معارك عنيفة وانتصارات وتغيرات في المشهد السياسي والعسكري، وأحداث وفعاليات ثقافية ومشاريع تنموية ومستجدات إقليمية ودولية شهدها العام 2022، أثرت على المشهد اليمني بشكل عام وعلى مارب وجبهاتها بشكل خاص.
فقد شهدت مارب معارك عنيفة، وسقوط ضحايا نتيجة قصف مليشيا الحوثي استهدف مناطق سكنية بما فيها أحياء في مركز المحافظة، كما شهدت احداثا وفعاليات ثقافية وعرضا عسكريا هو الأكبر من نوعه منذ سبتمبر 2014، واختتمت مارب عامها بتنظيم معرض الكتاب الثاني في المحافظة.
إنها مسيرة طويلة لمحافظة تخوض معركة كبيرة ما بين غبار الحرب ومأساة النزوح والمعاناة ومسيرة التنمية وتطبيع الحياة العامة، إنها مهمة صناعة الامل في البناء ومشروع الحياة الباقي والذي من الممكن أن يرى النور بالعزيمة والإرادة.
جبهات القتال والجانب العسكري
في الربع الأول من العام 2022، حققت القوات الحكومية انتصارات في جنوب مارب وحررت مديرية حريب وأجزاء شاسعة شرقي مأرب، واستطاعت كسر سلسلة هجمات حوثية مختلفة في الجبهات المختلفة.
ورغم اعلان الهدنة الأممية، مطلع ابريل/ نيسان، إلا ان المليشيات استمرت في شن الهجمات على مواقع الجيش بالقصف والمسيرات واستحداث مواقع ونقل عتاد واستهداف مارب بالصواريخ.
وشهدت المحافظة خلال 2022، معارك عنيفة أبرزها جبهات جنوب وشمال غرب المحافظة، ففي شهر مارس استعاد الجيش بمساندة طيران التحالف العربي مديرية حريب كما استعاد أجزاء واسعة من صحاري مديرية الجوبة.
وفي ذكرى الثورة اليمنية المجيدة 26 سبتمبر/ أيلول 1962، عاشت محافظة مأرب عرسا ثوريا طيلة الشهر، من خلال الفعاليات الثقافية والندوات واستعراض بتخرج الدورات العسكرية والأمنية احتفاء بذكرى الـ 60 لثورة اليمنيين ضد حكم الكهنوت الإمامي المتخلف.
كما شهدت المحافظة عرضا عسكريا هو الأكبر من نوعه منذ عام 2014، لوحدات قتالية وفنية ومقاومة شعبية، وآليات عسكرية، وبرز في العرض العسكري تطور وتوسع أفراد قوات الجيش الوطني، وضمن الاستعدادات المستمرة لخوض معركة استعادة الدولة من سيطرة الميلشيات.
الأمن في مأرب 2022
تعيش مارب وضعاً امنياً هو الأفضل بين محافظات الجمهورية، بفضل يقظة أجهزتها الأمنية وخبرتها في التعامل مع الوضع الأمني التي اكتسبته خلال سنوات الحرب، والتعامل مع مختلف الظروف الأمنية التي تستدعي احتراف عالي في التعامل مع المحافظة المكتظة بالسكان النازحين من عموم المحافظات اليمنية.
ورغم ذلك لم يشهد الوضع الأمني اختلال كبير مقارنة بالتحديات الكبيرة، لكن لم يخلو ذلك من حوادث امنية وكان أبرزها اغتيال ضابطين من قيادة الجيش، وتقطعات لمسافرين على الخط الدولي شرقي المحافظة من قبل عصابات تقول السلطات "إن لهم ارتباطات بمليشيا الحوثي تسعي لزعزعة استقرار المحافظة".
في فبراير الماضي استهدفت سيارة مفخخة شاحنات تنقل عتاداً عسكرياً للقوات الحكومية، وكانت في طريقها إلى مدينة مأرب، ولم ينتج عن التفجير ضحايا وخسائر مادية. وفي أواخر يونيو الماضي عثر على قائد الوية اليمن السعيد الدكتور عبد الله البقماء، مقتولا في سيارته، بمديرية الوادي، بعد خروجه من منزله بوقت قصير.
ومطلع نوفمبر الماضي، عثر الأهالي على جثة مستشار وزير الدفاع والقائد السابق للواء 81 العميد الركن محمد الجرادي في منطقة السائلة باتجاه الوادي، مقتولا مع مرافقه الشخصي، ونهبت سيارته. ومازالت السلطات الأمنية في المحافظة تحقق في تلك الجرائم.
تنمية وتعليم
ورغم الحرب الطاحنة التي شهدتها المحافظة خلال العام2022 إلا أن المحافظة شهدت مشاريع تنموية في المجالات الخدمية خاصة الكهرباء ورصف الشوارع وفي الصحة والتعليم، وكانت هناك مشاريع وبرامج تنمية لافته خلال العام 2022.
كما نظمت جامعة إقليم سبأ، في مايو الماضي، المؤتمر العلمي الأولي ناقش المؤتمر خلال يومين 40 بحثا وورقة أكاديمية موزعة على أربعة محاور التعليم في اليمن والعلوم التطبيقية، والعلوم الإنسانية والقانونية، والقيادة والإدارة.
أواخر سبتمبر الماضي أعلنت المؤسسة العامة للكهرباء فرع مارب أن المحافظة استغنت عن الطاقة المشتراه بعد إدخال 126 ميجا فولت، إضافة للطاقة المنتجة في المرحلة الأولى بقدرة 50 ميجا فولت، عبر مرحلتين.
في الجانب الرياضي شهدت مدينة مأرب افتتاح ملعب مارب الرياضي، ووضع عضو مجلس القيادة سلطان العرادة ورئيس الوزراء معين عبد الملك، حجر الأساس لتنفيذ المرحلة الثانية من الملعب وتوسعة مدرجاته بسعة إضافية تقدر بـ 3500 متفرج، كما عسكر المنتخب الوطني للشباب داخليا في المحافظة نحو شهرين.
كما تم افتتاح فرعين لبنكين أهليين، حيث دشنت الحكومة في سبتمبر، افتتاح مبنى فرع بنك الكريمي الاسلامي، ومبنى بنك التضامن، الاستثماريين، البالغ كلفتهما الإنشائية والتأثيث والتجهيز مليار و800 مليون ريال، واللذين منحتهما السلطة المحلية ضمن خمسة بنوك استثمارية مساحة الأرض للبناء، في إطار تشجيع الاستثمار.
في جانب التعليم قدمت السلطة الملحية دعما لمكتب التربية بالمحافظة بمبلغ مليار و200 مليون ريال (الدولار 1200 ريال) لطباعة المنهج الدراسي، كما تعاقدت مع 700 معلم لتغطية العجز في مدارس المحافظة، كما شهدت شوارع ومداخل المدينة توسعا وسفلتة.
واختتمت مارب عام 2022، بتنظيم هيئة الكتاب لمعرض الكتاب الثاني بالمحافظة، تحت شعار "مارب تتكلم"، بمشاركة واسعة من دور نشر محلية ووكلاء لدور نشر خارجية بلغ عددها 28 دار نشر، و35 ألف عنوان وأكثر من 800 ألف كتاب. ووفق رئيس المعرض الشريف " زار المعرض 300 ألف خلال الخمسة الأيام الأولى".
النازحون "معاناة قاسية"
تزداد معاناة النازحين مع استهداف المخيمات من قبل المليشيات الحوثية بالصواريخ والمقذوفات، وبسبب الأمطار والسيول الموسمية والتي تسببت بتضرر عشرات الأسر التي فقدت مساكنها بعد أن جرفتها السيول جزئيا أو كليا.
وشهدت المحافظة موجات نزوح جديدة خاصة مطلع العام بسبب المواجهات في مديريات جنوب المحافظة، ونزوح من خارج المحافظة من محافظتي شبوة والضالع، وبحسب منظمة الهجرة الدولية، فقد بلغ عدد الأسر التي نزحت في الجمهورية حتى يوليو خلال نصف العام بلغ نحو 34 ألف يمني منذ مطلع العام 2022، استقبلت مارب نسبة كبيرة من تلك الاسر.
وفي حوار سابق مع "الصحو نت" كشف خالد الشجني مدير إدارة القطاعات والمخيمات بالوحدة التنفيذية للنازحين بمحافظة مارب "إن عدد النازحين في محافظة مارب يمثلون 51% من اجمالي عدد النازحين في الجمهورية، ويبلغون أكثر من 2,2 مليون نازح غالبيتهم من النساء والأطفال".
وفي أغسطس/ آب، قالت الوحدة التنفيذية لمخيمات النازحين في مأرب (حكومية)، "إن أكثر من 16700 أسرة نازحة بمأرب، تضررت جراء الأمطار والسيول الجارفة، منها (5.287) أسرة تضررت بشكل كلي، و(11.448) أسرة تضررت بشكل جزئي، وشهدت مدينة مأرب خلال صيف 2022 أمطارا غزيرة نتج عنها سيول جارفة، ويعد مخيم الجفينة أكبر مخيم للنازحين على مستوى اليمن وواحد من بين 197 مخيما للنازحين أغلبها في مديريتي المدينة والوادي.
وفي 20 ديسمبر/ كانون أول 2022 دعت الوحدة التنفيذية للنازحين بمأرب، منظمات الإغاثة إلى التدخل السريع والطارئ لمساعدة وإنقاذ آلاف الأسر النازحة من مخاطر الموت بموجات البرد القارس والصقيع. وقالت "أن 81 ألف أسرة نازحة بمديريتي مأرب الوادي ومدينة مأرب تواجه شتاء قاسيا تفتقر لأدنى الخدمات وأساسيات المعيشة من طعام وماء وتدفئة ومأوى يحميهم ويحفظ لهم كرامتهم".
انتهاكات وجرائم حوثية
انتهاكات المليشيات لم تتوقف منذ اعلان الهدنة، سواء بالمسيرات والقصف، وزراعة الألغام، وغيرها من الانتهاكات. من أبرز الانتهاكات استهداف منزل الشيخ "حسن محمد شعفان" في 15 مايو/ آيار 2022، في مديرية رغوان غربي المحافظة بطائرة مفخخة، وأصيب ثلاثة مدنيين جراء الهجوم بينهم طفلة.
وفي نوفمبر الماضي قتل وأصيب نحو 40 مدنياً بينهم نساء وأطفالا نتيجة استهداف مليشيا الحوثي لمدينة مارب بقصف صاروخي. ووثق تقرير حقوقي الأسبوع الماضي، ارتكاب مليشيا الحوثي نحو 2700 انتهاكاً بحق المنشآت الصحية والكوادر الطبية خلال سنوات الحرب،
بالإضافة إلى قتل وأصيب عشرات المدنيين معظمهم أطفال ونساء، جراء الألغام التي زرعتها ميلشيات الحوثي في عدد من مديريات المحافظة، خاصة في مديرية حريب التي سيطرة عليها مليشيا الحوثي أواخر 2021.
فقد لقي عدد من المسافرين وأبناء المديرية مصرعهم بسبب تلك الألغام، قبل أن يتمكن مشروع مسام بعد تحرير المديرية من نزع الألغام من تطهير معظم المناطق. ورصد مراسل "الصحوة نت" مقتل 12 شخصاً، مطلع العام الجاري أغلبهم في مديرية حريب، بحسب ما نشر المرصد اليمني للألغام.
وتبقى مأرب المحافظة الوحيدة التي انتعشت في ظل الحرب التي تشهدها منذ ثمان سنوات، إذ شهدت نهضة تنموية غير مسبوقة، وهو ما يجعلها بلا منازع مدينة التنمية والحرب.