تمر الأيام ويكاد 2022م على الرحيل دون أن يحمل هذا العام أي تقدم يذكر على الساحة اليمنية في طريق استعادة الشرعية واسقاط الانقلاب ، وذهبت كل الجهود في اتجاهات أخرى فرعية لا تحقق الهدف الذي من أجله تحرك الداخل والإقليم والعالم حين اتفق الجميع وقتها على ضرورة استعادة الدولة الشرعية بكامل مؤسساتها وعاصمتها المختطفة واسقاط الانقلاب بأفعاله وأشخاصه وأثاره .
من أسوأ ما تم خلال هذا العام أن تحولت الهدنة إلى مطلب وهدف رئيسي مُلِح دون أن تكون جزء من عملية سلام شاملة ، وهو ما كان ينبغي يكون ، وحتى تتضح الصورة فلست ضد الهدنة بالمطلق لكني ضد أن تصبح غاية في حد ذاتها ولا ترتبط باشتراطات تمثل طريقاً لعملية سلام شامل يضمن استعادة الدولة الشرعية ، وللأسف فإن ما تم وبصيغته تلك منح المليشيات الانقلابية المزيد من الوقت والأمان للسير في تثبيت اركان انقلابها أكثر ، ومن ثم العودة لاستهداف الاعيان المدنية والمنشآت الاقتصادية وتهديد أمن الطاقة العالمي وطرق الملاحة الدولية ، واستفاد الانقلابيون من مرحلة الهدنة لمنحهم الوقت للحركة والعمل والتجهيز .
الأسوأ أننا اليوم ونحن على مشارف رحيل العام يتحدث العالم عن استعادة الهدنة! لا عن استعادة الشرعية ، وكمثال فقط فالبيان الأوربي الأخير تحدث بهذه اللغة إذ عبّر الاوربيون عن قلقهم من انهيار الهدنة وطالبوا باستعادتها ، وتحدثوا عن "الأطراف المتنازعة" وهذه اللغة لا تتناسب مع الوضع اليمني باعتبار أن هناك حكومة شرعية يعترف بها العالم وانقلاب أدانه العالم كذلك ، والسير في عملية إيقاف الحرب وبناء السلام يحتاج الى خطوات متوازية ومتكاملة تشكل الهدنة جزء منها ولا يمكن الاقتصار عليها .
وللعلم فالاتحاد الأوربي لم يستجب حتى اليوم لمطالبات الحكومة بتصنيف جماعة الحوثي كجماعة إرهابية ، وهذه جزئية مهمة لابد على المجلس الرئاسي والدبلوماسية اليمنية من تحريكها ومخاطبة القارة الاوربية باللغة التي تفهمها وهي لغة امن الطاقة الذي تهدده هذه الجماعة الانقلابية ، سواءً عبر ضرب مواني التصدير للنفط او عبر تهديد طرق وصول النفط من الخليج إلى اوربا والذي يمر عبر باب المندب والبحر الأحمر .
نحن اليوم مطالبون كدولة وكحلفاء وكشعب بالعودة الى هدفنا الرئيسي المتمثل باستعادة الشرعية اليمنية بكل مكوناتها السياسية والاقتصادية لتعود البلد الى حالة الاستقرار الذي يضمن للشعب الرخاء ويقيم علاقات الود مع المحيط الاقليمي ، ويرعى مصالح العالم المتناسقة مع مصالحه ، ولا يشكل تهديداً لاحد في الاقليم والعالم بل شريكاً على قاعدة تحقيق المصالح المشتركة ، وهذا كله لن تحققه هدنة مجتزئة لا ترتبط بأي خطوات أخرى تقود لهدف استعادة الدولة الشرعية.