في اليوم العالمي للضاد.. شكرن جزيلن

في اليوم العالمي للضاد.. شكرن جزيلن

أن يُخصّصَ يومٌ يتيمٌ للغة الضاد فهذا كثير من منظمة لقي العرب منها شتى مظاهر الإقصاء والتهميش والتغييب في مختلف الصعد الفكرية والسياسية، وهي بهذا اليوم الأعرج تتجاهل بتعمد واضح ذلك الإقبال المتعاظم في شتى أقطار المعمورة على تعلم العربية، لغة القرآن الكريم دستور ذلك الدين الذي بدأ يحتضن بلاد الشرق والغرب تحقيقا للعولمة المنتظرة التي بشر بها القرآن الكريم، حين أكد أن هذا الدين لم يأت ليجمد في بقعة أرضية محدودة، وإنما جاء "رحمة للعالمين" وما دام كذلك فإن من البشارات الضمنية لهذا المبدأ أن تكون لغة الضاد هي الأداة التي تنقل هذه الرحمة الإلهية رغم كيد الكائدين، وتجاهل الحاقدين.

وبعد:

فهذا شق من الاحتفاء البئيس بلغة السماء وبلغة الرحمة.. أما الشق الآخر فيبدو أكثر قسوة وأشد إيلاما لأنه ينم عن خذلان ظاهر للغة الضاد من أبناء الضاد أنفسهم.

يبدو أكثر قسوة حين تجد أستاذا جامعيا يكتب على حائطه بالفيسبوك محتفيا بيوم العربية، ثم يكتب (اللغه العربيه) بدلا عن اللغة العربية، ويكتب (ينموا) بدلا عن ينمو، ويكتب (وانا اعتقد) بدلا عن وأنا أعتقد، ويكتب (فأذهبو) بدلا عن فاذهبوا، ولو أن مقاله اشتمل على كلمات تحتوي على حرفي الظاء والضاد مثل ظهر وضاع وظفر وضاق لخالف بينهما وكتب ضهر وظاع وضفر وظاق، لكنه جهد المقل التعيس.

ومثل هذه الأخطاء الفاحشة حين تصدر عن شخصية لم تفلح الدراسات الطويلة في إصلاحها، فإنها لا تعدُّ أخطاء، ولكنها خطايا، بل وطعنات قاتلة في صميم اللغة، يستنسخها عنه طلابه، فتنتشر وتتكاثر مثلها في ذلك مثل تلك الأشجار الشوكية التي تنتشر في مزارع الخضار مندسةً بين الأشجار الصغيرة، فيعجز المزارعون عن القضاء عليها لسرعة تكاثرها، ثمّ لا يخلو أن ينالوا منها أحد الضررين: جروحا في الأيدي والأقدام أو فسادًا في المحصول.

وكل هذه الأخطاء والبروفيسور يكتب مقاله عن اللغة في يومها العالمي الباهر، وهو فرح مسرور، فما الذي كان يمكن أن يتضمنه مقاله القيّم لو أنه كتب حزينا مغتما عن اختفاء الغاز المنزلي، أو الارتفاع الذابح في أسعار المواد الغذائية؟!

ويبدو أشد قسوة حين تجد عشرات القنوات الفضائية العربية وهي تسلخ الفصحى سلخا عنيفا أما بطوفان الأخطاء التي تكتسح موادها وبرامجها، أو بإحلال العاميات على كثرتها محل الفصحى الجامعة المانعة.. وكم هو مؤلم حين تجد هذا الأمر قد بدأ يغزو تلك القنوات التي كانت إلى وقت قريب متألقة في سماء الفصحى.

ويبدو أكثر قسوة حين تتسابق مخرجات الدراما العربية في النيل من المدرس سخريةً وتبكيتاً، واستهزاءً وانتقاصًا، ولمدرس اللغة العربية في ذلك القسط الأكبر والنصيب الأوفى، فهو المتقعّـر لغةً، النحيل جسما، ثيابه رثة مقطّعة، وأفكاره سطحية، ويبدو دائما متخلفا عن عصره، لا همّ له إلا الخصومة بين عَمْرٍ وزيد.

ورغم كمية النكد هذه سنحتفي بلغتنا الجميلة مع العالم هذا اليوم، وسنهتف للأمم المتحدة على طريقة البروفسور الجميل: شكرن جزيلن.

القائمة البريدية

أشترك معنا في القائمة البريدية لتصلك كل الاخبار التي تنشرها الصحوة نت

تواصل معنا

الجمهورية اليمنية

info@alsahwa-yemen.net

الصحوة نت © 2023 م

الى الأعلى