اشكالية بناء جسور التواصل بين الكاتب وقرائه

اشكالية بناء جسور التواصل بين الكاتب وقرائه

ظلت قضية ارتباط الكاتب او الأديب بجمهوره أو بقرائه أشكالية طالما شغلت الكثير ممن يهمهم الأمر ، وما ذلك إلا كونها جوهر العملية التفاعلية برمتها ، ومن هنا كان لزاماً أن تخضع القضية بين وقت لأخر للحديث والنقاش المستفيض تأصيلاً وتجديداً وتقويما .

ثمة أمور  تجعل الجسر بين الكاتب وقرائه مكتملاً ، ولعل أهمها اللغة التي يغلّف بها الأديب إبداعه ، واللغة التي أشير إليها هنا لا تقتصر على المعنى التقليدي المستهلك والذي تبدو فيه أحرفاً ومفردات ، إنما أريد بها المنظومة المتكاملة من الأحرف والمفردات والموضوعات والانفعالات ، وقبل هذا وذاك الروح التي يبثها الكاتب في ثنايا لغته ، فيحس القارئ أن روحاً طيبة تسكن النصوص ، والارواح تشتاق لبعضها بالتأكيد .

ومع هذا وذاك فلابد من إعطاء مسالة اللغة بمعناها التقليدي كأحرف ومفردات حيزاً من اهتمام الكاتب ، فلا افراط ولا تفريط بل مخاطبة القارئ بما يفهمه ، مع الأخذ بيده ليطوّر من لغته ومفرادته ، فيصبح جسر التواصل بين الطرفين أشد متانة وأكثر نفعاً .

كما إن تواجد الكاتب في تفاصيل الحياة اليومية للقراء ومشاركتهم إياها يجعل من تناولاته تلامس جوانب هذه الحياة ، وبالتالي تجد حروفه طريقاً معبّداً إلى شغاف قلوبهم ، وهذا لعمري جسرٌ مكين من سلكه نجا من أفة "الغربة" التي فيها يبدو الكاتب من كوكبٍ مغايرٍ تفصله سنوات ضوئية ليصل إلى القارئ .

ومع تعدد وسائل التواصل بين المجتمعات والأفراد وتطور وسائل المعرفة برز تحدٍ من نوع جديد بات فيه لزاماً أن يكون الكاتب قادراً على مجاراة هذا التطور والتعدد في التواصل والمعرفة ، والاستفادة منه لبناء جسور تربطه بقرائه ، بعيداً عن حبس الذات في الطرق التقليدية العتيقة ، والسير نحو استخدام كل جديد والترحيب بكل ما يستجد في عالمٍ لا تكاد تمر فيه يوم إلا وتطرأ فيه تغيرات تسهّل بناء جسور التواصل بين البشر إجمالاً .

وحتى يكون جسر التواصل متيناً يحتاج الكاتب إلى قدرة على رصد تفاعلات القراء حول ما يطرح من أفكار ونصوص ، وهي "تغذية راجعة" تسهّل على الكاتب استقراء الواقع أكثر ، ثم الارتباط به ، وردم الهوة التي يمكن أن تحصل نتيجة إهمال هذه المهمة ، فمن يكتب ويرمي حروفه وأفكاره وهو منعزل عن رصد تفاعلات قرائه لا يأمن أنه يحرث في بحر ويؤسس بيتاً على شفا جُرفٍ هار .

القائمة البريدية

أشترك معنا في القائمة البريدية لتصلك كل الاخبار التي تنشرها الصحوة نت

تواصل معنا

الجمهورية اليمنية

info@alsahwa-yemen.net

الصحوة نت © 2023 م

الى الأعلى