استهداف المنظمات في الضالع.. حرمان للمحتاجين وخدمة لأجندة الحوثيين

استهداف المنظمات في الضالع.. حرمان للمحتاجين وخدمة لأجندة الحوثيين صورة تعبيرية


في منتصف يونيو/ آيار الماضي، اندلع انفجار عنيف بالقرب من مستشفى النصر بمدينة الضالع (جنوبي اليمن)، وبعد أسبوع فقط استهدف هجوم آخر أودى بقتلى وجرحى من الجنود الحراس للمستشفى، وكان ذلك هجوماً يستهدف عدد من العاملين في منظمات الإغاثة الإنسانية في المحافظة.

ورغم جهود تلك المنظمات، في التخفيف من معاناة الموطنين في ظل الحرب للعام الثامن على التوالي، لكنها لم تنجو من هجمات واعتداءات، طالت مكاتبها، وموظفيها في المحافظة التي تشهد معارك متقطعة ما بين الحين والآخر في عدد من الجبهات.

وبرزت الاعتداءات على منظمات الإغاثة في الضالع مع اندلاع المعارك في العام 2015 بين المقاومة الشعبية وميلشيات الحوثي، في أطراف المحافظة التي شهدت حينها حالة من الفوضى وانعدام للأمن والاستقرار، لكن لاحقاً نفذت اعتداءات ممنهجة وتحديداً خلال الأعوام الأربعة الماضية.

ودفعت تلك الاعتداءات عدد من المنظمات تعليق أعمالها وبعضها أوقفت برامجها ونشاطها الإغاثي أو نقلها من الضالع، إلى مناطق أخرى خارج المحافظة، وهو ما حرم مئات المستفيدين من المواطنين المتضررين من الحرب الجارية.

 

سلسلة هجمات ممنهجة

تركزت الاعتداءات وأعمال العنف في "مستشفى النصر" وهو المستشفى الحكومي الوحيد في مركز المحافظة، وتنوعت بين هجمات صاروخية، بقذائف آر بي جي، وإلقاء قنابل يدوية، وإطلاق نار، إضافة إلى تفجيرات، وآخرها اشتباكات دارت في محيط المستشفى مع الحراسة في منتصف يونيو الماضي.

ويوجد في المستشفى عدد من مكاتب المنظمات الدولية العاملة في المجال الطبي، أبرزها منظمة أطباء بلاد حدود الدولية، التي أعلنت في أكتوبر/ تشرين ثاني ٢٠١٨ تعليق جميع برامجها بعد استهداف سكن موظفيها بالمدينة بقنبلة يدوية في ثاني هجوم خلال شهر فقط.

ووفق رصد موقع "الصحوة نت"، لاعتداءات خلال الأربع السنوات الماضية فقد انفجرت عبوة ناسفة بمحيط مستشفى النصر، في ديسمبر 2018، كما اعتدى مسلحون على مقر لجنة برنامج الغذاء العالمي في ديسمبر 2019، وفي ذات الشهر تم تفجير عبوة ناسفة قرب مقر منظمة إغاثية بعد يومين من استهداف مقر 3 منظمات دولية بالمحافظة.

وفي مارس/ آذار 2020، استهدف مسلحون مجهولون منزل طبيب يعمل في احدى منظمات بقنبلة يدوية، دون تسجيل أي ضحايا من أفراد أسرته، وفي إبريل من العام ذاته هاجم مسلحون بقنابل يدوية بوابة مستشفى النصر، وهجوم آخر استهدف مقر منظمة فرنسية، نجم عنه إصابة 3 موظفات يمنيات غداة امتحان مفاضلة بين فتيات متنافسات على وظائف جديدة.

وآخر تلك الاعتداءات في يونيو/ آيار 2022، انفجار عنيف بالقرب من مستشفى النصر، وهجوم مسلح في ذات الشهر أسفر عن مقتل وإصابة عدد من الجنود بمواجهات مع حراسة المستشفى الحكومي.

 

تعليق ومغادرة المنظمات

ودفعت تلك الأعمال والتفجيرات بنحو 12 منظمة إغاثة إنسانية إلى تعليق عملها في مدينة الضالع، وبعضها غادرت ونقلت نشاطها إلى مناطق أخرى، وبدأت بذلك منظمة أطباء بلا حدود في مارس 2018، عقب تصاعد وتيرة الحوادث الأمنية، التي طالتها بشكل مباشر.

وتبعها ثلاث منظمات دولية هي" أوكسفام، الإنقاذ الدولية، وإدرا" هددت بتعليق أعمالها ومغادرة المحافظة، في حين سحبت منظمة "إكتد" الفرنسية موظفيها وأعلنت المغادرة، بعد تعرض مقراتها للاستهداف المسلح، وعاملوها للمضايقات والتهديدات من قبل مسلحين، بالإضافة الى منظمة الغذاء العالمي التي نقلت أعمالها إلى مدينة قعطبة حيث سيطرة ميلشيات الحوثي.

وتسبب تعليق عمل المنظمات في حرمان آلاف الأسر الفقيرة والمتضررة من الحرب، من خدمات طبية وإيوائي مجانية، كانت تقدمها، تلك المنظمات، في ظل تفاقم الوضع الإنساني وإن كانت لا تستوعب الكثير من المحتاجين.

وقال الصحفي محمد الشعيبي "أن معظم الأسر الفقيرة والنازحة بالمحافظة تعتمد وبشكل أساسي على تلك المساعدات والإعانات"، لافتا "أن هذه المنظمات خففت عن الأهالي ومعاناتهم، في معالجة مرضاهم وقدمت خدماتها الطبية مجاناً للمجتمع".

وأجبر مغادرة منظمات الإغاثة مدينة الضالع، الى تحرك من قبل الحكومة والسلطة المحلية، والتي عقدت اجتماعات امنية، وخلصت إلى اتخاذ جملة من الإجراءات الهادفة إلى تطمين المنظمات، والتعهد بتوفير الحماية الأمنية اللازمة لمكاتبها وطواقمها الطبية.

 

معاناة وغياب حكومي

وفي مارس/ آذار 2020 استأنفت منظمة أطباء بلا حدود نشاطها الاغاثي في مستشفى النصر الحكومي بمدينة الضالع، وقالت في بيانها "أن فرقها بالمحافظة عملت منذ 2012 ودعمت خلالها مرافق صحية في مديريات، قعطبة، الزارق، دمت، لعلاج أكثر من 400 ألف مريض".

وبحسب تقرير الاحتياجات الإنسانية لشهر نوفمبر/ تشرين ثاني الفائت، فإن 3208 أسرة نازحة تواجه خطر المجاعة، لا يتوفر لهم غذاء و2038 أسرة بحاجة إلى دفع ايجارات منازلها و3293 أسرة غير متوفر لها مياه صالحة للشرب، فيما أن 3157 أسرة بحاجة إلى مواد غير غذائية.

وبلغت عدد الأسر النازحة في مديرية قعطبة أكثر من 4811 أسرة نازحة في المخيمات والتجمعات السكانية، ولا زالت قعطبة تستقبل عشرات الأسر النازحة وفقا للتقرير الصادر عن الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين بقعطبة، التي دعت المنظمات الدولية إلى تقديم المساعدات الغذائية للنازحين.

وقال الصحفي عبد الرقيب الهدياني "أن الأسباب التي تقف وراء هذه الاعتداءات، لها دوافع سياسية، أو اقتصادية، وبعضها شخصية إنتقامية، أو أخرى ذات دوافع تغلب عليه الصبغة الدينية، التي يجري توظيفها لتحقيق مكاسب سياسية".

وأضاف: "أن السلطات المحلية لا تكترث لمعاناة الناس فإن لم يكونوا قد تسببوا بشكل رئيس عبر التحريض على المنظمات بطريقة أو بأخرى، فهم لا يهمهم أمر الناس وحاجتهم من قريب أو بعيد".

 

حملة تضليل حوثية

وتشن مليشيات الحوثي حملات تضليلية واسعة، تركزت في مجملها على المنظمات العاملة في المناطق المحررة، بهدف إبعادها عن تلك المناطق، وضرب الاستقرار الأمني والمعيشي في تلك المناطق، ومنها محافظة الضالع، ضمن سياسة التجويع التي تنتهجها الميليشيات.

وضمن دعاية الميلشيات التحريضية هي اعتبار ان المنظمات الدولية الحديث على انها تقوم بالتبشير وممارسة الفساد القيمي والأخلاقي بحق الشباب، ومن خلال حملتهم التحريضية يدعون المجتمع للانتصار للعقيدة، وأجندتها ليس الا سياسية بحتة في الحقيقة.

ويرى ناشطون أن المنظمات، يأتي بالتنسيق مع السلطات المحلية بالمحافظة، وغالبية طواقمها وموظفيها من أبناء المحافظة، وهؤلاء على دراية ومعرفة بعادات وتقاليد المجتمع،

وقال الناشط سليم حاتم "إن كيل التهم للمنظمات، والتحريض عليها له انعكاسات سلبية قد تؤدي إلى حرمان الآلاف الأسر من الغذاء والدواء الذي تقدمها برامج الاغاثية الإنسانية".

من جانبه قال الناشط الحقوقي يحيى المريسي "للآسف صدق البعض بالضالع حملة تشويه وتزييف تبنتها مليشيات الحوثي ضد المنظمات الإنسانية العاملة في المناطق المحررة، وجندت لها ذبابها الإلكتروني في مواقع التواصل الاجتماعي".

ويرى الصحفي عبد الرزاق ناجي "أن غياب الدولة في المناطق المحررة عامل كبير لما جرى للمنظمات الانسانية التي انطوى دورها ولم تعد خدماتها تصل إلى المواطنين، كما كان في السابق، نظراً للكثير من العوائق والمشكلات التي واجهتها تلك المنظمات".

وتقول الأمم المتحدة أن ثمة تحديات وعراقيل تقف في طريق تدخلاتها الإنسانية في اليمن، من بينها تلك التحديات التي تواجه طواقمها الميدانية، أو ما تصفه بقيود الوصول إلى المستفيدين، ويأتي العنف، أو التهديد بالعنف، أو الإكراه، ضد العاملين وأصول ومرافق العمل الإنساني، على رأس تلك القيود والتحديات.

بالإضافة إلى تدخلات الأطراف السياسية والعسكرية في تنفيذ الأنشطة الإنسانية، كالضغط على العاملين بالإغاثة للتوجه إلى منطقة جغرافية معينة، أو ربط المساعدات بأجندة سياسيةـ وتقول المنظمات إن تصاعد العنف يعرض حياة موظفيها للخطر ويصبح من الصعب عليها القيام بمهامها الإنسانية للتخفيف من حدة معاناة السكان.

القائمة البريدية

أشترك معنا في القائمة البريدية لتصلك كل الاخبار التي تنشرها الصحوة نت

تواصل معنا

الجمهورية اليمنية

info@alsahwa-yemen.net

الصحوة نت © 2023 م

الى الأعلى