جريمة الاختطاف، وما تعرض له "الدقيل" بأنه إجراء غير قانوني ويخالف كافة القوانين والأعراف، محملا الجهات التي اختطفته المسؤولية الكاملة عن سلامته، مطالبا المحافظ بن ماضي رئيس اللجنة الأمنية باتخاذ الإجراءات اللازمة للإفراج الفوري عنه.
ومازال القيادي "الدقيل" مختطفا، وسط إدانات ودعوات بالإفراج عنه، حيث دانت منظمة سام الخميس الماضي 29 ديسمبر 2022، جريمة الاختطاف، وطالبت بالكشف عن مصيره فورا، محملة قيادة المنطقة العسكرية الثانية مسؤولية حياته.
إلى ذلك أصدرت شعبة الاستئناف بالمحكمة الجزائية المتخصصة بحضرموت حكما ببراءة الصحفي عبد الله عوض بكير. كما أصدرت المحكمة الجزائية الابتدائية المتخصصة حكما ببراءة الصحفية هالة باضاوي من التهم المنسوبة إليها.
وتزامن صدور احكام بالبراءة مع إصدار منظمة سام بيانا قالت فيه إن عشرات المعتقلين يواصلون إضرابهم عن الطعام منذ شهر، في سجن "المنورة" في مدينة المكلا بعد رفض إدارة السجن، تنفيذ قرار الجهات القضائية بالإفراج عنهم وفقا لأحكام قضائية.