المرأة ومكانتها في الإسلام

المرأة ومكانتها في الإسلام

يعد وضع المرأة في أي مجتمع ، أحد المعايير الأساسية لقياس درجة تقدمه ، إذ لا يتقدم المجتمعُ إلا إذا تقدمت المرأةُ – بالمعنى الحقيقي للتقدم - لأنها الأمُ والأختُ والزوجةُ والبنتُ ، وتخلفها لابد أن يؤثرَ على الرجل ، بل ويؤثرَ على المجتمع ومن ثم على الأمة ، وبالتالي فكلما تقدمَتْ المرأةُ تقدم المجتمع ، وكلما تأخرتْ تأخرَ المجتمع لأنه لا يتصور أن يتقدم مجتمع في عصرنا الحالي بخطى منتظمة  ووراءه النصف في حالة تخلف.

       في أي عصر من العصور على مر التاريخ الانساني يوجد تفاوت في نظرته تجاه المرأة في كل المجتمعات لكن يظل القاسم المشترك لكثير من تلك المجتمعات هو امتهان المرأة وان اختلف ذلك من مجتمع لآخر بين حدة وشدة وتوسط لكنها تشترك في النظرة الدونية للمرأة ودورها في المجتمعات ولا تكاد تجد  أي دور للمرأة  فاعل في المجتمعات البشرية القديمة وجاءت الشرائع السماوية وأسهمت في التخفيف عن المرأة ، ورفع الكثير من المظالم التي كانت تحيق بها لكن مع الأسف تعرضت الرسالات السماوية للتحريف وخاصة بما يتعلق بنظرتها للمرأة بشكل مباشر والعودة بها الى ما كانت عليه من الظلم الحاصل لها، وقبل ان نتطرق الى مكانة المرأة في الدين الإسلامي لابد لنا من التعرج سريعا الى مكانة المرأة عند بعض الأمم لنستوضح الصورة بشكل أعمق والتي تجسد حقيقة مكانة المرأة في تلك المجتمعات وما يقابله من علو شأن المرأة في الدين الاسلامي ..

 

    عند اليهود – الدين المحرف -  لم يكن لها الحق في الحياة بعد وفاة زوجها بل يجب أن تموت يوم موته واذا كانت حائضا أو نفساء كانت تنبذ وعليها ان تعتزل الرجال ولها مكان خاص تعتزل فيه فلا تقرب المجالس حتى في البيت  ،  كما انها تنزع منها الولاية  وللأب عند اليهود أن يبيع ابنته ان احتاج للمال ويأتي النبي صل الله عليه وسلم ليعلم العالم أجمع بان للمرأة حقوق على وليها فحث الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- في أحاديثه على الإحسان إلى البنات والأخوات، حيث قال: (مَنْ كان لهُ ثلاثُ بناتٍ أوْ ثلاثُ أَخَوَاتٍ، أوْ بنَتَانِ، أوْ أُخْتَانِ، فَأحسنَ صُحْبَتَهُنَّ واتَّقَى اللهَ فيهِنَّ؛ فَلهُ الجنةُ (

        وعند العرب في الجاهلية لا يخفى عليكم كيف كانت ممتهنة واشدها بان اذا بشر احدهم بالأنثى اسود وجهه من سوء ما بشر به ويعتبر ذلك من العار لا يمكن الخلاص منه الا بالوأد ودفنها وهي حية .

        فلقد جاء التشريع الإسلامي تصحيحاً لكل الأوضاع الجائرة التي عانت منها المرأة قديماً وحدد لها بشكل عادل لمكانتها في المجتمع ، حيث قضى على مبدأ التفرقة بين الرجل والمرأة في القيمة الإنسانية المشتركة ، ومنحها من الحقوق المادية والروحية ما رفع مكانتها إلى مرتبة لم تصل إلى مثلها بعد ، أحدث القوانين في أرقى الأمم الحديثة وذلك لأن مبادئَ الإسلامِ تدورُ حول الحريةِ والمساواةِ والعدالةِ والتي ينادي بها العالم اليوم ..والتي يقابلها في الشريعة الإسلامية العدل والقسط والإحسان ..

 لقد  حير الأوروبيين طويلا سؤال مفاده  ... هل المرأة انسان !  فقد اجتمعوا سنة 586م في فرنسا ليبحثوا هذه القضية ويجيبوا عن هذا السؤال ثم قرروا بعد الاجتماعات والتداولات والنقاشات المستفيضة بأن المرأة انسان لكنها خلقت في خدمة الرجل ولم يمض على هذا الاجتماع سوى ثلاثين عاما حتى بعث النبي صل الله عليه وسلم ليعلن للعالم أجمع بأن النساء شقائق الرجال وأن الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة .. وفي ذلك بيانٌ جليٌّ أنّ النساء مساوياتٌ للرجال في القدر والمكانة، فلا يوجد أي شيءٍ ينتقص مكانهنّ وقيمتهنّ .

لقد استمرت الصراعات الاجتماعية في الدول الأوروبية عبر مراحل تاريخية متعددة و المتابع لذلك يلحظ أن لتاريخ الصراع الاجتماعي فيما يخص المرأة في المجتمعات الغربية  موجات ثلاث سميت فيما بعد بالموجات النسوية والتي تشكلت في خضم الحراك النسوي في المجتمعات الأوروبية والتي كانت على النحو التالي :

1.     الموجة الأولى بدأت 1792 وانتهت في 1920  وكانت في المجتمعين الأمريكي والبريطاني  وتركزت حول عدة قضايا أهمها  وقف التمييز ضد النساء والحصول على حق الاقتراع والحق في التعليم والتملك 

2.     الموجة الثانية بدأت 1960 وانتهت 1980 وتركزت حول الأنثوية وادخلت دراسات النوع او الجندر وكانت ابرز المطالب في منح المرأة الحق في الإجهاض ،  تجريم التمييز القائم على الجنس ، مساواة المرأة بالرجل في الأجور  

3.     الموجة الثالثة بدات 1980 ولا تزال مستمرة  حتى اليوم وجاءت هذه الموجة بمثابة احتجاجا على سابقتها متهمة إياها بالتمييز بتجاهل قضايا النساء من العرقيات الأخرى كالسود ودول الجنوب

وفي خضم هذا الصراع وتلك الموجات لم يشهد العالم العربي والإسلامي مثل هذا الصراع بل كانت المرأة متربعة على الحياة بشكل عام ولها الحضور الذي يدعمه الشرع الإسلامي في شتى المجالات

إسلاميا كانت فكرة العلاقة بين الرجل والمرأة هي علاقة تكاملية لا تنافسية بين النساء والرجال حاضرة حتى في زمن الرسول صل الله عليه وسلم والصحابة من بعده والشواهد التاريخية على ذلك كثيرة منها حديث وافدة النساء أسماء بنت يزيد الأنصارية مع النبي وسؤالها عن مشاركة النساء للرجال في الأجر والثواب  .. أخرج البيهقي عن أسماء بنت يزيد الأنصارية [أنها أتت النبي صلى الله عليه وسلم وهو بين أصحابه فقالت: بأبي أنت وأمي إني وافدة النساء إليك، وأعلم نفسي - لك الفداء - أنه ما من امرأة كائنة في شرق ولا غرب سمعت بمخرجي هذا إلا وهي على مثل رأيي، إن الله بعثك بالحق إلى الرجال والنساء فآمنا بك وبإلهك الذي أرسلك، وإنا معشر النساء محصورات مقصورات، قواعد بيوتكم، ومقضى شهواتكم، وحاملات أولادكم، وإنكم معاشر الرجال فضلتم علينا بالجمعة والجماعات، وعيادة المرضى، وشهود الجنائز، والحج بعد الحج، وأفضل من ذلك الجهاد في سبيل الله، وإن الرجل منكم إذا خرج حاجاً أو معتمراً أو مرابطاً حفظنا لكم أموالكم، وغزلنا لكم أثوابكم، وربينا لكم أموالكم، فما نشارككم في الأجر يا رسول الله؟ فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه بوجهه كله ثم قال: هل سمعتم مقالة امرأة قط أحسن من مُساءلتها في أمر دينها من هذه؟ فقالوا: يارسول الله! ما ظننا أن امرأة تهتدي إلى مثل هذا؟ فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم إليها ثم قال لها: انصرفي أيتها المرأة وأعلمي من خلفك من النساء إن حسن تبعل إحداكن لزوجها، وطلبها مرضاته، واتباعها موافقته، يعدل ذلك كله. فأدبرت المرأة وهي تهلل وتكبر استبشارا ..

فلقد صان الإسلام كرامة المرأة وهيبتها في نفوس من حولها سواء أكان في نطاق الأسرة أو المجتمع  فحرّم على  وليها  وعلى المجتمع ان ينتهك ادنى حق من حقوقها وصانها بحقوق اوجبها الاسلام على وليها سواء اكان اب ام اخ ام ابنا فأصبح معيار التعامل مع المرأة قول النبي   ما اكرمهن الا كريم وما اهانهن الا لئيم فمن إكرام المرأة دليل على الكرم والنبل، وإهانتها دليل على الخسة واللؤم، فما أكرم النساء إلا كريم وما أهانهن إلا لئيم. و النبي صلى الله عليه وسلم يقول: خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي.

 لقد  تدرج الاسلام في حصر كل ما من شأنه أن يضمن حقوق المرأة وعدم الاضرار بها بتاتا سواء اكان ضررا ماديا او نفسيا او جسديا أو معنويا  حتى وصل لحقّ المأكل والمشرب والملبس والسّكن، فمن الحقوق:

الحق في الحياة الكريمة الحق في المساواة ( القسط )

         أقرّ النبي -صلّى الله عليه وسلّم- مبدأ تساوي الرجل والمرأة في المساءلة أمام الله تعالى، فكلّ واحدٍ منهما يعمل في دوره الذي شرعه الله تعالى له، فيكون مسؤولاً عن ذلك يوم القيامة، يقول الله -تعالى-: (مَن عَمِلَ صالِحًا مِن ذَكَرٍ أَو أُنثى وَهُوَ مُؤمِنٌ فَلَنُحيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً وَلَنَجزِيَنَّهُم أَجرَهُم بِأَحسَنِ ما كانوا يَعمَلونَ)،[٦] وَقُلِ اعمَلوا فَسَيَرَى اللَّـهُ عَمَلَكُم وَرَسولُهُ وَالمُؤمِنونَ

قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: (كلُّكم راعٍ ومَسؤولٌ عن رَعيَّتِه؛ فالإمامُ راعٍ ومَسؤولٌ عن رَعيَّتِه، والرَّجلُ في أهلِه راعٍ وهو مَسؤولٌ عن رَعيَّتِه، والمرأةُ في بيتِ زَوجِها راعيةٌ وهي مَسؤولةٌ عن رعيَّتِها).[

الحق في اختيار الشريك:

      أكّد الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- على حقّ الفتاة في اختيار شريك حياتها، ولم يُجز النبي للآباء أن يجبروا بناتهم على الزواج بمن لا يرغبون من الرجال. كانت آخر وصايا النبي -صّلى الله عليه وسلّم- للمسلمين في حجة الوداع، أن يستوصوا بالنساء خيراً.ويحضر لدينا قصة الفتاة التي أجبرها ابوها على الزواج فاشتكت ذلك للنبي ووقف بصفها مدافعا عن حقها في اختيار شريك حياتها ثم اتبعت الفتاة قولها للنبي ان تجيز ما اجازه لها ابوها من الخطبة وانما ارادت ان تعلم من بعدها اهمية حقها في ذلك كما تحمل هذه الحادثة دلالة غاية في الأهمية وهو مدى فهم المرأة المسلمة ووعيها بحقوقها التي كانت قبل وقت قصير لا تدركه ولا يحق لها ان تتفوه ببنت شفة ..!

  ووفقاً لما أوضحته الباحثة الإسلامية الدكتورة خديجة النبراوي صاحبة أول موسوعة لأصول الفكر السياسي والاجتماعي في الإسلام، أن الإسلام الحنيف أول من أرسى حقوق المرأة المادية والمعنوية معاً، والتي تمثل واجبات الرجل نحوها، وذلك في توازن عجيب يحقق للمرأة كمخلوق عاطفي كل ما تصبو إليه من حب وعطف ورعاية، كما أوجب الإسلام على المجتمع ككل وأولى الأمر حقوقاً للمرأة تتمثل في الرعاية الاجتماعية والاقتصادية والعاطفية أيضاً، وهي حقوق لا يوجد لها مثيل في أي قانون في العالم

 

حقُ التعليمِ :

        فرض الإسلام طلبَ العلمِ على الرجلِ والمرأةِ على حد سواءً فقال الرسول صل الله عليه وسلم :(طلبُ العلمِ فريضةٌ على كلِ مسلمٍ ومسلمةٍ كماخصّص الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- لنساء المؤمنين عامةً، يوماً خاصاً بهنّ، يعلمهنّ فيه أمور الدين. (

وحثّ الإسلامُ المرأةَ على أن تتعلم حتى تصلَ إلى أعلى المستوياتِ العلميةِ ، ولذلك نرى أمهاتَ المؤمنينَ زوجاتِ الرسول (ص) يتعلّمن ويأمرّهن الله أن يعلّموا المؤمنين جميعاً ذكوراً وإناثاً قال تعالى ((واذكرن ما يُتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة كما حث عليه الصلاة والسلام بأخذ العلم عن امنا عائشة فقال: ((خذوا نصف دينكم عن هذه الحُميّراء )) وهذه الاشارة العميقة دفعت بكثير من المسلمات الى انتهاج سلك التعليم والتعلم فهذه السيدة أم البنين زوجة الوليد بن عبد الملك وأخت الخليفة عمر ابن عبد العزيز خامس الخلفاء الراشدين إحدى فقيهات الإسلام عالمة محدثة ذات رأي وجود وسخاء) ، وهذه السيدة سكينة بنت الحسين ابن علي رضي الله عنهم الأديبة والشاعرة ، وهذه السيدة عائشة بنت طلحة الأديبة والعالمة في التاريخ ، ولم يقفْ دورُ المرأةِ عند حد التفوقِ في العلمِ والسعيِ فقط، وإنما شاركتْ المرأةُ في جميعِ العصورِ الاسلامية في النهضةِ الحضَاريةِ في شتى المجالات ففي الطب صارت طبيبة كأم أيمن (حاضنة الرسول صلى الله عليه وسلم) والتي شهدت غزوة أحد وكانت تمرض الجرحى وتداويهم) ، وأم عطية الأنصارية (التي أثرت تاريخ النساء في الجهاد والفقه ورواية الحديث )، ورفيدة الأسلمية (صاحبة الخيمة الطبية الأولى في التاريخ الإسلامي واشتركت في غزوتَيْ الخندق وخَيْبر وكان يُطلق عليها (الفدائية) لأنها كانت تدخل أرض المعركة تحمل الجرحى وتُسعف المصابين بل وصارت قاضيةً كالشفاء (بنت عبد الله العدوية) التي  تميزت بالعلم ورجاحة العقل، حتى رُوي أنّ عمر الخطاب أوكل إليها مراقبة الأسواق وعمل الحسبة، فتقضي للمتخاصمين من التجار في السوق

 

حقُ المشاركةِ السياسيةِ :

         المرأةُ لها الحريةُ السياسيةُ التي تجعلها تشاركُ في إدارةِ شئونِ البلادِ ، وتشاركُ في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية والمحلية ، ولأن المرأةَ لها شخصِيتَها المُستقلة عن الرجل وحيويتها المستقلة عن الرجل ، فقد أخذَ الرسولُ (ص) منهنَ البيعةَ ، ولم يكتفْ ببيعةِ الرجالِ ، قال تعالى ((يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك ….)) سورة الممتحنة: 12.

 وشهدت المرأة النشاط  السياسي منذ فجر الدولة الإسلامية بل انها ساهمت وبكل جدارة في تأسيس الدولة الناشئة في جزيرة العرب 

فقد ذكر لنا  ابن حجر العسقلاني في ترجمته وحدها نحو ( 150) صحابية من المبايعات في تأسيس الدولة والمشاركة السياسية في مراحل لاحقة ..

كما أن النبي صل الله عليه وسلم قد أخذ بمشورة ام المؤمنين ميمونة في صلح الحديبية

وهذه امرأةٌ تعارضَ أميرَ المؤمنينِ عمر بن الخطاب عندما قال “لا تغالوا في المهور ، فوقفت المرأة وقاطعته في الخطبة وقالت : أيعطينا الله ويمنعنا عمر ” قال تعالى (( وآتيتم إحداهن قنطاراً فلا تأخذوا منه شيئاً )) سورة النساء :20 .

فاللهُ قال قنطاراً ولم يحدد أيّ نوعٍ ذهباً أو فضةً أو غيره ، فرجع سيدنا عمر عن رأيه وقال “أصابت امرأة وأخطأ عمر” . والتاريخ يخبرنا أن أم الخليفة المقتدر العباسي ترأست محكمة الاستئناف في بغداد وغيرها الكثير من المواقف

فالمرأةُ لها الحقُ في المشاركةِ السياسيةِ ، والمشاركةِ الاجتماعيةِ ، وكذلك ممارسةَ الحياةِ النيابيةِ ، والإشرافِ على الشئونِ العامةِ التي تتصل بمصلحةِ الوطنِ والمواطنِ . 'طالما وان لها القدرة على المشاركة السياسية وتمتلك أدوات الفعل السياسي فلا مانع من نشاطها من المنظور الإسلامي

وتزخر الكتب التراث الإسلامي بما يؤكد الحضورالقوي  للمرأة وانها لم تكن مهمشة او مستضعفة في فترات كثيرة من تاريخ الحضارة الإسلامية قلم تشهد المراة المسلمة عبر التاريخ الإسلامي الصراع الاجتماعي او السياسي الذي شهدته المراة الاوربية مع مجتمعها  فالمرأة المسلمة تاريخيا :

في العلوم الطبيعية أوردت كتب التاريخ اكثر من ( 100) عالمة في الطب والهندسة والرياضيات .

في العلوم الشرعية ترجم السخاوي لأكثر من ( 1000) فقيهة ومحدثة..

 حوت موسوعة الندوي تراجم نحو عشرة الاف من المحدثات هذا كله يدل على ان الإسلام لم يكن في يوم من الأيام ليقف عائقا امام المرأة بل انه ضمن حقوقها بكل قوة وأثبتت المرأة المسلمة جدارتها في نيل كل حقوقها العامة وعلى كل الصعد من بيتها الى المشاركة في شؤون الحكم والسياسة ..

الا ان سلطان العادات تغلب على سلطان الشرع بمفاهيم مغلوطة عن دور المرأة وقيدت حركة المرأة بعادات وتقاليد هي بعيدة كل البعد عن الروح المقاصدي للإسلام  من ضرورة نشاط المرأة اجتماعيا وسياسيا على كل الصعد وقد قعد له الشرع النصوص والأحاديث الكثيرة وضبط عمل المرأة وفق تلك المقاصد المعلومة ..ونستعرض بعض من تلك

المفاهيم مغلوطة عند الناس عن المرأة:

 

حق الميراث ..

من الشبهات التي أثيرت لتنال من مكانة المرأة الفهم الناقص في  قوله تعالى : “للذكر مثل حظ الأنثيين” النساء:176، ونرد فنقول إن هذا نوع من التوازن العادل بين الحقوق والواجبات بل هو من الرحمة بالمرأة ، وذلك لأن الرجل عليه أعباء وتكاليف كثيرة  فالمسألة بعيدة تماماً من الانتقاص والنيل من كرامة المرأة ، فلقد  حرص الاسلام اشد الحرص على ان تأخذ المرأة كامل حقوقها من  الميراث والحقيقة ان  الحالة التي وردت في الآية ــ واستشهد بها أعداء المرأة ممن يدعون كذبا وزورا بانهم يودون تحريرها ــ ماهي الا حالة واحدة والحقيقة الكاملة في حق المرأة في قصة الميراث على النحو التالي :

حالات الميراث 34 حالة .. منها عشر حالات الانثى تتساوى مع الذكرــ  وعشر حالات الأنثى تحجب الذكر تماما فلا يرث ــ   وعشر حالات الانثى تتفوق على الذكرــ  وللذكر  اربع حالات فقط يتفوق بها على المرأة .. !

 

القوامة :

 “القوامة” ، قال تعالى : “الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم” .النساء:34

القوامة : معناها كثرة القيام بشئون الزوجة والبيت ورعاية أموره وهذه هي الدرجة الواردة في قوله – تعالى – : “وللرجال عليهن درجة” ، قال العلماء : ليست درجة حق خلت من واجب ، فإذا كان للزوج حق القوامة ، فعليه واجب العشرة بالمعروف ، فالقوامة : هي مسئولية وتكاليف على الرجل ، وهي مصاحبة لمساواة المرأة بالرجل في الحقوق والواجبات ، فهي تفرض على المرأة شيئاً وعلى الرجل أشياء .

والقوامة مقيدة ومشروطة بشرطين :

الأول : بتفضيل الله بأن يكون رجلاً حقاً .

الثاني : بأن ينفق على بيته .

فإذا لم يقم الرجل بهذين الشرطين سقطت قوامته ، إذن ليس معنى القوامة الديكتاتورية والاستبداد والقهر من الرجل للمرأة ، بل هي مسئولية وتكليف وقيام بالواجبات.. و احسان في الشراكة ببناء حياة اسرية مستقرة بالتالي فان الله حمل الرجل مسؤولية في مقابل ان ترتاح المرأة في الدنيا والآخرة والرجل هو المحاسب بامر الله تعالى في الدنيا والآخرة ثم ان القوامة تعني الخدمة على مصالح الزوجة والبنت والأم والأخت وتعني العطاء 

خلقن من ضلع أعوج:

قال أبو هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَن كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ واليَومِ الآخِرِ، فلا يُؤْذِي جارَهُ، واسْتَوْصُوا بالنِّساءِ خَيْرًا، فإنَّهُنَّ خُلِقْنَ مِن ضِلَعٍ، وإنَّ أعْوَجَ شيءٍ في الضِّلَعِ أعْلاهُ، فإنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ، وإنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أعْوَجَ، فاسْتَوْصُوا بالنِّساءِ خَيْرًا).[١]

وفي هذا الحديث يتبين المسلم معنى الوصية النبوية بالنساء، فقد دعا نبي الله رجال أمته إلى الإحسان في معاشرة النساء، والتواصي على ذلك، مبيناً حالهن وكيف خلقهن الله من ضلع آدم الأيسر، وأن أعوج ما في هذا الضلع أعلاه، والاعوجاج هنا وصف لا يعني الانتقاص وانما بيان لغلبة العاطفة عند المرأة ليتوافق مع مهمتها في الحياة على عكس الرجل في هذا الجانب ايضا ليتوافق مع مهمته الشاقة في الحياة . ( فلولا اعوجاج الضلع لما حفظ القلب في مكانة )

 

في كل ما استعرضناه يثبت حقيقة لا لبس فيها بأن المرأة في الاسلام لها من المكانة العظيمة التي تحميها من أي انواع الظلم والاستبداد وغيره لذلك حاز الدين الاسلامي السبق في رفع مكانة المرأة مالم تجده في أي قانون او دستور سواء اكان على المستوى الدولي او الأمم المتحدة او الوضعي في أي دولة من دول العالم المتحضر ..

        وحقيقة الواقع ما نعانيه هو اللبس في الفهم الصحيح لمقصد الدين الاسلامي من اعتبار المرأة مكرمة وهذا ما نحتاج اليه اليوم عبر المنظمات المجتمع المدني من نشر الوعي بين كل الطبقات الاجتماعية عن معرفة حقوقها الصحيحة وان لا تستسلم للمغالطات التي اسرتها العادات والتقاليد التي انحرفت عن القصد الصحيح من النصوص القرآنية والأحاديث النبوية في ضمان حقوق المرأة في الاسلام انما يجب التأكيد على أهلية المرأة ولها كل الحق في ممارسة انشطتها الاجتماعية بشكل عام وقد وضع لها الشارع الضوابط الشرعية التي تكفل صونها وحمايتها في خضم انغماسها في كل مجالات الأنشطة المختلفة.

 

*ورقة عمل مقدمة في ندوة للقطاع النسوي لأحزاب المؤتمر والإصلاح والناصري والاشتراكي في تعز حول واقع المرأة اليمنية ودورها المأمول

القائمة البريدية

أشترك معنا في القائمة البريدية لتصلك كل الاخبار التي تنشرها الصحوة نت

تواصل معنا

الجمهورية اليمنية

info@alsahwa-yemen.net

الصحوة نت © 2023 م

الى الأعلى